المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر  -36 – المغاربة يتحولون من وافدين إلى مصريين

 “المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر» ،كتاب يتناول دراسة العائلات المغربية في مصر خلال هذه الفترة، وذلك من خلال إبراز دراسة هذه العائلات كخلية اجتماعية اقتصادية متحركة.
هذه الدراسة  سلطت الضوء على عائلات النخبة التجارية المغربية ودورها في الاقتصاد المصري إبان تلك الفترة التاريخية، و كذلك تطرقت إلى المدى الجغرافي الذي اتخذته معاملاتهم بمختلف أنواعها، والرخاء الاقتصادي الذي تمتعوا به.
 الكتاب أصدرته مكتبة الإسكندرية سنة 2015، وهو كما يقول مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين،  ترجمة للعلاقات بين مصر والمغرب العربي، التي هي من الصفحات المشرقة في تاريح الأمم، وأوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين ، أن هذا التاريخ الممتد من العلاقات إلى العصور القديمة،  كان من نتيجتها ،العديد من الأسفار والرحلات من بلاد المغرب إلى مصر ومن مصر إلى المغرب، بل يكشف مدير مكتبة الإسكندرية، أن الروح المغربية موجودة في مدينة الإسكندرية في أوليائها الصالحين وأسماء أحيائها وشوارعها، بل امتد الوجود المغربي إلى مدن أخرى، وفي القاهرة عد ابن طولون مركزا للمغاربة، وما زلنا إلى اليوم نرى في هذا الحي أثرا في بقايا العائلات المغربية القاطنة .
كتاب «المغاربة في مصر خلال القرن الثامن عشر، هو دراسة للمؤرخ الدكتور حسام محمد  عبدالمعطي، أنجزها بمناسبة اختيار المملكة المغربية ضيف شرف معرض مكتب الإسكندرية  الدولي للكتاب سنة 2012. ولأهمية هذه الكتاب/الدراسة، نسلط الضوء على ما جاءت به هذه الدراسة من معطيات التي استندت في إنجازها إلى  العديد من الوثائق التي تبرز حياة ودور المغاربة في مصر،  في العديد من المجالات خلال القرن الثامن عشر .

شكل المغاربة لبئة هامة في البناء الاجتماعي المصري خلال القرن العامن عشر؛ ولم
يحدث  كما تقول المراجع التي استند إليها المؤلف، أن عاش المغاربة داخل المجتمع المصري كجالية أجنبية ذات خصائص اجتماعية وثقافية متمايزة، لكنهم عاشوا كجماعة وطائفة شاركت الأكثرية في الخصائص الثقافية والاجتماعية العامة باعتبارهم جزءا من البناء الاجتماعي أثروا في هذا البناء ثقافيا واجتماعيا، لذلك يقول الكتاب،  فإن المجتمع صهرهم في النهاية ليتحولوا من مغاربة وافدين إلى مصريين؛ ومن ثم فقد أصبحوا يشكلون مع المصريين والشوام والأتراك وغيرهم من الوافدين جسدا اجتماعيا في المجتمع المصري.
وقاربت الدراسة ،جدلية العلاقة بين المجتمع المصري والعائلات المغربية الوافدة،طارحةأسئلة مرتبطة بكيف حاولت أن تستمر متماسكة ا؟ وكيف ذابت في النهاية في بناء هذا المجتمع؟ وما هي العادات والتقاليد التي نقلوها إلى المجتمع المصري؛ والأثر الذي تركوء في البناء الاجتماعي والثقافي والعمراني في هذا المجتمع المصري؟.
يقر المؤلف، أنه سيطرت على مصر خلال العصر العثماني  النزعة  للحكم العثماني والتي كان ينضم بموجبها كافة السكان في طوائف مهنية أو طوائف جنسية؛ ولم يستثن من هذا الوضع سوى ذوي الوظائف المرموقة والعلماء،وكانت هذه الطوائف تخضع لما يتماشى مع طبيعة السياسة الاقتصادية المركزية العثمانية لإشراف السلطة عليها،وقد تمثلت الأهداف الرئيسية من وجود هذه الطوائف في الإشراف على السكان المقيمين في المدن الكبرى. والحفاظ على الأمن والاستقرار وتأمين دفع الضرائب،والقيام بالأعمال العامة والمنافع الخدمية بما يتماشى  مع احتياجات الطائفة.
خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر  يقول الكتاب ،كان المغاربة من كل بلدان الشمال الإفريقي في القاهرة ينتظمون في طائفة واحدة هي طائفة المغاربة في طولون،كما كان شيخ طولون شيخا للتجار المغاربة في طولون أيضًا؛ لذلك فقد كان عادة أغنى وأهم شخصية مغربية في حي طولون، وكان بذلك يمارس
سلطة مزدوجة على التجار وسوق طولون وعلى أهالي طولون أيضا، وهي خاصية تميزبها عن مشايخ الأسواق والطوائف الأخرى،كما كان  يمارس مهام اجتماعية متعددة تجاه طائفته فكان حامي الأرامل واليتامى ، حيث يساعدهم عل نيل حقوقهم وكان غالبا وكيلا لعدد كبير منهم يدافع عن حقوقهم،كما كان في أحيان كثيرة ناظرا ورئيسا للأوقاف الخيرية في الحي.


الكاتب : n إعداد:  جلال كندالي

  

بتاريخ : 10/06/2021