جرت، في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، عملية إطلاق القمر الصناعي «محمد السادس- أ» انطلاقا من قاعدة كورو التابعة لمنطقة غوايانا الفرنسية، في حدث اعتبره المراقبون تاريخيا.
وانقسمت رحلة الصاروخ إلى 3 مراحل، إذ انفصل الجزء الأول بعد دقيقة و32 ثانية عن الإطلاق، وبعد 3 دقائق و40 ثانية افترق الجزء الثاني، كما انفك الجزء الثالث في الدقيقة الـ 6 و34 ثانية، لتسقط كل تلك الأجزاء التي تخلص منها على الأرض.
وواصل القمر الصناعي رحلته إلى الفضاء بعد إشعال المحرك الأول في الدقيقة 8 و3 ثوان، وبحلول الدقيقة 52 و6 ثوان تم إشعال المحرك الثاني، قبل أن ينفصل عن كل المحركات لحظة وصوله إلى مداره في الدقيقة 55 و 32 ثانية عن إطلاقه.
وتشكل هذه الخطوة، التي تتزامن مع احتفال المغرب بالذكرى الثانية والأربعين لحدث المسيرة الخضراء، قفزة نوعية في مجال استخدام المغرب لتكنولوجيا الفضاء لمواجهة التحديات التنموية.
وصمم القمر الصناعي كل من شركة «تاليس إيلينيا سبيس» التي تكلفت بالجانب المتعلق بآليات التصوير وشركة «إيرباص ديفانس آند سبيس» التي اهتمت بتوفير المنصة والجزء الأرضي لتخطيط البعثات ومراقبة الساتل.
ويتميز القمر الصناعي، الذي يبلغ وزنه 1110 كيلوغرامات، بقدرته على خدمة أهداف مدنية وأمنية، إذ من المتوقع أن يتم استعماله لأغراض المسح الخرائطي، والرصد الزراعي، والوقاية من الكوارث الطبيعية وإدارتها، ورصد التغيرات في البيئة والتصحر، فضلا عن مراقبة الحدود والسواحل.
كما ستلعب الصور، التي سيرسلها هذا القمر الصناعي، «دوراً رئيسياً في تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية»، و»ترشيد وتدبير الموارد الفلاحية»، حيث يمكن «الاعتماد على البيانات الفضائية لرصد هذه التغيرات من جهة، وإنتاج قاعدة معلومات وخرائط رقمية تمكن من متابعة الأراضي المزروعة والمحاصيل، كما يساعد على إدارة الموارد المائية بشكل أفضل»، فضلاً عما يوفره في ما يتعلق بــ»مجال التهيئة الحضرية».
وشهد وقائع الإطلاق من قاعدة كورو، وفد مغربي هام ترأسه المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية كريم تاجموعتي، الذي تابع مع أفراد الوفد، عملية الإطلاق لحظة بلحظة عبر الأقمار الصناعية من غرفة العمليات بقاعدة كورو الفرنسية.
القمر الصناعي الذي يحلق على ارتفاع 695 كيلومترا من الأرض، يملك القدرة على التقاط 500 صورة يوميا، ذات جودة ودقة عالية (70 سم في شريط 800 كيلومتر) وإرسالها إلى محطة التحكم الأرضية قرب مطار الرباط – سلا حيث سيقوم علماء مغاربة بتسييره.
وبهذا الإنجاز يصبح المغرب ثالث دولة في إفريقيا تطلق قمرا صناعيا بعد كل من جنوب إفريقيا ومصر، ومن المنتظر أن يتم إطلاق قمر صناعي أواخر السنة المقبلة.
ورأى عدد من الخبراء أن من شأن القمر الصناعي «محمد السادس -أ»، الذي وصفوا عملية إطلاقه بـ»الحدث التاريخي»، أن يمثل «آلية عمل استراتيجي»، فيما يؤكد أن «للمغرب كفاءات وطاقات لا تتوقف عبر تصنيعه وإطلاقه، بل بنيات تحتية مؤهلة بمواردها من داخل المغرب»، مشيرين إلى أنه بهذا القمر الصناعي «صارت للمغرب عين في الفضاء.»
وكان المغرب قد أطلق أول قمر صناعي في العاشر من دجنبر سنة 2001 تحت اسم «زرقاء اليمامة»، حمله صاروخ روسي انطلاقاً من قاعدة توجد بكازاخستان. وجاء اقتناء المغرب لهذين القمرين الجديدين في إطار تعزيز ترسانته الأمنية، ضمن صفقة تمت مع فرنسا سنة 2013، وبلغت قيمتها حوالي 500 مليون أورو.