اختتمت، الأحد ببانجول في غامبيا، أشغال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقد تحت شعار «تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة»، باعتماد البيان الختامي وإعلان بانجول.
واعتمدت قمة منظمة التعاون الإسلامي، التي انعقدت يومي 4 و5 ماي الجاري ، بحضور عدد من رؤساء الدول الأعضاء، أيضا قرارا بشأن فلسطين والقدس الشريف.
ومثل جلالة الملك محمد السادس في هذه القمة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، الذي تلا الخطاب الملكي خلال حفل الافتتاح الرسمي لهذه القمة.
البيان الختامي للمؤتمر، أكد الدور الريادي للمغرب على مختلف الأصعدة، حيث أشاد بالمبادرات التي يتخذها، بقيادة جلالة الملك، سواء فيما يتعلق بمبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، دعم القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية في القدس، المبادرات الإقليمية ومتعددة الأطراف، أو إعلان الرباط حول البلدان متوسطة الدخل ومكافحة الإرهاب والهجرة، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي ودور المغرب في حوار الحضارات وحقوق الإنسان، كما عبر المؤتمر بشكل واضح عن رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس والإضرار بسيادة الدول، مؤكدا أن التهديدات التي تشكلها الكيانات الانفصالية على الاستقرار السياسي والأمني في العديد من المناطق، بما فيها القارة الإفريقية، لا تقل خطورة عن تهديدات الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
الأهمية الإستراتيجية لمبادرة الدول الإفريقية الأطلسية
أكد مؤتمر القمة الإسلامي على الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها مبادرة جلالة الملك محمد السادس لفائدة الدول الإفريقية الأطلسية
وجاء في البيان الختامي، أن المؤتمر يشيد بمبادرة الدول الإفريقية الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك كمسار لشراكة إفريقية هدفها تعزيز روابط التعاون والاندماج بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، بغية توطيد السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة.
كما ثمنت القمة مبادرة جلالة الملك الهادفة إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، والتأكيد على الأهمية الإستراتيجية لهذه المبادرة التي تندرج في إطار التضامن الفاعل للمغرب مع البلدان الإفريقية الشقيقة عموما ومنطقة الساحل على وجه الخصوص.
الرفض التام للمخططات الانفصالية
أكد مؤتمر القمة الإسلامي، رفضه التام لكل المخططات الانفصالية التي تستهدف المس والإضرار بسيادة الدول في منظمة التعاون الإسلامي ووحدة وسلامة أراضيها.
وجاء في البيان الختامي للقمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي، أن التهديدات التي تشكلها الكيانات الانفصالية على الاستقرار السياسي والأمني في العديد من المناطق، بما فيها القارة الإفريقية، لا تقل خطورة عن تهديدات الجماعات الإرهابية والمتطرفة لتحالفهما الموضوعي وتمكنهما من الوسائل المالية والتكتيكية والعملية.
وأضاف أن الدول الأعضاء في المنظمة مدعوة إلى اعتماد مقاربة شاملة ومتكاملة لتعزيز الجهود المبذولة لمكافحة العوامل الأساسية التي تغذي انتشار التطرف والإرهاب والانفصال.
وأعربت قمة منظمة التعاون الإسلامي عن دعمها لأمن بلدان منطقة الساحل وحوض بحيرة التشاد ولاستقرارها ووحدتها وسيادتها وسلامتها الإقليمية ومعارضتها لأي تدخل خارجي في هذه البلدان.
وأكد المؤتمر، في هذا الصدد، على قرار مالي ترجيحها لنهج امتلاك الماليين لزمام عملية السلام بأنفسهم من خلال إنشاء إطار للحوار بين الأطراف في مالي لتحقيق السلام والمصالحة، مما يعني التخلي نهائيا عن ما يسمى باتفاق الجزائر الموقع سنة 2015.
الإشادة بدور جلالة الملك في دعم القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية في القدس
أشادت القمة الـ 15 لمنظمة التعاون الإسلامي، بدور جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في دعم القضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف.
وأبرز القرار المتعلق بفلسطين والقدس الشريف، الذي اعتمدته القمة الإسلامية، أن قمة منظمة التعاون الإسلامي تشيد بالجهود المتواصلة التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، والوقوف في وجه الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهويد المدينة المقدسة.
كما ثمن مؤتمر القمة الإسلامي الدور الملموس الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس الشريف، المنبثقة عن لجنة القدس، من خلال إنجاز مشاريع تنموية وأنشطة لصالح سكان المدينة المقدسة ودعم صمودها.
تثمين المبادرات الإقليمية ومتعددة الأطراف
ثمن مؤتمر القمة الإسلامي مبادرات المملكة المغربية على المستويين الإقليمي ومتعدد الأطراف.
كما أشاد البيان الختامي بالجهود التي قامت بها المملكة في تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين.
وجاء في البيان الختامي أن المؤتمر يشيد بالجهود التي قامت بها المملكة المغربية في تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين وجمعهم حول طاولة الحوار في سلسلة لقاءات في المغرب بهدف دفع مسار الحل السياسي وفق مرجعية اتفاق الصخيرات لسنة 2015 للوصول إلى التسوية السياسية المنشودة.
إعلان الرباط حول البلدان متوسطة الدخل
من جهة أخرى، رحب مؤتمر القمة الإسلامي بـ «إعلان الرباط» الصادر عن المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول البلدان متوسطة الدخل، في فبراير 2024، والذي دعا إلى تعزيز مشاركة هذه الدول في الحكامة العالمية والارتقاء بمجموعة أصدقاء البلدان متوسطة الدخل لتصبح منصة حكومية رسمية للحوار والتحسيس والتنسيق بشأن القضايا التنموية.
مكافحة الإرهاب والهجرة
نوه المؤتمر أيضا بجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، مرحبا، في هذا الصدد، باختيار المغرب من قبل منظمة الأمم المتحدة كشريك من أجل احتضان مكتب برنامج مكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا.
كما أشاد بالتجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب، من خلال رئاسة مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش، وكذا استضافة المملكة لاجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش بمراكش في 11 ماي 2022.
وفي مجال الهجرة، أشاد مؤتمر القمة الإسلامي بدور جلالة الملك محمد السادس كرائد في قضايا الهجرة على الصعيد الإفريقي، ومواصلة المملكة الاضطلاع بدورها كبلد رائد في تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة.
تنويه بحقوق الإنسان
على صعيد آخر، رحبت قمة بانجول بانتخاب المملكة لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برسم سنة 2024، اعترافا من قبل المجتمع الدولي بدورها في الدفاع المتواصل عن القضايا المحورية لحقوق الإنسان.
كما نوهت بإعلان مراكش الصادر عن المؤتمر الدولي الأول حول الآليات الوطنية للتنفيذ وإعداد التقارير والمتابعة في مجال حقوق الإنسان، المنعقد بمراكش في دجنبر 2022.
تعزيز الأمن الغذائي
إضافة إلى ذلك، ثمن مؤتمر القمة الإسلامي جهود المملكة بتقديم الدعم التقني وزيادة القدرة على الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي في العديد من مناطق العالم، بتسخير أكثر من ربع طاقتها الإنتاجية من الأسمدة ومضاعفة الإمدادات منها إلى العديد من الدول التي تعاني من هشاشة النظم الفلاحية، وذلك بتخصيص 4 ملايين طن من الأسمدة لتعزيز الأمن الغذائي في إفريقيا خلال سنة 2023، ما من شأنه زيادة مردودية 44 مليون فلاح في 35 بلدا.
ورحب المؤتمر بحصول المملكة المغربية على وضع شريك الحوار القطاعي لدى رابطة جنوب شرق آسيا «آسيان»، كتتويج لمسار دينامية الشراكات بين المغرب وبلدان جنوب شرق آسيا.
حوار الحضارات
كما أشاد المؤتمر أيضا بالدور الريادي لمركز محمد السادس لحوار الحضارات بمدينة كوكيمبو الشيلية كجسر للتواصل الحضاري بين العالم الإسلامي وبين الدول الأطلسية لإفريقيا وأمريكا اللاتينية على الخصوص.
كما نوه بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن «تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية»، الذي تم تقديمه بمبادرة من المملكة المغربية في 25 يوليوز 2023.
من جهة أخرى، ثمن البيان الختامي تسجيل المملكة المغربية لتراث الملحون في قائمة التراث العالمي غير المادي لليونسكو أثناء الدورة الـ 18 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو المنعقدة بجمهورية بوتسوانا في نونبر 2023، كاعتراف دولي بجهود المملكة المغربية لحماية وتثمين التراث الثقافي المادي وغير المادي، ليصل بذلك مجموع الممتلكات الثقافية المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي لليونسكو إلى 14 عنصرا.