الموسيقار عبدالواحد التطواني سيرة فنان وإنسان (16)

اعتُمِدْتُ مطربا في القصر الملكي وعمري لايتجاوز 23 سنة

 

الفنان الكبير عبد الواحد التطواني، واسمه الحقيقي عبد الواحد كريكش، كان أول فنان مغربي يفتتح البث التلفزي للإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1962 بأغنية،» علاش ياغزالي» مع الفنانة الحاجة الحمداوية .
بحكم دراسته للموسيقى وموهبته المبكرة، وسطوع نجمه في سماء الفن المغربي، التحق سنة 1963 بجوق إذاعة طنجة مع الراحل عبد القادر الراشدي، لينتقل إلى جوقي فاس ومكناس الجهويين، وفي 3 مارس 1968 التحق كمطرب بالجوق الملكي بأمر من المغفور له الحسن الثاني، وكان من بين من حضروا وعايشوا أحداث محاولة الانقلاب الفاشل سنة 1971 بالصخيرات.
غنى من ألحان كبار المبدعين المغاربة، كما غنى من ألحانه كبار نجوم الأغنية المغربية، وراكم العشرات من الأعمال الإبداعية طيلة مسيرته الفنية.
تعددت مواهب الموسيقار عبد الواحد التطواني، لتتخطى الغناء والتلحين والزجل والتشكيل، وتمتد إلى التمثيل، حيث شارك في العديد من المسرحيات وحاز على العديد من الجوائز التقديرية ووسام الاستحقاق الوطني.
الفنان القدير عبد الواحد التطواني يعتبر أول من غنى في أوبيريت في تاريخ الفن المغربي بعنوان ‘‘ بناة الوطن ‘‘، كتبها أحمد الطيب العلج وأخرجها فريد بنمبارك، وكانت من ألحان العربي الكوكبي ومحمد بن عبد السلام، ومن بطولة عبد الواحد التطواني وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وعزيز موهوب وبهيجة إدريس وإسماعيل أحمد ومحمد الإدريسي وقدمت للتلفزيون سنة 1967.
اشتغل، كما تقول سيرته الفنية، إلى جانب الفنان الأسطورة سليم الهلالي، حيث شكلت هذه التجربة إضافة إلى مسيرته المليئة بالعطاءات، ويعد أحد الرواد المتميزين في الموسيقى المغربية، لذلك لقب بـ «كنار المغرب الأقصى» و»مطرب الملوك».
في هذا اللقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، نسترجع مع سي عبد الواحد التطواني مسيرة هذا الرجل الفنان والإنسان.

يروي الموسيقار عبدالواحد التطواني حكاياته داخل القصر الملكي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، منذ أن ولجه كمطرب معتمد هناك، كما يسترجع هنا العديد من المواقف التي كان مسرحها البلاط، حيث كان الملك الراحل يتباهى بالفنانين المغاربة أمام نظرائهم الأجانب، وفي هذا الباب يقول عبدالواحد التطواني:
“التحقت بالقصر الملكي كمطرب وسني لم يتجاوز 23 سنة ،وهو توشيح مولوي في أول مساري الفني،فأن تكون مطربا معتمدا في القصر، فالأمر ليس في متناول الجميع، فكل المطربين المغاربة كانوا يحلون بالقصر الملكي العامر كضيوف بخلاف من اعتمد ليكون ملتحقا بالقصر الملكي، وهو تشريف مولوي يستتبعه تعلم البروتوكول داخل القصر الذي يتميز بانضباط شديد.
كان المرحوم الملك الحسن الثاني شديد العناية بالفنان المغربي كدأب الملوك العلويين جميعا، شخصيا تعلمت من الراحل ملك المغرب الحسن الثاني،وتأثرت بشخصيته كثيرا.فقد تعلمنا منه الاعتناء بأناقة الملبس والحديث،وكان رحمة الله عليه يباهي بنا من يحل ضيفا من الموسيقيين العالميين،ويحرص على أن يكون فوق الخشبة، إذا حضر مطرب من الشرق، أن يجاوره مطرب مغربي.
أتذكر أن المطرب محمد رشدي، كان سيحل ضيفا بالقصر الملكي، وبتعليمات مولوية، كلفت بحفظ أغنية كانت معروفة حينها لمحمد رشدي، تسمى “يا حسن يا مغنواتي”، وقمنا بالتمارين اللازمة، وحل الضيف وتقدم للغناء فوق الخشبة، وبعد عزف المقدمة الموسيقية، أشار الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه على الفرقة أن تتوقف، وأن أصعد إلى الخشبة بجانب المطرب محمد رشدي على أن نغني تباعا بتكرار الجمل الموسيقية،وهي عناية مولوية لإبراز ما يتوفر عليه المغاربة من طاقات كذلك. كان يفعل ذلك رحمة الله عليه مع العازفين لإبراز تمكن العازف المغربي بجانب أي ضيف موسيقى.
الملك الحسن الثاني رحمه الله، كان عبقريا حتى في تعامله الإنساني، فلا ننسى أبدا أننا داخل القصر الملكي-البلاط- إلا أنه كان رحمة الله عليه، يتعامل معنا كضيوف داخل منزله بحسن ضيافة منقطع النظير.”


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 20/04/2022