المياه العادمة تُغرق مجموعة من أحياء «مدينة المونديال» وتدخلات الشركة الجهوية محطّ انتقادات واسعة

باطن أرض المدينة يكشف عن عيوبه بعد التساقطات المطرية ورؤساء مقاطعات يغلقون هواتفهم

 

 

لم تتجاوز التساقطات المطرية التي تهاطلت على مدينة الدارالبيضاء 42 ميلمترا خلال ثلاثة أيام، وفقا للمديرية العامة للأرصاد الجوية، ومع ذلك كانت هذه الكمية كافية لتكشف عن عيوب البنية التحتية لمدينة المونديال، بعد أن تسببت قنوات الصرف الصحي المهترئة والمختنقة؛ سواء تلك التي تم «تجهيز» الشوارع والأحياء الحديثة بها، أو تلك التي تعود إلى مطلع الأربعينات من القرن الماضي؛ في غمر بنايات عديدة ومحلات تجارية بالمياه العادمة، وفرضت على القاطنين بها «الغوص» فيها من أجل إجلاء ممتلكاتهم خوفا عليها من الضرر.
مياه ملوثة اقتحمت مرائب إقامات متعددة، وعطّلت المضخات الموجودة فيها ونفس الأمر بالنسبة للمصاعد، كما هو الحال في زنقة الزهور بتراب مقاطعة مرس السلطان، التي عانت إحدى الإقامات فيها من هذه الوضعية منذ الساعات الأولى لصباح يوم السبت وتواصلت حدّتها وتبعاتها إلى حدّ كتابة هذه الأسطر، في حين وجد المصلون بالمسجد المتواجد في نفس الزقاق أنفسهم محرومين من المرافق الصحية ومن إمكانية الوضوء بعد إغلاقها لنفس السبب، الذي هو ليس وليد اليوم بل يعود لمدة زمنية طويلة ومع ذلك صمّت المقاطعة المعنية بمعالجة هذا المشكل آذانها وأغلقت أعينها، وتركت ساكنة الحي لوحدهم دون تفاعل مع شكاياتهم الشفوية، فقرروا تحرير عريضة وتوجيهها إلى كل من والي الجهة ورئيسة جماعة الدارالبيضاء للتعبير عن رفضهم لهذا الوضع وللقذارة التي تفشت بسببه.
وفي المعاريف وعلى مستوى شارع ستندال، استنجد مواطنون بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لنقل معاناتهم التي تتكرر مع هجوم مياه الصرف الصحي على مرآب الإقامة التي يقطنون بها كلما تساقطت الأمطار، وهو نفس المشهد الذي تكرر بحي كوبا بسيدي بليوط. وفي تراب منطقة السالمية 2 كان المشهد أشد بشاعة بسبب حجم المياه العادمة التي «زحفت» على عدد من البنايات والمحلات التجارية والخدماتية، وهو نفس السيناريو الذي عرفه حي الرحمة الذي عاشت أزقته هي الأخرى حالة من الفوضى بسبب تدفقات المياه العادمة، وكذلك في عين الشق، وفي بوسكورة ودار بوعزة وغيرها.
وضعية جعلت العديد من المواطنين يطرحون علامات استفهام عديدة حول السرّ في عدم معالجة هذه الاختلالات التي يؤدي الجفاف إلى اختفائها لمدة طويلة قبل أن تعاود الظهور مع كل تساقطات مطرية، والتي لا تكون بقوة كبيرة كما كان الوضع عليه في التسعينات نموذجا. ويرى عدد من المنتقدين بأن هذا المشهد إذا ما رافقته عوامل أخرى تتوزع ما بين إعداد بنية تحتية في المستوى، واستمرار تهاطل المطر لمدة طويلة زمنيا وبكيمات كبيرة، وتعبئة الفرق الميدانية للتدخل بشكل عاجل مع إيلاء شكايات واتصالات المواطنين الأهمية الضرورية، يصبح الأمر هيّنا لأن كل الجهود تم بذلها لكن الطبيعة تكون قوتها أكبر في عدد من الحالات، عكس ما إذا تم تسجيل التهاون والتقصير في تجهيز ما يجب تجهيزه وإصلاح ما يجب إصلاحه، وتم ترك المواطنين لحالهم «يهيمون» وسط المياه العادمة دون أن يكون هناك أي تدخل!
وكشفت أزمة التساقطات المطرية البسيطة في الدارالبيضاء عن عقم تواصلي كبير عند عدد من المسؤولين، سواء تعلق الأمر بالشركة الجهوية المعنية التي عوضت شركة ليديك، أو عند عدد كبير من رؤساء المقاطعات ونوابهم وباقي المصالح المختصة، إذ في الوقت الذي أشعر رئيس مقاطعة بيضاوية متابعيه على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي بوضع رقم رهن إشارة المواطنين لتقديم شكاياتهم المرتبطة بتبعات التساقطات المطرية، أغلق آخرون هواتفهم في حين تجاهل باقي من يتحملون المسؤولية معهم في المكاتب المسيرة كل وضع معتل، كما وقع في مقاطعة مرس السلطان نموذجا؟
وعلاقة بتداعيات الأمطار الأخيرة، دعا مواطنون والي جهة الدارالبيضاء سطات إلى حث ممثلي الإدارة الترابية على تسجيل كل المشاكل التي تسببت فيها التساقطات المطرية، والتدخل للتخفيف من حدتها ووقعها، مشددين على أن مدينة المونديال التي يتغير شكلها بشكل إيجابي فوق الأرض، على مستوى البنايات والمنشآت وغيرها، تعاني في باطنها كثيرا ويكون «مخاضها» قصيرا إذ سرعان ما تلفظ ما بـ «أحشائها» خارجا!


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 11/03/2025