«النظرية الجمالية في العروض عند المعري دراسة حجاجية في كتاب: الصاهل والشاحج» للأستاذة نعيمة الواجيدي

 

الكتابُ، في نظري، عملٌ أكاديمي جبار، لا يُقدمُ عليه، ثم يُنجزه، إلا العلماءُ الشجعان. المعري عالمٌ واسعُ الموضوعات. وكل موضوع من موضوعاته غابةٌ كثيفةُ الأشجار، متشابكة الأغصان، مُهَدِّدَةٌ بما تزخر به من الحيوانات الضارية والأشواك والحُفَر والمَهَاوي.
وأصعب أعمال المعري، في اعتقادي، هو كتابُ «الصاهل والشاحج»؛ ذلك أن مؤلفي الكتب يتوسلون بوسائل اللغة والبلاغة والعروض… إلى مقاربة موضوعهم، بينما كان المعري ــ في هذا الكتاب خصوصا ــ يعكس، فيتوسل بموضوعه إلى مقاربة وسيلته… يتوسل برسالة إلى الأمير لمقاربة اللغة والشعر، ومقاربة العروض خصوصا. وإلى هذه الوسيلة/ الموضوع اتجهت نية الأستاذة نعيمة الواجيدي.
ولأن هذا الهدفَ صعبٌ ودقيق، فقد كانت معالجة الأستاذة له رصينة ومستقصية وعميقة؛ رَكَّـزَتْ على العروض في الكتاب، ثم على منظور المعري الجمالي الخاص إلى العروض.
ولأن المعري لا يطرح منظورَه ببساطة ووضوح، بل يطرحه من خلال تناوله للنصوص الشعرية ومقارنة بعضها ببعض، ومن خلال استعراضه لآراء العلماء قبله… لذلك فإن استخلاصَ هذا المنظور يتطلب خبرةً بالعروض وبالمعري معا. ويتطلب تجريدَ مفاهيمه وصقلَها وإبرازَها للقراء… وذلك ما قامت به الأستاذة الواجيدي بلطافة تُثير الإعجاب، حين تناولت مفهوم (الغريزة) في منظور المعري إلى العروض. وقد انتهت الأستاذة الواجيدي إلى نتائج علمية تستحق التأمل من المَعنيين.
آمل أن يحظى هذا العملُ الأكاديمي الرائع، بما يستحقه من واسع التلقي، وأن يُثير لدى المختصين نقاشا يُطور الموضوعَ، ويُلقي المزيد من الأضواء على هذه الغابة المتشابكة التي نُسميها: المعري… والتي أخذت تتحول شيئا فشيئا ــ وبفضل هذه المقاربة وأمثالها ــ إلى حديقة غَـنَّـاء.


الكاتب : أحمد بوزفور

  

بتاريخ : 30/01/2024