رفضت النقابة الوطنية للتعليم العالي المنهجية التي اعتمدتها الوزارة في اقتراح وتعديل دفاتر الضوابط البيداغوجية، والتي اتسمت بانعدام إشراك الأساتذة الباحثين، وتجاوز الشعب والهياكل المنتخبة، في تعارض للمقاربة التشاركية، واختزال عملية الإصلاح في تعديلات تقنية تفتقد لرؤية شمولية ومتكاملة.
واستنكر المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، تدخل هياكل غير قانونية في اختصاصات الهياكل الجامعية عبر إعداد مشاريع “إصلاحية” جزئية مآلها الفشل.
كما عبرت عن رفضها التام لمشروع قانون التعليم العالي في صيغته الحالية، لما يشكله من مس بهوية الجامعة العمومية، وشرعنته للخصخصة والتبعية الاقتصادية، وطالبت الوزارة بالإشراك الفعلي للنقابة في تعديل قانون 00.01، وحملت المسؤولية للوزارة فيما ستؤول إليه الأوضاع إذا ما أصرت على تمرير هذا القانون دون الأخذ بملاحظات النقابة الوطنية للتعليم العالي في هذا الشأن.
واستنكرت تمرير مرسوم يتعلق باختصاصات المؤسسات الجامعية في تغييب تام، مرة أخرى، للشريك الاجتماعي، وطالبت بمراجعته بما يضمن العدالة بين المؤسسات الجامعية .
وطالبت الوزارة بالإفراج الفوري عن مستحقات ترقية 2023 للأساتذة الباحثين، التي أجريت وفق التفسير المتفق عليه للمادة 9، كما هو منصوص عليه في الدورية الوطنية التي عممها المكتب الوطني على اللجان العلمية واللجان الثنائية، وبالإسراع بتقديم مقترح رسمي لتسوية ملف الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، التزاماً بتعهداتها السابقة.
وأدان المكتب الوطني سياسة التسويف والمماطلة التي تنهجها وزارة التربية الوطنية والتقرير في شأن مراكز تكوين الأطر العليا في غياب النقابة الوطنية للتعليم العالي التي اختارها الأساتذة المكونون ممثلاً وحيداً في هذه المراكز.
كما طالبت النقابة وزارة التربية الوطنية بالعدول الفوري عن هذه المباريات وتحويلها إلى مباريات توظيف الأساتذة المحاضرين، وإدماج الباحثين الجدد في إطار أستاذ محاضر على غرار كل المباريات التي نظمتها الوزارة نفسها في باقي قطاعات التكوين الوصية عليها.
وعبرت النقابة عن رفضها أي محاولة لفصلهم عن نظرائهم بالجامعات، والإسراع بإصدار مرسوم التنسيق مع الأكاديميات بما يضمن الاستقلالية البيداغوجية والعلمية والإدارية للمراكز، ويقطع مع الوصاية المزدوجة والارتباك المؤسساتي، والتطبيق الكامل للقانون 01.00 على هذه المراكز.
وطالبت النقابة بتصفية ملف التكليف بالمراكز بتسوية وضعية آخر فوج للمكلفين (2019) الذي بقي معلقاً.
قدمت لجنة الملف المطلبي تقريراً مفصلاً حول سير اجتماعاتها مع مسؤولي الوزارة، حيث تم تسجيل ما يلي:
فيما يخص ملف رفع الاستثناء عن حملة الدكتوراه الفرنسية، عبّر المكتب الوطني عن امتعاضه الشديد من التماطل في طي هذا الملف، مؤكداً على ضرورة التعجيل بإصدار المرسوم المتعلق به، خاصة أنه تم الاتفاق بشأنه بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والحكومة. وقد أفاد ممثلو الوزارة بعقد اجتماع مع مسؤولي وزارة المالية، تم خلاله تقديم توضيحات بشأن التحفظات المثارة حول الملف. وأبدى بذلك مسؤولو المالية تفهمهم، وتم الاتفاق على عقد اجتماع ثلاثي يضم وزارات التعليم العالي والوظيفة العمومية والمالية قبل 18 يوليوز 2025 بمقر وزارة الوظيفة العمومية من أجل الحسم النهائي فيه.
بخصوص ترقية 2023، جدد المكتب الوطني تأكيده التمسك بالمتفق عليه أثناء صياغة المادة 9، وأكدته الدورية الوطنية الصادرة عن المكتب الوطني. والتزمت الوزارة بالشروع في إحالة الملفات إلى وزارة المالية كما توصلت بها من الجامعات، مع التزامها بصرف المستحقات المالية قبل نهاية شهر نونبر 2025.
فيما يتعلق بملف الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، كانت الوزارة قد التزمت في اجتماع سابق بتقديم مقترح رسمي يُشكِّل أرضيةً للنقاش، غير أنها اكتفت بتزويد المكتب الوطني بإحصائيات المعنيين دون عرض رؤية عملية لتسوية الملف. وقد شدد المكتب الوطني على ضرورة التعجيل بطرح مقترح عملي لمعالجة هذا الملف، باعتباره من الملفات العالقة ذات الأولوية، تفادياً لمزيد من الاحتقان داخل الساحة الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر العليا.
كما عرضت لجنة قانون التعليم العالي والبحث العلمي تقريرها حول مشروع القانون، وسجلت استفراد الوزارة بصياغة المشروع بدون أدنى إشراك لممثلي الأساتذة الباحثين، وإخلالها بالمنهجية التشاركية. وتوقفت اللجنة عند خطورة مضامينه الرامية إلى تفكيك المؤسسة العمومية بضرب مجانية التعليم العالي، وتشجيع الخصخصة واعتبار المؤسسات الخاصة مؤسسات عمومية،وشرعنة هيمنة منطق السوق والمقاربة النيوليبرالية. واعتبرت المشروع تهديداً صريحاً للجامعة العمومية واستهدافاً لاستقلاليتها، ولدور الأستاذ(ة) الباحث(ة).
بعد ذلك، استعرضت لجنة مراكز تكوين الأطر العليا وضعية هذه المراكز التي تشهد تدهوراً خطيراً على مختلف المستويات، نتيجة استمرار وزارة التربية الوطنية في رفضها فتح حوار جدي، وتماطلها الممنهج في الاستجابة لمطالب النقابة، وتراجعها عن التزاماتها السابقة. وتزداد خطورة الوضع مع محاولات الوزارة تحويل هذه المؤسسات، التي تُعد مراكز لتكوين الأطر العليا، إلى مؤسسات مدرسية تابعة للأكاديميات لا يتجاوز تصنيفها مرتبة الثانويات، في انتهاك صريح لمرسوم إحداثها، والسماح لفئات أخرى من خارج المراكز باستباحة التكوين بالمراكز، في مصادرة واضحة لمهام الأساتذة المكونين، إضافة إلى حرمان أساتذة الثانوي التأهيلي العاملين بالمراكز من التعويض عن الإطار الذي يستفيد منه نظراؤهم بالثانويات، فضلاً عن حرمان باقي أساتذة التعليم المدرسي العاملين بها من أي تعويض يذكر.
وسجلت اللجنة أيضاً المماطلة غير المفهومة في إصدار مرسوم التنسيق بين المراكز والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بما يتعارض مع النصوص القانونية المنظمة. وفي السياق نفسه، نبهت اللجنة إلى تنظيم مباريات توظيف “أساتذة مساعدين” بمراكز تكوين الأطر العليا التابعة لوزارة التربية الوطنية وذلك بهدف تفتيت هيئة الأساتذة الباحثين وفصلهم عن نظرائهم بالجامعات ومؤسسات تكوين الأطر العليا، بخلق إطار هجين يسمى “أستاذ باحث”، ومنحه مهام فضفاضة وهلامية لا تمت بصلة إلى المهام الأكاديمية والعلمية المتعارف عليها بالنسبة لإطار “أستاذ باحث” في تعارض صارخ مع الشروط المعتمدة في مباريات توظيف الأساتذة المحاضرين بمؤسسات التكوين الأخرى الخاضعة لنفس الوزارة.
كما ناقش المكتب الوطني منهجية تنزيل مشروع الإصلاح البيداغوجي، وسجل رفضه المطلق للطريقة الانفرادية التي تعتمدها الوزارة في تعديل دفتر الضوابط البيداغوجية الوطني، والذي تم تعديله خارج الهياكل القانونية بدون إشراك فعلي للأساتذة الباحثين، ودون منح الوقت الكافي لدارسته داخل الشعب والهياكل الجامعية. وأكد المكتب الوطني أن هذا الإصلاح البيداغوجي يفتقد إلى التقييم الموضوعي للإصلاحات السابقة، داعياً إلى إصلاح تشاركي شامل ينطلق من تقييم علمي وموضوعي ومسؤول، خاصة أن الإصلاح الحالي ما زال في سنته الثانية.