خلد المغرب، على غرار باقي بلدان العالم، يوم أمس الاثنين 18 دجنبر، اليوم العالمي للمهاجرين الذي يبرز أوضاع هذه الفئة التي تساهم بحيوية في التنمية، سواء بالنسبة للبلدان الأصلية أو بلدان الاستقبال، وللتأكيد على الحاجة الملحة لتعاون دولي فعال يفضي إلى التزامات واضحة من أجل حمايتها أمام الإشكاليات التي تطرحها اليوم الهجرة الدولية.
ولذلك، اختارت الأمم المتحدة الاحتفال هذا اليوم في 2017 تحت شعار «هجرة آمنة في عالم متحرك»، وذلك مع تزايد التركيز العالمي على تحديات الهجرة الدولية وصعوباتها الممزوجة بعوامل الخوف من المجهول والطوارئ والتعقيدات، مما يقتضي تعزيز التعاون الدولي الذي تقوم فيه المنظمة الأممية اليوم بدور هام في فتح أبواب النقاش والتفاعل داخل البلدان والأقاليم، فضلا عن تشجيع تبادل الخبرات والتعاون.
وفي رسالة بالمناسبة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن اليوم العالمي للمهاجرين هو «مناسبة نعترف فيها بالإسهامات التي يقدمها 285 مليون مهاجر في العالم ونحتفل بحيويتهم». وأبرز غوتيريش أن ظاهرة الهجرة حاضرة دائما، إذ أنه منذ الأزمنة السحيقة، كان الناس يتنقلون بحثا عن فرص جديدة وحياة أفضل، مؤكدا أن الهجرة ستظل قائمة بسبب التغيرات المناخية والعوامل الديمغرافية وعدم الاستقرار وتفاقم مظاهر التفاوت وتزايد تطلعات الناس إلى حياة أفضل، وكذلك بسبب الحاجة إلى سد النقص الذي يعتري أسواق العمل.
وقال إنه يتبين، بشكل ساحق، أن المهاجرين يخلقون منافع اقتصادية واجتماعية وثقافية داخل المجتمعات في كل مكان، ومع ذلك فإن مشاعر العداء تجاههم ما فتئت، مع الأسف، تزداد في أرجاء العالم، معتبرا أن التضامن مع المهاجرين أضحى اليوم أمرا ملحا أكثر من ذي قبل،
وشدد الأمين العام، في هذا الصدد، على الحاجة إلى تعاون دولي فعال في إدارة مسائل الهجرة لضمان توزيع منافع الهجرة على أوسع نطاق ولحماية حقوق الإنسان المفروضة لكل من يعنيهم الأمر، حماية مناسبة، كما سلمت بذلك خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وذكر غوتيريش أنه في السنة الماضية، التزم قادة العالم باعتماد اتفاق عالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في 2018، مضيفا «فلنلتزم ونحن نتطلع إلى ذلك بالعمل على أن تعود الهجرة بالنفع على الجميع».
وفي رسالة أخرى بالمناسبة، قالت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) أودري أزولاي إن الهجرة ظاهرة عالمية ناجمة عن عوامل كثيرة أبرزها التطلع إلى العيش في ظروف تصون الكرامة وتضمن السلامة، وفي أجواء يسودها السلام، مضيفة أنه يصعب على المرء دائما أن يهجر موطنه، وأن يتخذ هذا القرار العسير الذي يعد بداية رحلة محفوفة بالمخاطر في معظم الأحيان ومميتة أحيانا.
وأكدت أن اليونيسكو تعمل من أجل التقدم في المساعي الرامية للوفاء بالالتزامات المتعلقة بالهجرة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بدءا بالتعليم، خاصة لدى اللاجئين السوريين، إلى جانب عملها، من خلال التحالف الدولي للمدن المستدامة الشاملة للجميع، على تعزيز تشجيع الترحيب باللاجئين على الصعيد المحلي، فضلا عن تعزيز قدرات الصحفيين لتفادي رواية الأحداث المتعلقة بالمهاجرين بطريقة سلبية، ولإبراز وقائع ومصاعب حياة المهاجرين. كما أشارت أودري أزولاي إلى أن اليونيسكو وشركاءها في منظومة الأمم المتحدة يسعون بشكل حثيث، في إطار الفريق العالمي المعني بالهجرة، إلى إعداد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.
وبدوره، أطلق المغرب منذ ،10 شتنبر 2013، ورشا لتجديد سياسته للهجرة، ضمن مقاربة ترتكز في التخطيط والتنزيل على حقوق الإنسان وتدبير تشاركي وفعال وإنساني لتدفقات المهاجرين، حسب الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة.
وأبرزت الوزارة أن المملكة وضعت لذلك استراتيجية وطنية في مجال الهجرة واللجوء، إنسانية في فلسفتها، وشاملة في محتواها ومسؤولة في تنفيذها، وذلك تبعا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، ودستور 2011، وتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان.
وتنبني هذه الرؤية الاستراتيجية على ستة محاور أساسية تتمثل في المقاربة الإنسانية، والمقاربة الشمولية، واحترام حقوق الإنسان، والانسجام مع القانون الدولي، والتعاون متعدد الأطراف، والمسؤولية المشتركة.
ولتفعيل هذه الرؤية الاستراتجية تم إعداد 11 برنامج عمل في مجالات التعليم والثقافة، والشباب والرياضة، والصحة، والسكن، والمساعدة الاجتماعية، والتكوين المهني، والتشغيل، وتدبير تدفقات المهاجرين ومحاربة الاتجار بالبشر، والشراكة والتعاون الدولي، والإطار التنظيمي والتعاقدي، والحكامة والتواصل.
وتهدف هذه البرامج إلى تحقيق اندماج ناجح للمهاجرين واللاجئين بالمغرب، وذلك بتنسيق مع مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية بقضايا الهجرة.
وتم في هذا السياق، فعلا، اتخاذ إجراءات إدارية لتسوية الوضعية القانونية لعدد هام من المهاجرين واللاجئين لتمكينهم من الولوج إلى الحقوق الأساسية، خاصة تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والسكن والشغل والمواكبة الاجتماعية والقانونية، والمرافق الترفيهية والرياضية.
كما يعمل المغرب، حسب الوزارة الوصية، على بناء منظومة وطنية تعمل على تأمين حقوق وحريات المهاجرين، حيث تم إحداث ثلاث مجموعات عمل لصياغة ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالهجرة واللجوء ومكافحة الاتجار بالبشر. وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 دجنبر يوما عالميا للمهاجرين في 4 دجنبر 2000، أخذا بعين الاعتبار الأعداد الكبيرة والمتزايدة للمهاجرين في العالم. كما يتزامن تخليد هذا اليوم مع تاريخ المصادقة سنة 1990 على الاتفاقية الدولية حول حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
وفي 19 شتنبر 2016، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة من الالتزامات خلال أول قمة لها عن التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين، والرامية لتحسين حماية المهاجرين واللاجئين والتي تضمنها إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين.
وتعزز، بشكل ملحوظ، التعاون بين الحكومات في مجال الهجرة منذ إجراء الحوار رفيع المستوى بشأن الهجرة الدولية والتنمية في سنة 2006، الذي أكد مجددا حينها على عدد من الرسائل الأساسية، أولها تشديد الدول على أن الهجرة الدولية ظاهرة متنامية، وعلى أنها يمكن أن تشكل إسهاما إيجابيا في التنمية في بلدان المنشأ وبلدان المقصد، شريطة أن تكون مدعومة بالسياسات السليمة. وثانيا، أكدت الدول أن احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع المهاجرين أمر أساسي لجني فوائد الهجرة الدولية، وأقرت ثالثا بأهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال الهجرة الدولية على الصعيد الثنائي والإقليمي والعالمي.
وعموما، تشير أرقام الأمم المتحدة حول الهجرة إلى أن عدد المهاجرين الدوليين ارتفع من 175 مليونا عام 2000 إلى 232 مليونا في الوقت الحاضر وأن المهاجرين يشكلون ما لا يقل عن 20 في المئة من السكان في 41 بلدا يقل عدد سكان 31 منها عن مليون نسمة.
اليوم العالمي للمهاجرين: نحو إقرار التزام دولي من أجل «هجرة آمنة في عالم متحرك»
بتاريخ : 19/12/2017