للدكتوراة ربيعة ابو المعز حكايات متعددة مع الرضع والاطفال الصغار، فقد كانت ترعبها غير مامرة عملية تشريح تلك الجثت الصغيرة التي أسلمت الروح في ظروف غامضة، وبينما كانت ربيعة تقوم بعض الإجراءات الإدارية، وتحرر بعض التقارير، احيلت عليها جثة رضيع توفي في ظروف غامضة حسب أقوال والدته ، التي عادت إلى البيت في وقت متأخر من الليل دون أن تدري أن يكون الشخص الذي يؤنس وحدتها قد غادر الحياة، لم تتأخر كثيرا ابو المعز في إعلان نتائج هذا التشريح الدي أعلن عن وفاة هذا الرضيع الذي لم يكن سوى عامل الجوع.
وهو ما خلف أثرا عميقا في نفسية الطبيبة وكل الطاقم المساعد لها، إلا أن الدكتورة ربيعة توصلت إلى أن الوفاة لم تكن متعمدة من طرف والدة الرضيع، التي كانت تعيش وضعا هشا جراء ضيق ذات اليد وغياب من يقوم برعاية الرضيع اثناء غيابها، حيث كانت تعمد الى تركه وحيدا في الغرفة التي كانت تكتريها دون اطعامه خاصة أنها كانت تعمل خادمة في البيوت أثناء أوقات مختلفة، وتتحول في بعضها إلى عاملة جنس ، مما كان يعرض حياة رضيعها إلى الخطر دون أن تدري ذلك.
إلا أن القانون يكون في جميع الحالات فوق الجميع ولا مجال ليقدر ظروف هذا أو ذاك ، لأجله تؤكد أن ابو المعز أن والدة الرضيع احيلت على العدالة من اجل الإهمال الذي أدى إلى وفاة مما قادها إلى السجن، إلا أن وضعية هذه المرأة وغيرها من نساء المغرب خاصة النساء العازبات وعاملات الجنس وخادمات البيوت تستدعي أكثر من وقفة تؤكد ابو المعز وبشكل أخص اللواتي لهن رضع وفي غياب من يقوم بالرعاية كالأم مثلا أو الروض أو أحد أفراد العائلة، فيكون من نتائج الإهمال الكوارث إلى تبصم على مسارات تضر بسمعة الوطن.
وبالتالي فإن وضعية الرضيع الذي توفي جراء الجوع تستدعي استحضار وضعية الام التي تعيش وضعا مزريا ومعها الضحية في نفس الآن مما جعلنا أمام ضحيتين وليس واحدة فقط الرضيع الذي رحل إلى عالم الأموات والأم التي وجدت نفسها خلف القضبان لقضاء سنين حبسا نافذا تؤكد ابو المعز.