امرأة في مواجهة الموت 4 : تفروخت تغادر إلى سوس العالمة بتشريح موتاها

اختارت أن تعيش بين الثلاجات وطاولات التشريح، أن ترافق الأموات طيلة 15 سنة تقريبا وهي تستنطق الجثت بحثا عن عدالة فوق الأرض قبل تحتها، مشاريط متنوعة ومناظير مختلفة وحقائب وقناني بيولوجية بمشرطها تُعلي الحقيقة، كما ان تقاريرها لا يدخلها باطل فهي مهيأة لتنصف المظلوم، مشاهد الموت اليومية لم تضعف قلبها أمام موت متكرر ليل نهار وعلى مدار السنة ٠فقد اعتادت العيش وسط أجساد متحللة وأشلاء بشرية واجساد متفحمة واخرى فقدت ملامحها٠من أجل أن تعلن عن الحقيقة كاملة انها الدكتورة ربيعة ابو المعز
خلال هذا الشهر الفضيل سيبحر معنا القارئ لتفكيك جزء من مرويات الدكتورة ربيعة ابو المعز إخصائية الطب الشرعي بمستشفى محمد الخامس.

تمكنت الدكتورة ربيعة ابو المعز من اجتياز اربع سنوات بامتياز عاشت خلالها العديد من الأحداث، فقد وضعت ابنها الأول الياس الذي يبلغ اليوم 16 ربيعا وتركته بين أيادي أمينة فقد تناوب على تربيته والدتها واصهارها فيما هي كانت منشغلة بدراستها وتتبع عمليات التشريح الطبي والإطلاع على أرشيف المصلحة والمساعدة في إجراء الفحوصات وفي الوقت الذي كانت تستعد لاجتياز امتحانات التخرج، وضعت ابنها الثاني ومع إعلان النتائج، كانت ابو المعز قد تم تعيينها طبيبة شرعية بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، تركت الجمل بما حمل، الزوج، والأبناء، بالبيضاء وتوجهت لتستلم مصلحة الطب الشرعي التي كانت قد تأسست على يد زميل لها انتقل إلى مدينة سطات.
وكانت تستقبل عشرات الجثث قصد تشريحها بحكم أنها كانت عبارة عن مصب لكافة الأقاليم الجنوبية، إلا أن جنس ابو المعز كأنثى سيثير العديد من التساؤلات من طرف طاقم بيت الموتى كما كان يسميه ساكنة اكادير والضواحي أو مرتفقيه حتى أن اسم ربيعة أصبح متداولا في كل الأماكن.
كانت الرئيسة الجديدة لمصلحة التشريح الطبي أول ملاحظة تتلاقها من طاقمها المساعد والمتطوع، ان المتطوعة المكلفة بتغسيل الضحايا النساء نصحتها أن هذه المهنة خلقت للرجال فلماذا عاقبتها الوزارة بكل هذه العقوبة ظنا منها أن منصب ابو المعز الجديد في اكادير كان عقابا لها، إلا أنها استطاعت أن تقنع الجميع بما فيه سكان اكادير والضواحي أن هذه المهام لم تعد مقتصرة على الرجال. وتمكنت من إعادة بناء هذه المصلحة ووضعت نفسها رهن إشارة الدوائر القضائية التابعة بأكادير وكانت علاقات مهنية جيدة مع كافة المتدخلين في المهنة
تحضر ربيعة ابو المعز العديد من الأحداث التي صدفتها بمستشفى الحسن الثاني بأكادير أولها أن السلطات المحلية كانت على عجل في نقل جثة شيخ طاعن في السجن كان يعيش وحيدا في إحدى القرى حيث وجدت جثته في حالة تحلل متقدمة بل بدأت الديدان في غزوها حيث كانت ملاحظة السلطات المحلية أن الوفاة طبيعية، إلا أن التشريح الذي أجرته أفاد أن الضحية تعرض لعملية قتل عن طريق الذبح من الوريد إلى الوريد وهي الرواية التي لم تستسغها السلطة لولا اعتقال عصابة لصوص كانت قد نفدت العديد من السرقات بالدوار المذكور، وهو التشريح الأول الذي ساهم في التعريف بعملها وساعد على كشف عصابة اللصوص الذين اعترفوا بقتلهم الشيخ بعد مقاومته والتعرف عليهم.


الكاتب :   مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 06/04/2022