تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل مبكر، وقبل انطلاق موسم الصيف بشكل رسمي، أخذت «أخبار الغرق» ذات الحمولة المأساوية ، تتناسل بشكل مقلق، قارعة جرس الإنذار في أكثر من منطقة ، كما تشهد على ذلك «حالات» اهتزت على وقع قساوتها أسر عديدة منذ مطلع شهر ماي الجاري.
«تلميذان «13 و 14 سنة» فارقا الحياة، زوال الاثنين 2 ماي2022، غرقا في صهريج يستعمل لتجميع مياه السقي بالتنقيط داخل ضيعة بأحد الدواوير التابعة لجماعة مكرس القروية – قيادة سيدي اسماعيل بالنفوذ الترابي لإقليم الجديدة».
«بضاية عين بوتبوقالت، بالنفوذ الترابي لجماعة أيت أحمد بإقليم تيزنيت، لفظ شاب، في العشرينيات من العمر، يوم الثلاثاء 3 ماي 2022، أنفاسه الأخيرة ، بعد أن حل بالمنطقة في رحلة استجمام مع بعض أصدقائه».
«مساء الأربعاء 19 ماي 2022 ، ابتلعت مياه وادي سبو ثلاثة تلاميذ – لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة – ينحدرون من دوار حريض التابع لجماعة سيدي علال التازي بضواحي القنيطرة».
إنها «نماذج» فقط لمآس تعود المنشغل بـ «أحول المجتمع»، للأسف، على حدوثها كلما أعلنت «النشرات الجوية»، الصادرة عن مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، عن معطيات رقمية تؤشر على ارتفاع فجائي في درجات الحرارة، والتي باتت تبلغ أرقاما غير مسبوقة بفعل تداعيات المتغيرات المناخية الثقيلة.
حالات غرق تجعل الأخطار المحدقة بالإقدام على العوم في «مياه الأنهار والسدود والضايات غير المراقبة»، تعود إلى واجهة التساؤلات المقلقة ، وذلك ارتباطا بما تشهده الفترة الممتدة بين منتصف شهر يونيو و بداية شهر شتنبر، من تزايد لأعداد الذين يشدون الرحال صوب مثل هذه «الوجهات» غير الآمنة، بحثا عن ملاذ يوفر لحظات استجمام تخفف عنهم من شدة القيظ الخانق.
واقع تؤكده قراءة خاطفة لمضامين حملات تحسيسية اعتادت الجهات المسؤولة عن وكالات الأحواض المائية، على امتداد الجهات الـ 12، على تنظيمها بتنسيق مع جمعيات مدنية مهتمة، و بشراكة مع السلطات المحلية ومصالح الوقاية المدنية، بهدف «تحسيس الساكنة المجاورة عموما، والفئات العمرية اليافعة، من أطفال ومراهقين، خصوصا، بمخاطر العوم في حقينات السدود ومياه الأودية ..»، والتي كانت برمجتها قد تأثرت بتداعيات «الحرب الوقائية» ضد تفشي جائحة كورونا، بالنظر لكون فضاءات المؤسسات التعليمية أو الأسواق الأسبوعية، تعد أماكن مناسبة لحضور أكبر عدد من الساكنة المعنية، حيث تشكل فرصة ملائمة لـ «توزيع مطويات تحسيسية على سكان القرى المجاورة ، تتضمن تفسيرات وتوضيحات للإشارات المتعلقة بمنع السباحة، ومجموعة من الإرشادات التي يتعين اتباعها في حالة إنقاذ غريق والخطوات التي ينبغي القيام بها لتجويد عملية الإسعاف»، إضافة إلى «دليل شرطة المياه» الذي يتضمن جردا للأدوار المنوطة بالأعوان المكلفين بمهام مراقبة الملك العمومي المائي، وكذا المخالفات والعقوبات المنصوص عليها في القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء».
وحسب بلاغ سابق لوكالة حوض أم الربيع، فإن «العوم ببحيرات السدود»، مثلا، تحدق به مخاطر عديدة ، تتمثل أساسا في «تراكم الأوحال في الجنبات والقعر مع وجود تيارات مائية قوية يمكن أن تجرف عدة أشخاص دفعة واحدة، إلى جانب العمق الكبير للحقينات وصعوبة الإنقاذ في حالة الغرق» كما «أن مياهها التي توحي، من خلال النظرة الأولى، بكونها آمنة ويمكن السباحة فيها، تحتوي على كميات كبيرة من العوائق تشكل سببا رئيسيا في غرق الكثيرين، إذ تجلبهم نحو الأسفل، فلا يكون بمقدورهم الصعود إلى الأعلى، حتى وإن كانوا أشخاصا بالغين أو سباحين مهرة، إضافة إلى عمقها الذي يتجاوز أحيانا 100 متر، وجنباتها غير المهيأة، والتي لا تسمح بولوج سهل للمياه».
هي، إذن، معطيات علمية من الواجب استحضارها بشكل جدي من قبل الجهات المسؤولة في مختلف المناطق المحتضنة جغرافيتها لمثل «المساحات المائية» السالف ذكرها، تفاديا لمزيد من الفواجع، خاصة وموسم الصيف بات على الأبواب، في ظل «قرارات رسمية» تقضي بالتخفيف من «صرامة التدابير» المتخذة للوقاية من الجائحة، والتي طبعت الموسمين الماضيين ، وما يعنيه ذلك من ارتفاع مرتقب لأعداد السياح والزائرين بأكثر من منطقة، يراهن سكانها على رواج «فصل الحرارة» للانعتاق من وطـأة الكساد والأزمة وما ينتج عنهما من توسيع لدائرة الهشاشة المتعددة الأوجه.
اهتزت مؤخرا، على وقع قساوتها أسر عديدة … فواجع العوم في «الأودية» و«المساحات المائية» المماثلة تسائل نجاعة التدابير الحمائية في أكثر من منطقة؟
الكاتب : حميد بنواحمان
بتاريخ : 30/05/2022