بجرة قلم .. تامغربيت

أن تكون مغربيا…
هي أن تحمل في دمائك قوة الرجال وصلابة النساء الذين كتبوا التاريخ وخلدوا بصمتهم فيه، عبر كل المحطات الذهبية الوطنية.

أن تكون وطنيا…
هي أن تلف قلبك برمال الصحراء المغربية ودفء الموروث الثقافي والإنساني أينما حللت وارتحلت.

هي أن تعشق الأحمر المقدس ونجمته الخماسية،
أن تحب دون شرط، وتنتمي دون قيد…،
وأن تعانق كل ذرة تعبق برائحة الوطن و»تامغربيت».

الوطنية؛
ذاك الشعور الخالد الذي لا يغيره الزمن ولا تبدله الأحداث،
ذاك الذي يلازم كل مواطن أينما وطأت قدماه،
ثم يتفجر كينبوع أو بركان، متى استدعت المواقف.

الوطنية؛
هي أن يخفق قلبك للعلم الذي يجمع كل المغاربة باختلاف ألسنتهم ولهجاتهم.
هي أن تركض خلفه، وتفخر بذلك،
هي أن تحمله وكأنك تحمل الكون كله،
هي أن تعشقه وتعمل على إعلائه عاليا.

هذا الانتساب الفخري،
الذي يُعلق كل كبير وصغير من قلبه، الذي يوحد نبضاتهم بتوحد الشعارات الوطنية، ويهز أرواحهم بكل فخر وحب واعتزاز.
هذا الانتساب، الذي يولد بالفطرة ويكبر بالظروف، يرتشفه كل المغاربة على مهل طيلة فترات حياتهم، ويورثونه كرمز، كعشق وانتماء.

لم نكن ننتظر المونديال لندرك أننا نختزن كل هذا الحب، ولكن كغيرها من الأحداث المتواصلة، شاءت هذه المناسبة، أن تمسح بخفة عن قلوبنا بعض التعب، أن تحيي الفرحة المذبوحة بدواخلنا، وأن تبرهن لنا بالملموس مدى عشقنا وجنوننا.

هنا حناجر مبحوحة تهتف بشعارات الوطن، وهناك جحافل حجت من كل البقاع ساقها حلم الوطن.
والوطن شامخ… سامق… شاهد، على هذا الحب اللامشروط وهذه المشاعر النبيلة.

هي مشاهد تصورها ذاكرة القلب، وتتسع لها كل القلوب،
لتعيش أبديا في التاريخ الرياضي المغربي، وعميقا في أعماق كل المغاربة.

ثم كيف يمكن للعبة أن تحبس أنفاسنا لساعتين من الزمن؟ أن ترفع أيدينا للسماء؟ أن توحد هتافنا وتنهيداتنا؟
أن تحشرنا في زاوية واحدة، وتمنع عنا النوم ونحن ننتظر موعد المقابلة…؟
ثم كيف لمقابلة أن تخرج منا أجمل ما يسكننا من حب ومحبة؟

عجيب هذا التناغم الذي تحدثه المستديرة، والذي ترجه الوطنية بقلب كل واحد منا.
عجيب هذا التشابك القوي الذي يربط شرايين كل المغاربة حول الحدث.
وقوي هذا الشعور الذي تشترك فيه كل القلوب ملكا وشعبا، وكل الأفئدة المشجعة للاعبين والناخب الوطني.

اليوم، يكتب المغرب تاريخا عظيما، بشهادة العالم.
اليوم، وبعد سنوات قاحلة، يرتوي المغرب بالفرحة والانتصار.
اليوم وبكل فخر، يجمع المغرب أبناءه تحت الراية الخفاقة، ويُشهد الدنيا أننا نحيا.

 * شاعرة وإعلامية


الكاتب : مريم كرودي*

  

بتاريخ : 30/11/2022