يخوض المنتخب الوطني الرديف محطة مفصلية في مشواره بكأس العرب لكرة القدم، المقامة حاليا في قطر، عندما يواجه نظيره السوري يومه الخميس على أرضية ملعب خليفة الدولي بالدوحة، ضمن الدور ربع النهائي من المنافسة. ويسعى أسود الأطلس إلى تأكيد حضورهم القوي وإثبات جاهزيتهم رغم خوض البطولة بتشكيلة رديفة، بينما يتطلع منتخب سوريا إلى الاستمرار في صنع المفاجآت وتحدي أحد أبرز المرشحين للتتويج.
وتحمل هذه المواجهة المغربية السورية الكثير من الأبعاد التكتيكية والتقنية. فالفوز الثمين الذي حققه المنتخب المغربي على السعودية في دور المجموعات منح اللاعبين دفعة معنوية كبيرة، ورسخ الثقة في قدرات الجيل الرديف بقيادة المدرب طارق السكتيوي، الذي تمكن من توظيف عناصره بذكاء رغم التحديات التي رافقت بداية البطولة.
وبحسب السكتيوي، فإن الإكراهات التي صاحبت تحضير المنتخب كانت مؤثرة في وضعية اللاعبين، الذين التحقوا بالمعسكر وهم يعانون من إرهاق بدني ونفسي نتيجة التزاماتهم القارية مع أنديتهم. مشيرا إلى أن «الغيابات الكثيرة تصعب علينا توظيف اللاعبين بالشكل الذي نطمح إليه، لأننا منذ البداية كنا في وضعية صعبة. اللاعبون عندما التحقوا بالمعسكر كانوا منهكين من الناحية البدنية بسبب التنقلات المتكررة في المسابقات الأإريقية». وأضاف: «خاضوا المباراة الأولى بعياء واضح، إضافة إلى إصابات طالت عناصر مهمة في التشكيلة».
وبالرغم من هذه الصعوبات، تزخر التركيبة المغربية بأسماء لافتة أثبتت قيمتها التقنية في مختلف المحطات، على غرار المهاجم كريم البركاوي، الذي كان حاسما في مباراة السعودية، إلى جانب طارق تيسودالي، ولاعب الوسط المتألق وليد الكرتي، والحارس المهدي بنعبيد، الذي يعد أحد أبرز الوجوه الصاعدة في الكرة المغربية.
وينتظر أن تلعب هذه الأسماء دورا محوريا في مواجهة سوريا، خاصة مع اكتساب المجموعة المزيد من الانسجام وإيقاع المباريات.
في الجانب الآخر، يدخل المنتخب السوري اللقاء بحماس كبير بعدما قدم أداء مميزا في دور المجموعات، ما جعله أحد علامات البطولة اللافتة حتى الآن. فالمدرب الإسباني خوسيه لانا اعتمد نهجا واقعيا يمزج بين الانضباط الدفاعي والاعتماد على السرعة في الارتداد نحو الهجوم، مع استثمار خبرة المهاجم المخضرم عمر خريبين، الذي قاد المنتخب في أكثر من مناسبة لتحقيق نتائج إيجابية، وأثبت أن سوريا قادرة على منافسة منتخبات قوية رغم محدودية الإمكانات مقارنة ببعض المنتخبات العربية.
خريبين، الذي يعد أحد أبرز النجوم السوريين في العقد الأخير، أشاد بالنهضة الكروية التي تعيشها كرة القدم المغربية، معتبرا أن الاحتكاك بمنتخبات ذات مستوى عال يمثل فرصة حقيقية للاعبين السوريين لمراكمة التجربة. وقال: «يعيش المغرب مرحلة ازدهار كروي واضحة، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية. الحضور اللافت للاعبين المغاربة في الدوريات العالمية يعكس حجم العمل داخل المنظومة الكروية. كما أن اعتماد المغرب على المنتخب الرديف لا يقلل إطلاقا من قيمته، فالتشكيلة تضم أسماء شابة تمتلك جودة عالية وقدرات تنافسية قريبة من مستوى المنتخب الأول».
وختم خريبين حديثه بالتأكيد على أن المباراة أمام المغرب تمثل تحديا خاصا، قائلا: «مواجهة منتخب يتقدم بهذا الإيقاع تمنح اللاعبين حافزا إضافيا لاكتساب الخبرة وتقديم أداء يليق بالجماهير السورية والعربية بشكل عام».
وتحمل المواجهة المقبلة قيمة تاريخية أيضا، باعتبارها المواجهة الرابعة فقط بين المنتخبين، حيث تميل الكفة لصالح المنتخب المغربي الذي فاز في مناسبتين مقابل فوز واحد لسوريا، فيما سيكون لقاء اليوم هو الأول بينهما ضمن منافسات كأس العرب. هذا المعطى يمنح المباراة طابعا خاصا، ويضيف قدرا أكبر من الترقب الجماهيري لما يمكن أن تقدمه عناصر المنتخبين من مستويات وأداء تكتيكي رفيع.
وبين رغبة المنتخب الوطني في تثبيت مكانته كأحد أبرز المرشحين، وطموح المنتخب السوري في مواصلة رحلته المفاجئة، ينتظر عشاق كرة القدم العربية مواجهة ساخنة تجمع بين طموح الشباب وخبرة النجوم، في لقاء قد يحدد ملامح المشهد النهائي للبطولة.

