عبد الكريم بنعتيق: آن الأوان للتفكير في توحيد الطاقات لتكون مؤثرة في المشروع التنموي الكبير الذي يقوده الملك محمد السادس
محمد أوجار: لقد جرى الشروع في إصلاح قانون مهنة المحاماة وندعو محامي مغاربة العالم للإنخراط في ذلك
محمد أقديم: سنصل إلى المنشود بالتفكير السليم والعمل الدؤوب
عرفت مدينة أكادير على مدى يومين متتالين، ابتداء من 24 نونبر 2017، أشغال المنتدى الثاني للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج الذي نظمته الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة ، بشراكة مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تخللها نقاش عميق في مواضيع هامة واستراتيجية تهم قطاع المحاماة في دور الاستقبال، حضره ما يناهز سبعة وثمانين محاميا مقيمين بالخارج من عشرين دولة إلى جانب زملائهم في المغرب.
وانكبت أشغال المنتدى على مواضيع همت “حماية حقوق ومصالح الفئات الهشة من مغاربة العالم”، “آليات المساعدة القانونية والقضائية ببلدان الاستقبال”، “العولمة ومهنة المحاماة”.
وتميز النقاش بالتفاعل بين المنصة التي تناول كلماتها محامون وخبراء ومختصون ومهنيون وأطر بوزارتي العدل والوزارة المكلفة بمغاربة العالم. وتناولت محاورها- التي تابع جلساتها الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة –في جلسات متواصلة مختلف الإشكاليات والتحديات ومقترحات الحلول. وفي المحور الخاص بحماية حقوق ومصالح الفئات الهشة من مغاربة العالم، دار النقاش حول عدم استفادة المسنين المغاربة المقيمين بفرنسا من التغطية الصحية في حالة العودة الاختيارية للاستقرار بالمغرب، وإلزامية مدونة الضمان الاجتماعي الفرنسية المسنين المغاربة بعدم الإقامة خارج فرنسا أكثر من 181 يوما وإلا فقدوا بعض التعويضات التكميلية؛ وغياب الدعم القضائي أو ضعفه في كثير من الأحيان للفئات الاجتماعية الهشة ببلدان الاستقبال؛ كما تطرقت الجلسة الأولى التي سيرتها الأستاذة لطيفة توفيق رئيسة غرفة محكمة النقض، وشارك فيها كل من نسرين الزهود وعبد الكريم كريني من فرنسا، وصالحة أعراب وكريم المربوح من إسبانيا، وكوثر بدران من إيطاليا، وأحمد لهديم من بلجيكا، إلى الصعوبات التي تعترض مغاربة العالم المقيمين بفرنسا في المجال الجنائي، وعلى رأسها التمييز إما على أساس الجنس أو السن أو البيانات الإسمية؛ والذي يعد جنحة يعاقب عليها قانون هذا البلد؛ ثم إشكالية تحديد مصلحة القاصرين والأنظمة القانونية المطبقة في هذا الشأن من طرف السلطات الاسبانية ولجوئها إلى خيار الترحيل؛ طول مسطرة بت السلطات الإسبانية في منح حق الإقامة للقاصرين غير المرافقين؛ واشتراط الدخل المرتفع لأحد الأزواج للاستفادة من نظام التجمع العائلي مما يتعارض مع المواثيق الأوروبية في مجال حقوق الإنسان. كما تطرقت الجلسة إلى تخوف العائلات من إيواء المحكوم عليهم بعلة أنها في إطار مباشرة إجراءات اكتساب الجنسية كما في الحالة بإيطاليا التي يسمح قانونها باستكمال العقوبة السجنية في البيت، وإشكالية تنازع القوانين والاعتراف بالأحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به بين المغرب وبلدان الإقامة، خاصة في ما يتعلق بالكفالة والحضانة والطلاق وغيرها.
وانكبت الجلسة الثانية حول آليات المساعدة القانونية والقضائية ببلدان الاستقبال، والتي سيرها الأستاذ الحسن الكاسم، مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل، وشارك في تأطيرها كل من الأساتذة، هلال تركو لحليمي من إسبانيا وألفة السعيدي من هولندا ونوفل بالغازي من كندا وأمل أميح من أمريكا ، على إشكالية عدم دراية كثير من مغاربة العالم بالقوانين المطبقة وبلغة بلدان الإقامة مما يجعلهم في حاجة مستمرة للاستشارة والتوجيه القانونين؛ وعلى الحماية القانونية لضمان الحق في المساواة في التقاضي لكافة الشرائح الاجتماعية، بناء على -المواثيق الدولية-تشريعات بلد الإقامة؛ والاتفاقيات الثنائية المبرمة بين المغرب وبعض بلدان الإقامة. كما تطرق المتدخلون إلى مختلف التحديات القانونية والمسطرية التي تواجه الفئات الهشة المقيمة بالخارج والتي تزداد حدتها نظرا للأوضاع المادية الصعبة. وانصبت الجلسة الثالثة التي سيرها رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب على مناقشة العولمة ومهنة المحاماة، وشارك في تأطيرها كل من الأساتذة محمد جناح رئيس قسم الشؤون القضائية بوزارة العدل وخليل الإدريسي من المغرب ومحمد أزواغ من فرنسا، وإدريس جدي من إسبانيا، وتناول النقاش تحول المحاماة من مهنة حرة إلى سوق للخدمات القانونية بفعل العولمة وتجلياتها والثورة الرقمية والانفتاح الدولي، تراجع دور الدولة التدخلي، واعتماد مفهوم العدالة التوقعية، كما تناول النقاش غياب الملاءمة القانونية بين المغرب ودول الاستقبال والحاجة إلى مجهود تشريعي في هذا الصدد لمواكبة تحديات العولمة. ومن أبرزها الصعوبات والإكراهات التي تعترض مهنة المحاماة بالمغرب لاسيما في ما يخص ارتفاع تكلفة الانخراط في المهنة ومنع الإشهار وإحداث فروع للمكاتب وغياب آلية تؤطر تحديد الأتعاب وغياب مدونة للسلوك.
يذكر أن الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة اختارت أن تنظم هذا الملتقى الهام بمدينة أكادير والتي قال عنها بنعتيق في كلمته التي ألقاها أمام المنتدى خلال جلسة الافتتاح، إنها بوابة الجنوب المؤدية إلى الصحراء المغربية والتي تعتبر قبلة هامة في كافة الواجهات السياسية والاقتصادية والثقافية. وأكد أن الوزارة تعمل بمقاربة جديدة لبلورة تصور جديد في التعاطي مع مغاربة العالم، مؤكدا أن «هناك شرائح وصلت إلى مواقع مهمة على مستوى التدبير وصناعة القرار والتأثير في صناعته، والآن آن الأوان للتفكير في توحيد الطاقات وأن تكون مؤثرة في المشروع التنموي الكبير الذي يقوده الملك محمد السادس».وعبر بنعتيق عن اعتزازه بالحضور المكثف ل 87 محاميا مغربيا مقيما بالخارج مع عدد أكبر من محامين ممارسين بالمغرب، والذين يشكلون قيمة تدعو للفخر والاعتزاز بهذه الفئة من الجالية المغربية التي تتحدث مختلف اللغات. وبدا بنعتيق متشبثا بقناعاته في تنظيم الموارد البشرية الهامة من جاليتنا بالخارج، مؤكدا عزم وزارته تنظيمهم في عدة مجالات مهمة، كالطب والصيدلة والهندسة، لجعل هؤلاء المغاربة نواة صلبة وقيمة مضافة في كافة الواجهات، بما في ذلك واجهة الدفاع المنظم عن قضايانا الاستراتيجية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية.
وأكد وزير العدل محمد أوجار أنه قد جرى الشروع في إصلاح قانون مهنة المحاماة، داعيا المحامين من مغاربة العالم إلى المشاركة في الورش لنقل تجارب البلدان التي يزاولون فيها، وتوحيد الجهود لتقوية الحضور والعناية بمغاربة العالم.
وأضاف أوجار في كلمته التي ألقاها في افتتاح المنتدى، أن المسؤولية ملقاة على عاتق المحامين للدفع بمسلسل التنمية المجتمعية وبناء دولة مرتكزة على العدالة وحقوق الإنسان والمساهمة في تمكين المغرب من اكتساب مزيد من الاحترام على المستوى الدولي. وأفاد أوجار بأن المملكة تعيش أوراشا إصلاحية كبرى تعززت مع اعتلاء محمد السادس للعرش، مستعرضا ما جرى تحقيقه منذ التعديل الدستوري لسنة 2011، وخصوصا في المجال القضائي، «حيث جرى الرقي بالعدالة إلى سلطة مستقلة موازية للسلطة التشريعية والتنفيذية، وإصلاح منظومة العدالة، وغيرها من المنجزات التي يحق الافتخار بها».
وفي كلمته أشاد النقيب محمد أقديم، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بتنظيم الملتقى الذي اعتبره فرصة للتعارف والتلاقي وتبادل الخبرات والمعارف بين محامين مغاربة من العالم وزملاء لهم يمارسون بأرض الوطن.
وخاطب الحاضرين قائلا «ستجرون قاطرة التنمية لبلدكم وستجدون فينا كل السند والدعم، لأننا نحب بلد أجدادنا وآبائنا وبلدنا وبلد أبنائنا، والذي يسير بخطى حثيثة، وسنصل إلى المنشود بالتفكير السليم والعمل الدؤوب».
أبرز المقترحات والتوصيات:
– يتعين، وبمبادرة من الحكومة المغربية، تعديل اتفاقية الضمان الاجتماعي المبرمة مع الحكومة الفرنسية أو غيرها من دول الإقامة التي يعاني فيها مغاربة العالم من التمييز أسوة بما هو معمول به في إطار الاتفاقية التي تجمع بين بلجيكا والمغرب؛
-دراسة إمكانية تمكين المسنين المغاربة من توطين عملية الأداء الضريبي؛
في حالة القاصرين غير المرافقين، يقترح إيلاء مسطرتي القيم والوصي لأحد أفراد الأسرة أو الشخصيات القانونية المرجعية في هذا الإطار؛
خلق بنك معلومات مشترك بين هيئات المحامين المغاربة داخل وخارج أرض الوطن لتبادل الخبرات القانونية والاجتهادات القضائية؛
-اختيار مواضيع وقضايا ضمن المنتديات المقبلة تكون موضوع نقاش بين المحامين المغاربة المزاولين بالخارج ونظرائهم بأرض الوطن وفق القانون المقارن.
– استبدال العقوبة الحبسية بالطرد الإداري.
-تفعيل شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج التي تضم أكثر من ثمانين محاميا مزاولين بأكثر من 20 بلد إقامة للدفاع عن الحقوق والمكاسب المشروعة لمغاربة العالم؛
– يسمح لأي محام من مغاربة العالم أن يترافع أمام القضاء المغربي للدفاع عن المغاربة المقيمين بالخارج دون إلزامه بالحصول على إذن بالترافع أو أي شرط وفي غياب اتفاقية مبرمة في هذا الشأن؛
-في غياب اتفاقيات ثنائية، يتعين دراسة سبل تفادي تنازع القوانين خاصة في نظام الأسرة والأحوال الشخصية من خلال تعزيز آليات التعاون بين شبكة المحامين بالخارج ونظرائهم بالمغرب؛
-دعوة المحامين المغاربة بالخارج إلى مواجهة بعض الأحكام التي لا تعترف بالكفالة والتي يقابلها التبني في تشريعات بلدان الإقامة؛
-دعوة المحامين المغاربة بالخارج إلى التكتل في إطار جمعيات مع تعزيز دورها لخدمة الفئات الهشة من مغاربة العالم؛
-توسيع إبرام الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وبلدان الاستقبال في مجال حماية حقوق ومصالح مغاربة العالم.
-تفكيك النظام القانوني وإصلاح المنظومتين التعليمية والقانونية، وفق مقاربة تشاركية تراعي الرسالة النبيلة للمهنة؛
-الانخراط في ملاءمة توافقية تتجاوز الحواجز وتساير الانفتاح والثورة الرقمية والتلاقح في الوسط المهني القضائي بكل مكوناته؛
-تطوير الإطار القانوني من خلال توسيع مجال الاتفاقيات الثنائية قصد تجاوز شرط الجنسية أو نهج مبدأ المعاملة بالمثل؛
-عقد شراكات مع مكاتب المحاماة الأجنبية ومأسسة التعاون مع شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج؛
-تحديث وعصرنة مهنة المحاماة بالمغرب واستلهام التجارب الفضلى المعمول بها في بعض الدول الأنجلوسكسونية قصد مواكبة التحولات؛
مواجهة المنافسة والتحولات الدولية المحيطة بمهنة المحاماة من خلال مجموعة من الآليات منها: الاستثمار في العنصر البشري(التكوين المستمر، اعتماد التخصص) والانفتاح على الذكاء القانوني وتتبع نشر المعلومة القانونية وخاصة القرارات والاجتهادات القضائية.