بسبب الاستنزاف الكبير لها .. فلاحون ونشطاء يطالبون بحماية الأراضي الفلاحية من الهدر المائي ومنع كرائها لـ «المستثمرين»

قررت مصالح الإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية في عدد من المناطق مواجهة كل أشكال الاستغلال العشوائي وغير القانوني للأراضي الفلاحية، والتصدي لكل أنواع الهدر والاستنزاف المائي، وأشهرت هذه المصالح، كما هو الحال بالنسبة لمنطقة ميدلت نموذجا، ورقة المنع في وجه عدد ممن تتم تسميتهم بـ «المستشمرين» القادمين من خارج الإقليم، الذين يسعون لكراء مساحات كبيرة وهكتارات شاسعة وآبار لاستغلالها في زراعات مستنزفة للمياه.
عملية، دأب عدد من «المستثمرين» في هذا المجال على القيام بها خلال كل موسم، في مجموعة من المناطق المختلفة، حيث يعملون على استئجار أراضي فلاحية من أصحابها والآبار التي تحتويها كذلك، التي تشتغل على مدار الساعة ليلا ونهارا بدون توقف لمدة تتراوح ما بين خمسة وستة أشهر، لسقي المزروعات المختلفة، التي تتطلب كميات جد مهمة من المياه، كما هو الحال بالنسبة للجزر والبطاطس والبطيخ وغيرها. كراء، يؤكد عدد من المختصين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» على انه غير قانوني، مشددين على أنه ظل خطوة يتم التعامل بها لسنوات طويلة وفي أرجاء مختلفة من البلاج، في مقابل غض الطرف من لدن عدد من المصالح المعنية، التي وبفعل وضعية الإجهاد المائي التي تمر منها بلادنا خلال السنوات الأخيرة، باتت تتدخل إما بشكل استباقي للحيلولة دون تكرار هاته السيناريوهات، أو بعد تلقيها لشكايات في هذا الباب بعد إقدام البعض على «استنساخ التجربة»، في حين أنه في مناطق أخرى لا يزال الوضع على ما هو عليه، بالرغم من التهديدات التي تشكّلها هاته العملية على البيئة وعلى مستويات العيش وعلى مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وشدّد عدد من المتتبعين والمهتمين في تصريحات للجريدة على تحية مجهودات السلطات المختصة من مختلف المستويات والجهات، التي تقف في وجه هاته الممارسات المستنزفة للفرشة المائية والمهددة للأمن المائي، مؤكدين على أن البحث عن الماء من خلال حفر الآبار في عدد من المناطق بات يتطلب عمقا يتجاوز الـ 120 مترا، وقد يمتد أمر «التنقيب» عنه إلى غاية عمق 150 مترا، في الوقت الذي كان من السهل سابقا الوصول إلى الماء على عمق 20 أو 30 أو حتى 40 مترا، وهو ما يبين حجم الخصاص الكبير في هذه المادة الحيوية التي هي عنوان على الحياة، وطبيعة الازمة التي تعانيها ساكنة القرى والجبال بحثا عن الماء.
وأبرز عدد من المتدخلين أن كراء الأراضي للغير يعتبر «عادة سيئة»، مشددين على أنه كان من الممكن تقبل مبررات هاته الخطوة في وقت سابق، بالرغم من عدم قانونيتها، لأن استغلال البئر بأرضه يجب أن يكون من طرف صاحب «العقار»، لكن وفي ظل أزمة المياه اليوم، وضعف التساقطات الثلجية والمطرية على حدّ سواء، بات من الضروري وبشكل جدّ ملحّ الحفاظ على المخزون المائي المتوفر، على ندرته، من أجل استغلال عقلاني عنوانه الترشيد.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 12/06/2023