حمّل وزير الصحة والحماية الاجتماعية الواقع المزري لعدد من المستشفيات العمومية، بالرغم من الجهود التي يبذلها جنود الوزرة البيضاء ليل نهار، وفي ظل وضعيات جد صعبة وتحديات بالجملة، من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين وعموم المتدخلين، إلى التراكمات البنيوية، معتبرا أن هذا الواقع لا يعود إلى ظرفية آنية.
وأكد التهراوي خلال ردّه على أسئلة النواب البرلمانيين في جلسة أول أمس الاثنين، أن تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض كشف عن الإكراهات التي تتخبط فيها الصحة العمومية، سواء على مستوى البنيات أو التجهيزات أو الموارد البشرية أو على مستوى جودة الاستقبال، وذلك بسبب ما وصفه الوزير الوصي على القطاع بالارتفاع غير المسبوق في الطلب على الخدمات الصحية.
التهراوي الذي تسلّح بالخطوات التي رافقت تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، التشريعية منها والتنظيمية، والذي قدّم معطيات رقمية اعتبر بأنها تهدف إلى تحسين جودة الاستقبال واستمرارية الخدمات خلال أسابيع وأشهر قليلة، بالتوازي مع الإصلاح الهيكلي، لضمان ولوج منصف وفعال للرعاية الصحية وتحقيق نجاح ورش التغطية الصحية الشاملة، استعمل نفس الخطاب السياسي الذي يروّج له الحزب الأغلبي الذي يقود الحكومة منذ مدة والذي يسعى للتملص من كل مسؤولية بخصوص تدبير هذا القطاع والمشاكل التي يتخبّط فيها، وكأن الحزب المذكور لم يكن فاعلا أساسيا لا خلال المرحلة الحالية ولا خلال حكومات سابقة.
واعتبر فاعلون صحيون في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن تصريحات الوزير بشكل كلّيّ والادعاء بأن مشاكل الصحة العمومية طفت على السطح بعد الرفع من مستوى التغطية الصحية هو أمر نسبي لأن معضلات وأعطاب القطاع هي واضحة منذ مدة ليست بالهيّنة، وتكفي العودة إلى ما عرفه القطاع من مخاض منذ بدايات الحكومة الحالية للمطالبة بعدد من الخطوات الإصلاحية سواء في علاقة بمطالب المهنيين أو انتظارات المواطنين، لكي يتبيّن وبالملموس على أن هناك فرقا كبيرا بين الخطاب والممارسة في مسار الحكومة التي يرأسها حزب التجمع الوطني للأحرار.
وانتقد مهتمون بالشأن الصحي الزجّ بالقطاع في مسار طويل من الاحتقان عرف احتجاجات عارمة لعدد من النقابات القطاعية، وطال أوجها متعددة من الممارسة الصحية، تعطّلت خلالها المؤسسات الاستشفائية بل أن العنف كان هو الآلية التي تدخلت بها الحكومة لتدبير هذا الملف. وأبرز المتحدثون للجريدة بأن الحوار بين الشركاء الاجتماعيين والحكومة عرف مدّا وجزرا قبل الوصول إلى اتفاق أول فمحضر اتفاق يوليوز 2024، وخلال كل هذه المدة كان التنصل من المسؤولية وعدم الوفاء بما تم التوصل إليه بين جميع المكونات هو العنوان الأساسي على هذه التجربة الحكومية التي توجد في مرحلتها الأخيرة.
وفي السياق ذاته تتواصل الانتقادات القادمة من مختلف المستشفيات بسبب طول آجال المواعيد، وظروف الولوج للاستفادة من الخدمات الصحية المختلفة، واستمرار أعطاب التجهيزات البيوطية، ومطالبة أسر العديد من المرضى الذين يتم الاحتفاظ بهم للعلاج باقتناء أدوية ومستلزمات مختلفة، فضلا عن القيام بتحاليل وفحوصات تكميلية خارج عدد من المرافق الصحية، مما يجعل منها مجرد بنيات وأسوار بدون فعالية في كثير من الحالات، بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام؟
بسبب ما اعتبرته ارتفاعا غير مسبوق في الطلب على الخدمات الصحية .. تعميم التغطية الصحية كشف عيوب المستشفيات العمومية حسب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية!
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 24/12/2025


