بعد أن انتقل إلى مرحلة التخطيط للقيام بـ «الفعل الجرمي» : هل «القاصر» اليوم يقف على قدم المساواة، في ما يخص درجة البراءة، مع «قاصر» سنوات ما قبل ظهور «الفايسبوك»؟

 

«لم تعد الأفعال الخطيرة المرتكبة من قبلهم تصنف ضمن خانة الاستثناء، بقدر ما باتت ترتدي لبوس «القاعدة» ذات التداعيات الثقيلة على أكثر من صعيد»… إنها الخلاصة القاتمة التي يخرج بها المنشغل بـ «أحوال المجتمع «وهو يحاول قراءة ما يؤشر عليه استفحال «مسلكيات البلطجة» و«التخريب» التي تطال الممتلكات الخاصة والعامة مع مطلع كل يوم جديد في أكثر من مدينة، والتي يقف وراءها – في الغالب – يافعون، تصفهم البلاغات الأمنية ذات الصلة بـ «القاصرين «، استنادا إلى «التصنيف القانوني» لفئتهم العمرية!
وصف – واستحضارا لعدد من المستجدات المجتمعية المتلاحقة – يجعل المرء يتساءل: هل «القاصر» اليوم يقف على قدم المساواة، في ما يخص درجة البراءة، مع «قاصر» سنوات ما قبل ظهور «الفايسبوك « وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي؟
سؤال بات موضوع انشغال العديد من الباحثين الاجتماعيين، في العديد من البلدان، بالنظر لخطورة «الأفعال الجرمية» المرتكبة من قبل الأحداث / القاصرين ، إناثا وذكورا، كما تشهد على ذلك الإحصائيات المقلقة الصادرة عن السلطات والمؤسسات القضائية المختصة بين الفينة والأخرى.
أفعال من قبيل تلك التي كانت بعض المدن المغربية، مؤخرا، مسرحا لها . ففي تيزنيت، المدينة الهادئة المحافظة، ألقت المصالح الأمنية القبض على ستة تلاميذ، بتهمة «تكوين عصابة تقوم بتنفيذ سرقات من داخل المنازل بأحياء متفرقة من المدينة، وكذا في الشارع العام»، وتمت إحالة الموقوفين/ «التلاميذ» على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير.
وبـ «بني أنصار» بإقليم الناظور، تم اعتقال ثلاثة تلاميذ، على خلفية تورطهم في قضايا التشهير بقاصر وابتزازها، وذلك عقب شكاية تقدمت بها تلميذة تدرس بإحدى الثانويات، أكدت من خلالها لعناصر الشرطة أنها تتعرض للابتزاز من طرف تلاميذ يدرسون معها؟
أما بخصوص وضعية الدارالبيضاء، فـ «جرائم» اليافعين بشتى تجلياتها، أضحت توحد مختلف أحيائها، تعلق الأمر بالقديمة منها أو المستحدثة في الضواحي تحت ضغط التوسع العمراني وتزايد الكثافة السكانية، ويكفي التوقف هنا عند «الأفعال التخريبية» التي طالت حافلات النقل الحضري الجديدة بمجرد ملامسة عجلاتها لأسفلت الطرقات البيضاوية يوم السبت 13 فبراير 2021، ليتواصل «المسلسل» في الأيام الموالية ناشرا معه كل أسباب القلق وعدم الاطمئنان؟
مستجدات «جرمية» تجعل المتتبع يتذكر الغضب العارم الذي كان فد خلفه الفيديو، الموثق لمشاهد اعتداء «خطير» وقع يوم الأحد 20 غشت 2017،على فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل إحدى حافلات النقل الحضري البيضاوية، والذي تورط في فصوله القاتمة يافعون «بين 15 و17 عاما».
تنضاف إلى ما سلف من نماذج، حالات الاعتداء المتكررة على رجال ونساء التعليم، من طرف تلاميذ وتلميذات مستويات الإعدادي والتأهيلي، تعلق الأمر بالسب والقذف العلني أو المس بالشرف من خلال استعمال تقنيات «الهواتف الذكية»، أو توجيه الطعنات بالسكاكين والسيوف، إلى جانب «الإدمان على المخدرات»، حيث لاتتردد عصابات «تسويق السموم»، في توظيف مختلف وسائل الإغراء للإيقاع بأكبر عدد من اليافعين، والتي تصل حد استقطاب العشرات منهم وتكليفهم بترويج «قطع من الحشيش وأقراص مهلوسة» بين تلاميذ المؤسسات التعليمية؟
وبشأن هذا «المستجد الجرمي» المقلق وانتقال «القاصر» من مرحلة تنفيذ «مهام» توكل له من قبل «راشدين»، إلى مرحلة أخذ المبادرة والتخطيط للقيام ب»الفعل الجرمي» مع سبق «الإصرار والترصد»، وفي أفق القطع مع وضعية التأرجح بين «القصور العمري» و«الرشد الإجرامي»، والعمل على سد «فراغ» يستغله العديد من عتاة الإجرام – بمختلف تمظهراته – لتوظيف قاصرين وقاصرات في أنشطتهم المحظورة، دعا – في أكثر من مناسبة – بعض «القانونيين»، إلى «تخفيض سن الرشد الجنائي»، استحضارا لبروز مؤشرات عدة تثبت أن يافعي الزمن الحالي، باتت لديهم القدرة على «التمييز» بين الأفعال الموجبة للعقاب والأخرى التي لا ضرر، يلحق بالفرد أو الجماعة، جراء اقترافها، حيث أضحى «من غير المنطقي الاعتداد بسن ال 18 كسن للإدراك والمسؤولية الجنائية»، مع التأكيد على أن «ظاهرة» الفعل الجرمي الآخذة في الاستفحال وسط الفئات العمرية الناشئة، تسائل الجميع، انطلاقا من الأسرة والمدرسة وباقي السلطات ذات الاختصاص، بعيدا عن أسلوب «رمي الكرة» إلى «ملعب» جهة معينة، والاكتفاء باقتعاد كرسي المتفرج المحايد؟


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 01/03/2021