بعد أن «جردت» من تظاهراتها الدولية جماعة الدارالبيضاء تشد الرحال إلى عام من الجمود بعد سنة من الفراغ؟

نحن على بعد أيام قليلة جدا من دورة فبراير لمجلس مدينة الدارالبيضاء، ولحدود الآن لم يظهر جدول أعمال هذه الدورة أو ملامح البرامج التي ستسطر فيها، حتى إذا سألت أي عضو من أعضاء المجلس سيجيبك أنه لا علم له بما يدور وما يناقش، وبأنه مثله مثل الساكنة ينتظر الورقة اليتيمة المرقمة تحت نقط لا يعلم عنها أي شيء، لأنه لا يشرك إلا عند دعوته لأشغال اللجن التي لا تعقد إلا في الدقيقة التسعين، أي ليلة قبل الدورة، وها قد مرت سنة وستة أشهر على انتخاب هذا المجلس، ومازال، إلى حدود الآن، لم يصغ برنامج عمله، علما أن المشرع يمنحه سنة كحد أقصى ليضع خطة طريقه عبر هذا البرنامج، ما يجعله اليوم يعوم في تدبير أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مزاجي إن لم نقل عبثي، والدليل هوأن المجلس لم يباشر أي ملف من الملفات الكبرى للمدينة بالشكل العلمي المطلوب، فتارة نجده يباشر الكوارث التي تفرض نفسها ويجعلها في أعلى عليين، كما هو الحال بالنسبة للدورالآيلة للسقوط، وتارة يقفز لملف الممتلكات ثم يتراجع إلى الوراء لتظل دار لقمان على حالها فيمر إلى زنقة «الزرزور» حيث بني السور في غفلة عن المجلس برمته، وهكذا يقفز هنا وهناك كالحصان المجنون قبل أن يحط الرحال عند شركات التنمية المحلية، الملف الحارق الذي يقض مضجع الجميع، ولا يقوى الكثيرون على إثارته إلا بالهمس والهمس القريب من فن الميم، وبعد معضلات عدة ارتكبتها بعض هذه الشركات، وعدت عمدة المدينة في دورة سابقة أنها ستعقد دورة استثنائية للنظر في العلاقة التي تربط هذه الشركات بمجلسها إلا أنها أخلفت ما تفوهت به في جلسة علنية مسؤولة، وعن هذا الموضوع وغيره كان لنا اتصال بعضو المعارضة داخل المجلس مروان راشدي عن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي عبر عن استغرابه من عدم عقد العمدة للدورة الاستثنائية التي التزمت بها، كما هو مدون في محاضر الدورة، التي أثير فيها هذا الموضوع، بعد فضيحة ملعب «دونور» ومشكل التذاكر الذي عرفته بعض مباريات الرجاء والوداد، ليس هذا فحسب بل أيضا أثرنا كمعارضة قضية المهرجانات التي تقيمها شركة «ايفنت» دون استشارتنا بل حتى دون أن نعلم أو يتم إشعارنا، وهو أمر يهين تواجدنا داخل المجلس بل يهين مؤسسة المنتخب ككل، وكنت شخصيا من طالب العمدة بضرورة مراجعة العلاقة بيننا وبين بعض الشركات، وهو ما أيده جل الأعضاء لكننا نفاجأ بأنها أخلت بالتزامها، وهو أمر غير مفهوم خصوصا إذا علمنا أن بعض مدراء هذه الشركات يرفض حتى الحضور لاجتماعاتنا إذا ما كنا بحاجة إلى معطيات وتقارير، وهذا تصرف غير مقبول، فنحن من يمول المشاريع التي تقوم بها هذه المؤسسات، ومن واجبها علينا أن تمدنا بخطوات عملها وتنفيذها لتلك البرامج.
وعن برنامج عمل الجماعة الذي لم تظهر أحرفه حتى الآن، قال مروان راشدي : برنامج العمل كان سيعرض في الدورة الاستثنائية التي أشرت إليها مع موضوع الشركات كما طلبنا ولكن هذه الدورة لم تتم، أعتقد بأننا ربما الجماعة الوحيدة في المملكة التي لم تعلن عن برنامجها، وهذا لا يليق بمدينة أرادتها الدولة أن تصبح عاصمة للمال والأعمال وتصبو لآفاق التدبير الحداثي الذي تسير على خطاه عواصم العالم، وأن تكون نموذجا لتقدم مدننا الوطنية، لكن ها أنتم ترون، يوضح راشدي، أن جماعة البيضاء تدبر بدون خيط ناظم أوتوجه محكم، فقط نعتمد تدبيرا يشبه ضربة البرق العابرة، وأعتقد أننا مررنا بسنة فارغة منذ انتخاب هذا المجلس والآن سندخل سنة تتسم بالجمود، ولعل خير دليل أننا كأعضاء للمجلس لم نتقابل منذ ما يزيد عن أربعة أشهر، أي أننا لا نرى بعضنا إلا عند كل دورة، لينفض الجمع حتى يتبقى للدورة المقبلة يوم واحد عن الانعقاد لنستدعى لحضور أشغال اللجن، ولن أجازف إن قلت إنه إجراء مخجل حقيقة، وترون اليوم كيف أن بريق المدينة قد بهت، وكيف تسحب منها جل التظاهرات الدولية الكبرى، كان آخرها المعرض الدولي للكتاب دون أن تحرك العمدة وأعضاء مكتبها أي ساكن، وقبل ذلك وبسبب ما يشبه الفشل في إصلاح مركب محمد الخامس، حرمت مدينتنا من احتضان مقابلات «الموندياليتو» رغم أن فريق الوداد البيضاوي مشارك فيه وهو ماسيحمل جمهوره أعباء تنقل إضافية إلى مدن أخرى، ورأيتم، قبل هذا وذاك، كيف تحول مركب الأمل للتنس إلى مزبلة ومجمع للمتلاشيات، وهو المركب الذي كان يحتضن تظاهرة دولية كبرى، ويتعلق الأمر بدوري الحسن الثاني للتنس، ليتم نقل هذه التظاهرة إلى مدينة مراكش، ألا يعتبر هذا اندحارا ليس بعده اندحار ؟ فكيف سنسوق الدارالبيضاء للعالم إذا كان المجلس غير متشبث بمكتسباته السابقة، وأركز على السابقة، لأن المجلس الحالي لم يسجل أي بصمة إضافية.
في خضم حديثه معنا عبر مروان راشدي عن تخوفه من أن يطال هذا الخمول حتى المقاطعات، مصرحا بهذا الخصوص أن بعضها فقط تظهر عليه علامات الحيوية والانسجام، في حين أن البعض الآخر ينذر بتراجع في الأداء، وهذا ستكون له عواقب غير مرضية، مضيفا بأن الحديث عن المقاطعات يطول شرحه لتعرية واقعها، وستكون هناك مناسبات لسبر غور تفاصيل هذا الموضوع.


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 30/01/2023