بعد تسجيل جرائم قتل متتالية باستعمال بنادق الصيد : دعوات لتكثيف المراقبة وتحصين تملّك السلاح الناري بالشرط الصحي وعدم الاقتصار على اليسر المادي و«العذرية» القانونية

قتل وتصفية، انتحار…، تعددت الأشكال والموت واحد، اختلفت الوقائع وسلاح الجريمة نفسه، بندقية صيد، فلم يعد هذا السلاح المرخص باستعماله قانونيا من أجل ممارسة هواية يعشقها الكثير من الأشخاص، أداة لتحقيق هذه المتعة المنشودة من طرف البعض، بل تحوّل إلى وسيلة لسفك الدم وفكّ الارتباط مع الأقارب وتصفية الحساب معهم ومع غيرهم، عند أول لحظة خلاف.
بنادق، كان ولا يزال الكثير من الناس يجدون في حيازتها راحتهم، ليس بغاية الحصول على السلاح ولا بهدف إطلاق الأعيرة النارية بالضرورة، وإنما بالنظر إلى الطقوس المختلفة والأجواء التي ترافق رحلة القنص وتوفرها، من سير على الأقدام لكيلومترات طويلة وسط الغابات، تسمح بالخروج إلى فضاء أوسع ،بعيدا عن صخب المدن وأرقها، فتمنح الجسم حيوية ونشاطا وتسمح للجهاز التنفسي بالقدرة على التنفس بشكل أرحب، وتمكّن القنّاص من الاستمتاع بالمناظر الطبيعية منذ لحظة مغادرته المنزل إلى غاية العودة إليه، فضلا عن نسج علاقات اجتماعية جديدة، وغيرها من الدوافع التي تحفز الكثيرين على طرق أبواب الإدارات الترابية للحصول على ترخيص يسمح بالتوفر على سلاح يتم استعماله للقنص.
هواية، أطّر القانون تفاصيلها، بهدف تحصين القنّاص مالك السلاح وحماية غيره، إنسانا كان أو طريدة، واشترط لحصول شخص ما على رخصة حيازة السلاح من أجل ممارسة هواية القنص، «طهارة» صفيحة سوابقه، وانتفاء الميول الإجرامية، واليسر المالي من خلال الانتماء إلى شريحة اجتماعية يتحقّق فيها التوازن المادي، ولأجل ذلك تقوم السلطات المختصة، محلية وأمنية، كل من موقعها وفي مستواها، بالقيام بأبحاث وتحريات للتأكد من توفر هذه الشروط، إضافة إلى التحقق من توفر التأمين ونوعية السلاح ومصدره وعدد الخرطوشات والأعيرة النارية، ومكان التخزين الذي يجب ألا يكون في متناول أي كان.
خطوات يتبين أنها تتسم بطابع السلاسة؛ وإن يرى البعض عكس ذلك؛ يجد معها صاحب الطلب في نهاية المطاف نفسه حائزا على سلاح ناري، يتم توظيفه في رحلات القنص المؤطرة بدورها بقوانين، تحدد مناطق الصيد ومواسمه وعدد الطرائد المسموح بها وغيرها من التفاصيل الأخرى التي تسمح هذه المرة بحماية الثروة «الحيوانية» حتى لا تصبح هدفا في مرمى هواة القنص في كل لحظة وحين. شروط، يتبين يوما بعد يوم، أنه يجب إعادة النظر فيها، خاصة بعد أن تكررت سيناريوهات جرائم القتل باستعمال هذه البنادق من طرف أصحابها أو أقارب لهم، إذ لم يستفق الرأي العام من صدمة إقدام قاصر على قتل شخصين وإصابة آخرين بسيدي رحال بواسطة بندقية صيد في ملكية والده، حتى وجد الجميع نفسه أمام جريمة أخرى بسطات، أقدم خلالها شخص على تصفية زوجته وشقيقه وابنه، وقبلهما جريمة قتل بسلا بنفس الأداة استهدف من خلالها شخص زوجته وابنته، فضلا عن حوادث انتحار متعددة وأخرى عرفت تصفية الغير.
شروط، يرى عدد من المهتمين أنها يجب أن تشمل تقييم الحالة النفسية من خلال لقاءات مع مختصين محلّفين بشكل دوري؛ وإن كانت دوافع اقتراف فعل جرمي غير محددة زمنيا وتتغير بحسب الظروف المختلفة وقد يتم الاعتماد خلالها على أية أداة أخرى، وليس بالضرورة بندقية صيد؛ لكنها تظل خطوة يمكنها أن تكشف عن العديد من الأعطاب النفسية المستترة التي لا تكون ظاهرة للعيان، وقد تحول دون اقتراف جرائم أخرى ولو بشكل نسبي. ويشدد عدد من المتتبعين للظاهرة على أن عملية تمديد الرخصة خلال الخمس سنوات الأولى، ثم تجديدها وتغييرها بإعداد ملف كلي بعد ذلك كل سنة، لا يجب أن تكون مرفوقة فقط بإحصاء عدد الخرطوشات التي تم إطلاقها في الهواء وتلك المتبقية، بل يجب تنظيم زيارات مفاجئة بين الفينة والأخرى للاطلاع على كيفية وظروف تخزين البنادق في المنازل، ومدى الحرص على أن تكون بعيدة عن متناول الأيادي باستثناء يد صاحب الرخصة المسلّمة له، باعتبار هذا الشرط، يعدّ إحدى ضمانات الاستعمال القانوني للسلاح الناري، فضلا عن مآلها في حال وفاة صاحب الطلب، لأن الكثير من البنادق وجدت طريقها إلى مستعملين آخرين بشكل غير قانوني، وهو ما يتطلب إعادة فتح ملف رخص الحصول على السلاح الناري من اجل القنص في المغرب، لحماية القناصين وذويهم والأغيار من نيران الأعيرة القاتلة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/11/2021

أخبار مرتبطة

    عدد الموقوفين على إثر أحداث الخميس بلغ 28 معتقلا   حالة من السخط في أوساط المحيط الجامعي والرأي

أزمة طلبة الطب في المغرب تعد تجسيدًا واضحًا للتوترات المتزايدة بين الدولة وفئة مهمة من الشباب المتعلم المقبل على سوق

أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تقريره السنوي الأول خلال ولايته الثانية، عن حصيلة وآفاق عمله لسنة 2023، كمؤسسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *