بعد ظهور فيروس شلل الأطفال من جديد بمياه للصرف الصحي في 14 مدينة بخمس دول في أوروبا .. الدكتور سعيد عفيف لـ «الاتحاد الاشتراكي»: التهاون في التلقيح ينذر بعودة قوية للأمراض الفيروسية المهددة لصحة المجتمعات

 

حذّرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر ظهور مرض شلل الأطفال الذي انخرطت دول العالم بأسره في مبادرات لمواجهته والحد من انتشاره قبل سنوات، وضمنها المغرب الذي سبق وأن حصل على شهادة تؤكد القضاء عليه بشكل نهائي، وذلك بفضل الجهود التي تم بذلها في إطار البرنامج الوطني للتلقيح. وكشفت نشرة علمية للمكتب الدولي لجمعية طب الأطفال في العالم في ارتباط بنفس الموضوع، بأنه تم رصد ما بين شهر شتنبر ودجنبر من السنة الفارطة 2024 حضور الفيروس بمياه للصرف الصحي في 14 مدينة على مستوى خمس دول، ويتعلق الأمر بكل من إسبانيا، بولونيا، ألمانيا، بريطانيا وفنلندا، وهو الوضع الذي تم وصفه بالمقلق ومؤشرا على ضرورة اتخاذ المزيد من الحيطة والحذر والتعبئة للحيلولة دون عودة تفشي المرض.
وتعليقا على هذا المستجد الصحي، نبّه الدكتور مولاي سعيد عفيف رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، إلى أن الأمر يتعلق بمرض فيروسي شديد العدوى يطال الجهاز العصبي والذي له القدرة على التسبب في حالة شلل تام في الجسم في ظرف زمني وجيز يقدر ببضع ساعات، مشيرا إلى أن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق البراز أو عن طريق المياه والأغذية الملوثة، مبرزا بأنه يستقر في الأمعاء التي تعتبر البيئة الحاضنة له حيث يتكاثر بها.
وأكد الدكتور عفيف بأن السلطات الصحية في عدد من دول أوروبا قد اتخذت تدابير لمواجهة الوضع، مشددا على أن عودة الفيروسات بشكل عام للظهور يكون السبب فيه تدنّي مستويات التغطية التلقيحية، وهو ما يتسبب في أزمات صحية قد تكون لها تبعات جد وخيمة صحيا واقتصاديا واجتماعيا، فضلا عن الخسائر التي تحدث في الأرواح والتي كان من الممكن تفاديها بخطوات بسيطة، تتمثل في الاستفادة من التلقيح ضد الأمراض الفيروسية.
وشدد الخبير الصحي على أن ما تعرفه بلادنا في مواجهة وباء الحصبة المعروف بـ «بوحمرون» هو أحد تجليات العزوف عن التلقيح لأسباب غير علمية ومنطقية، تغذيها في كثير من الحالات شائعات وأخبار زائفة ومضلّلة، مبرزا بأنها تتسبب في تداعيات جد وخيمة وتتطلب تعبئة جهود استثنائية لمواجهتها والحدّ منها، حيث تم في هذا الإطار برمجة حملة تلقيح استدراكية وطنية في صفوف الأشخاص ما بين 9 أشهر و 18 سنة، التي تم تمديد أجلها الزمني، إلى جانب تكتل جهود كل القطاعات الحكومية من صحة وداخلية وتربية وطنية، وعموم المتدخلين المعنيين لمحاولة التقليص من حجم الخسائر البشرية والصحية بشكل عام.
واعتبر الدكتور عفيف في تصريحه للجريدة بأن ظهور فيروس شلل الأطفال في دول أوروبية واستمرار حضوره في دول إفريقية يجب التعامل معه بكل جدية ويقظة، لأن الفيروسات بشكل عام هي قادرة على الانتقال بسرعة من رقعة جغرافية إلى أخرى، مبرزا بأن آخر حالة لهذا المرض سُجّلت في المغرب كان ذلك سنة 1987، موضحا كيف أن حملة مراقبة الدفاتر الصحية التي يتم القيام بها على مستوى المؤسسات التعليمية يجب أن تشمل ضبط التأخير على مستوى كل التلقيحات التي يتيحها البرنامج الوطني للتلقيح والذي يبلغ عدد الأمراض المستهدفة فيه 13 مرضا، مؤكدا على أن هذا البرنامج المعمول به في بلادنا هو يضاهي برامج التلقيح في دول متقدمة حيث مكّن من تقليص عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة، ومشددا على أن التلقيح هو خطوة ضرورية للحفاظ على أرواح الصغار ولتحصين المجتمع وحماية للصحة بشكل عام.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 20/02/2025