بعدافتضاح ما شابها من شبهات : سلطات خنيفرة تسحب لوائح المستفيدين من المنحة الجامعية

في قرار استثنائي غير مسبوق وطنيا، تم بخنيفرة إلغاء وسحب لوائح المستفيدين من المنح الجامعية، بعد تقاطر العشرات من البلاغات والشكايات على مكاتب عمالة الإقليم والمديرية الإقليمية للتربية الوطنية، وهي تستنكر المعايير الغامضة التي جرت بها “غربلة” عملية هذه المنح، وتطالب بفتح ما يلزم من التحقيقات في ظروف حرمان المستحقين لها من الفئات الهشة وذوي الدخل المحدود، مؤكدة في مجملها أن كل الطلبة الذين تقدموا، خلال الموسم الجامعي الحالي، بطلب الحصول على المنحة فوجؤوا بإقصائهم منها، بينما استفاد عدد كبير من غير مستحقيها عكس الشروط المطلوبة، مثل التقيد بشرط الكوطا التي منحت للإقليم، والقاضية بألا يتجاوز مدخول ولي طالب المنحة 1750 درهم شهريا، الأمر الذي حمل عدد من نشطاء المجتمع المدني إلى دعوة السلطات الإقليمية والمركزية إلى ضرورة تحديد المسؤوليات وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفات للوزارة الوصية أن أطلقت، ولأول مرة، مابين الفاتح من يونيو ونهاية يوليوز الماضيين، خدمة الموقع الالكتروني “منحتي” في وجه الراغبين في الاستفادة من منحة التعليم العالي، برسم السنة الجامعية 2017-2018، بهدف تبسيط إجراء طلبات الاستفادة من المنح وتسهيل الإجراءات الإدارية ذات الصلة، ورغم ذلك لم يفت المصلحة المعنية على مستوى المديرية الإقليمية للتربية الوطنية مطالبة المترشحات والمترشحين التقدم لها بملفاتهم ورقيا، للتأكد من المعطيات المدلى بها الكترونيا، وتفادي الأخطاء المحتملة، قبل عرضها على طاولة اللجنة الإقليمية، وذلك “رغم تحفظ إحدى المسؤولات بعمالة الإقليم حيال فكرة الملفات الورقية”، حسبما حصلت عليه “الاتحاد الاشتراكي” من معطيات في الموضوع.
وبعد المصادقة المحتشمة على لوائح المستفيدين من المنح، تم إشهارها ببهو عمالة الإقليم ومديرية التربية الوطنية، دون مرور الأمر بسلام أمام هبوب ضجة واسعة وسط العموم بعد الاطلاع عليها، والبداية من الفئات المقهورة والكادحة، لتتهاطل الشكايات والطعون على مكاتب القسم الاجتماعي بالعمالة ومكتب الدعم الاجتماعي بمديرية التربية الوطنية، بعد أن انكشف وجود حوالي مائة حالة تعود لأبناء أسر ميسورة وغنية، وموظفين ورجال أعمال، ضمن لوائح المستفيدين، مقابل وقوف الجميع على ملفات مرفوضة من الاستفادة رغم انتمائها للفئات الهشة، الأمر الذي أكد للجميع وجود اختلالات وشبهات وأساليب غير نزيهة وراء العملية.
وأمام اتساع دائرة الأزمة والنداءات المطالبة بالتحقيق في ملابسات الموضوع، شهدت عمالة الاقليم تحركات ماراطونية توجت باجتماع طارئ، في حضور الكاتب العام لعمالة الإقليم، حيث تم تدارس الموضوع ومناقشة حيثياته، لينتهي اللقاء بقرار إلغاء وسحب لوائح الممنوحين، قبل إشعارهم بقبول طلب الاستفادة، مع تحديد موعد لاحق لدراسة الملفات من جديد، حيث لم يفت أحدهم على هامش اللقاء أن صرح بما يفيد أن الفضيحة لم يسبق لعمالة الإقليم أن سجلته عندما كانت الأمور بيد قسم الشؤون العامة التي لها عيونا موزعة بين الأوساط والطبقات الاجتماعية، في حين أعرب الكثيرون عن أملهم في نهج ما ينبغي من مساطر الشفافية والنزاهة والديمقراطية، أثناء إعادة دراسة الملفات المعنية بالأمر، دون تمييز أو “باك صاحبي” أو محسوبية وزبونية.
حدث ذلك في الوقت الذي كان فيه المتتبعون، بإقليم خنيفرة، يطالبون بالرفع من نسبة المنح الجامعية، ووقوف المتتبعين على ما يحيط بعملية توزيعها من حيف وتمييز وغموض، علما أن الإقليم مصنف ضمن الأقاليم الفلاحية، وفق ما هو مضمن على بجدولة الوزارة الوصية، فضلا عن كونه من المناطق التي تعاني مظاهر الفقر والهشاشة والتهميش، والمدرجة أيضا ضمن المناطق التي شملها جبر الضرر الجماعي، ولعل في عدد الرسائل الاستعطافية الموجهة للجهات المسؤولية ما يؤكد حقيقة الحال المأساوي المعاش.
وكم تضاعفت الأزمة أمام ارتفاع عدد الطلبات المودعة بمديرية الشؤون الطلابية بقسم المنح بالرباط، لكونها خارج الآجال القانونية، تمت إحالتها بالموافقة على المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بخنيفرة، لتنضاف إلى المئات من الطلبات المتراكمة، والتي تم عرضها، خلال الأشهر القليلة الماضية، على اللجنة الإقليمية وقوبلت بالرفض من طرف رئيسة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بعمالة الإقليم، في ظروف أثارت الكثير من التعاليق، وغالبية هذه الطلبات تهم المنحدرين من أوساط اجتماعية هشة ومعوزة.
وصلة بالموضوع، شدد عدد من المتتبعين، كما سبق نشره ب “الاتحاد الاشتراكي”، على ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لأجل تدارك الموقف بالرفع من نسبة المنح المخصصة لإقليم خنيفرة وقراه المغرقة في المغرب العميق، والتسهيل في عملية استقبال الطلبات المقدمة خارج الآجال القانونية، والتي يعود السبب فيها أحيانا إلى الواقع الإداري المعروف، مع الكف عن سياسة التمييز بين مناطق البلاد التي تهدد المئات من الطالبات والطلبة بالوقوع في تراجيديا الهدر المدرسي والقضاء على آمالهم في مواصلة مشوارهم الدراسي وبناء مستقبلهم، سيما في ظل الحرمان من المنحة، ومصاريف التنقل للمدن الجامعية والكراء والدراسة والمراجع.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 09/10/2017