الرفق بالحيوانات من الصفات الحميدة التي يجب على الإنسان التحلي بها، باعتبارها من المخلوقات التي تعيش مع الإنسان وتألف به، وخاصة الدواب التي يستغلها الانسان في حمل الأثقال والفلاحة، وقطع المسافات البعيدة بين الدواوير والشعاب والجبال. وقد لعبت الدواب في المغرب أدوارا أساسية أثناء مقاومة الاستعمار الفرنسي، حيث كان الثوار المغاربة يحملون فوقها البنادق والرشاشات والقنابل اليدوية ويوجهونها إلى مختلف وحدات جيش التحرير، ومع الأسف كانت هذه الدواب عندما تصاب بكسور او امراض مختلفة كانت تعالج بأعشاب وطرق تقليدية، وأحيانا تترك لمواجهة الموت عندما يعجز الانسان عن علاجها.
لقد كانت فاس محظوظة، ففي سنة 1927 زارت سائحة أمريكية تدعى «امي بندشوب» المدينة، وفي تلك الفترة لم تكن وسائل النقل متوفرة بشكل جيد كما هو عليه الحال في عصرنا الحاضر، حيث كان سكان فاس والمغرب عامة يعتمدون على الدواب لقضاء أغراضهم الخاصة، وتكريما لوالدتها العاشقة للحيوانات بنت «الفندق الأمريكي» لمعالجة الحيوانات، والذي يتواجد في شارع علال الفاسي في اتجاه المدينة العتيقة والبطحاء، حيث تواجه المرء بوابته الخشبية التقليدية، هذا المستشفى تشرف عليه حاليا الدكتورة البيطرية الامريكية السيدة جيجي، وكان في الماضي يستقبل جميع الدواب المريضة بما فيها الأبقار التي يملكها الفقراء من الفلاحين، غير أن الأطباء البياطرة بفاس عارضوا ذلك مما جعل الفندق الأمريكي يعالج البغال والحمير فقط .
وللإشارة فإن «المستشفى الأمريكي» لعلاج الدواب بفاس يشغل أطباء بياطرة مغاربة ويتوفر غلى أجهزة ومعدات طبية وراديو للكشف عن الأمراض التي تصيب تلك الحيوانات حيث يجرون لها عمليات جراحية ويعالجون كسورها وغير ذلك من الأمراض بالمجان. ومن المعلوم ان سكان فاس العتيقة مازالوا يستغلون الحمير والبغال لنقل مختلف البضائع والسلع نظرا لضيق الدروب والازقة .
وحتى يتم إسعاف الحيوانات و معالجتها بسرعة، فقد قامت مؤسسة الفندق الامريكي لمعالجة الدواب ببناء فندق آخر في عمق المدينة العتيقة بشراكة مع الجامعة الوطنية للكشفية المغربية وبدعم من ولاية فاس وجماعة فاس ومقاطعة فاس المدينة، وقد تم تدشينه مؤخرا بحضور السفير الامريكي وعدد من السفراء الأجانب والدكتورة جيجي ووالي فاس وعمدة فاس ورئيس مقاطعة فاس المدينة وعدد من شخصيات المجتمع المدني، وأسند تسييره والإشراف عليه الى الدكتور البيطري المغربي السيد احمد، حيث يواصل الفندق الجديد عمله الإنساني بالمجان.
وفي الوقت الذي تم تدشين هذه «المعلمة الجديدة» لوحظ انتشار جحافل من الكلاب الضالة في عدد من الشوارع والأحياء مشكلة خطورة على الساكنة بعد ان تم منع قتلها مؤخرا. ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة يجب تحيين القرار الذي اتخذه المغرب ، والقاضي بتعقيم الكلاب الضالة للحد من تناسلها او التفكير في حلول ناجعة أخرى، وذلك اتقاء للأمراض الخطيرة التي تهدد صحة المواطنين.