بمناسبة الذكرى 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب .. مصطفى الكثيري: الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة يعد مناسبة لتجديد التعبئة المستمرة والتجند الموصول وراء جلالة الملك من أجل الترافع عن قضيتنا الوطنية الأولى

 

بمناسبة الذكرى 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب، التي يحتفل بها الشعب المغربي يوم 14 غشت من كل سنة، نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أول أمس الأربعاء بالداخلة، احتفالية كبرى بولاية جهة الداخلة وادي الذهب حضرتها السلطات القضائية والإدارية والأمنية والعسكرية وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وذوي حقوقهم وعدد كبير من ساكنة المنطقة.
افتتح هذا الاحتفال بكلمة المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، الذي أكد أن الذكرى الـ 45 لاسترجاع إقليم وادي الذهب تعد محطة تاريخية مشرقة جسدت ملحمة بطولية حاسمة في مسيرة النضال الوطني الموصول من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية،
مبرزا أن تخليد الذكرى الخامسة بعد الأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب إلى الوطن يعد مناسبة سانحة، لاستحضار السياق التاريخي لهذا الحدث الخالد ولتدبر دلالاته واستخلاص الدروس والعبر، وللعودة بالذاكرة إلى محطات مجيدة من نضالات الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد، في مواجهة التغلغل الاستعماريوتسلطه.
ولم يفت المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
خلال، هذا المهرجان الخطابي الذي نظمته النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، استحضار بعض من الدرر والمحطات التي جسدت ذلك التلاحم المتين بين العرش والشعب، وقال الكثيري، في هذا الصدد، إن المغرب تصدى للأطماع الأجنبية وناهض أبناؤه الوجود الاستعماري منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى بعد فرض نظام الحماية عليه في ظروف دولية ومحلية دقيقة يوم 30 مارس 1912م، وتقسيمه إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه وإخضاع منطقة طنجة لنظام حكم دولي، وتابع أن الكفاح الوطني في سبيل نيل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية اتخذ مسارا متواصل الحلقات ومتعدد الأشكال والصيغ. فمن المقاومة المسلحة الأولى والانتفاضات الشعبية إلى النضال السياسي، فالمقاومة الفدائية وانطلاق عمليات جيش التحرير بشمال الوطن وشرقه إلى أن تحقق النصر بعودة بطل التحرير والاستقلال، جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله مثواه من المنفى إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955، وإعلانه رحمه الله انتهاء فترة الحماية وإشراقة شمس الحرية والاستقلال، ودعوة جلالته إلى مواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل بناء وإعلاء صروح الوطن وتنميته وتقدمه.
واعتبر المندوب السامي أن انتهاء حقبة الحماية والاستعمار لم يكن إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال الأجنبي، مشيرا إلى أنه وفي هذا الظرف الحساس من تاريخ المغرب المعاصر، انعقد مؤتمر «أم الشكاك» بضواحي مدينة السمارة في 15 أبريل 1956، والذي حج إليه عدد كبير من أعيان وشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية. وفي نهاية أشغاله، انتدب المؤتمرون وفدا مكونا من 39 شخصية يمثلون جميع قبائل الصحراء، للقاء جلالة المغفور له الملك محمد الخامس بالقصر الملكي بالرباط، حيث جددوا لجلالته فروض الطاعة والولاء والإخلاص للعرش العلوي المجيد،
مردفا أن انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة 1956 شكل إشارة قوية، تعكس عزم المغاربة كافة وإصرارهم على استعادة باقي الأجزاء المغتصبة من أراضيهم. وشهدت ربوع الصحراء المغربية العديد من المعارك والملاحم البطولية التي تكبد فيها الاحتلال الأجنبي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وبعد أقل من سنتين فحسب على حصول البلاد على استقلالها، قرر أب الأمة ومحرر الوطن القيام بزيارة لمناطق درعة بما فيها إقليمي زاكورة وتنغير ما بين 20 و26 فبراير 1958، ودعا جلالته في هذه الزيارة لمواصلة الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية، وذكر المندوب السامي بأن خطاب جلالة المغفور له محمد الخامس التاريخي بمحاميد الغزلان، كان بمثابة نداء لمواصلة التعبئة لتحرير ما تبقى من الأطراف المغتصبة والسليبة منالوطن،مسترسلابالقول إنه لم يمض على هذه الزيارة الملكية سوى شهر ونصف حتى تحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958، ليتم بعد ذلك استرداد مدينة سيدي إفني إلى حظيرة الوطن يوم 30 يونيو 1969.
وأوضح الكثيري، الذي كان حريصا على التذكير بكل المراحل التاريخية التي مر منها مسلسل تحرير هذه المنطقة الغالية على قلوب المغاربة من الاستعمار الغاشم، أن مسلسل استكمال الوحدة الترابية توج بتنظيم المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها العبقرية الفذة لجلالة المغفور له الحسن الثاني لاسترجاع الأقاليم الصحراوية المغتصبة، ولترتفع راية الوطن خفاقة في سماء مدينة العيون في 28 فبراير 1976 إيذانا بإجلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية، وكذلك كان يوم 14 غشت 1979 إعلانا عن استرجاع إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن. وأكد أن الاحتفاء بهذه الذكرى المجيدة يعد مناسبة لتجديد التعبئة المستمرة والتجند الموصول لسائر فئات وشرائح المجتمع والقوى الحية والشعب المغربي قاطبة وراء جلالة الملك محمد السادس من أجل الترافع عن قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية، التي تعد بحق المنظار الذي يحدد من خلاله المغرب مسار علاقاته الخارجية، كما أكد ذلك جلالته في خطابه السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب..
هذا المهرجان الخطابي عرف تناول الكلمة من طرف عدة شخصيات اعتبرت أن ذكرى استرجاع وادي الذهب، يوم 14 غشت 1979، محطة وضاءة في مسيرة استكمال الوحدة الترابية المقدسة، وفي هذا الصدد قال رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج رضوان الشريف القادري في تصريح للجريدة إن هذا اليوم المبارك مصدر فخر له ولمغاربة العالم، «فخر بتاريخنا النضالي الكبير في سبيل تحقيق استكمل الوحدة والسيادة الوطنية ومواصلة عجلة التطور والتنمية مما يلفت الانتباه إلينا بوصفنا شعبا متميزا بحضارته وإنجازاته وأصالته»، مؤكدا أن الاحتفال اليوم تحت إشراف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمشاركة جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج هو إعلان عن الفرح والافتخار بهذه المناسبة الغالية على قلوب المغاربة قاطبة داخل وخارج الوطن، هذا الإنجاز الذي يعتبر ثورة كفاح ونضال من أجل تحرير الوطن وتحرير هذا الإقليم من الاستعمار الغاشم، مردفا أن جلالة الملك محمد السادس حمل مشعل الدفاع عن وحدة التراب الوطني موجها عنايته القصوى لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة وعنايته الكريمة بأبنائها تعزيزا للأواصر والعروة الوثقى والتعبئة الوطنية التامة لمواجهة مؤامرات خصوم وحدتنا الترابية والمتربصين بأحقية المغرب في صحرائه، و اعتبر رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج ان افراد هذه الجامعة متشبثون بوطنهم المغرب وبوحدته الترابية مساندون لهذا النضال وهم جنود مجندة إلى جانب باقي المناضلين الأكفاء وراء جلالة الملك محمد السادس مساهمون بنشر ثقافة الوحدة الترابية داخل بلدان إقامتهم عبر مجموعة من الأنشطة التي تنظمها جامعة الكفاءات المغربية بالخارج.
وشهدت هذه الاحتفالية التفاتة نبيلة من طرف المندوبية السامية نحو عدد من المقاومين وأعضاء جيش التحرير حيث تم تكريم ستة منهم، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، وذلك في إطار تكريس ثقافة الاعتراف والوفاء والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله ووحدته.
كما تم تخصيص إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 43 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 142.000 درهم، يتوزع على مجالات الإسعاف الاجتماعي (41 إعانة مالية)، ودعم المشاريع الاقتصادية (02).
وبمناسبة هذا التخليد لذكرى استرجاع وادي الذهب قام المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير والوفد المرافق له بزيارة لفضاء الذاكرة التاريخية والتحرير بالداخلة والتي تعتبر واحدة من بين 104 فضاءات للذاكرة التاريخية التي تضم مجموعة من الوثائق التاريخية والمعروضات التراثية والصور التي تؤرخ لمختلف مراحل تحرير هذه الربوع الغالية واسترجاعها إلى حضن الوطن، وهي فضاءات تحرص المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير على إنجازها والإشراف عليها فوق كامل التراب الوطني باعتبارها مدخلا مهما لتعريف الباحثين والمهتمين وكذا الأجيال الصاعدة بالتاريخ التليد للمقاومة وجيش التحرير، ويتكون فضاء الذاكرة بالداخلة من ثمانية أروقة يضم الأول جميع صور الملوك العلويين من السلطان مولاي علي الشريف إلى صورة الملك محمد السادس إضافة إلى أروقة أخرى تضم وثائق تؤرخ لمحطات منيرة من تاريخ المغرب خصوصا إبان فترة الاستعمار والاستقلال وكل ما يتعلق بالمسيرة الخضراء المظفرة وذكرى استرجاع وادي الذهب وبعض المعروضات الأثرية، وصور تؤرخ للداخلة بين الماضي والحاضر، ويتكون الطابق الثاني من هذا الفضاء من مكتبة تضم مختلف المنشورات والإصدارات التي أصدرتها المندوبية، ومن بينها قصص أطفال وكتب للناشئة تتناول تاريخ الكفاح والمقاومة الوطنية بشكل مبسط يخاطب عقولهم، ومدركاتهم مما سيساهم بشكل كبير في التعريف بتاريخ بلادهم المجيد.
كما أعطى المندوب السامي مصطفى الكثيري وفي إطار الأنشطة المبرمجة للاحتفال بهذه المناسبة الانطلاقة لمسابقات رياضية بشاطئ الداخلة.


الكاتب : الداخلة : خديجة مشتري / تصوير: حكيم مغراوي

  

بتاريخ : 17/08/2024