بين حضور وفناء

ما بين نقطتينِ
في مدى محيطِ بصري أمسكتُ بالبداية،
بغير عيْنٍ أو يَديْن…
لم يكن هناك من شروق شمس مقبلًا على مكانيَ الذي
احتميتُ بهدوئه اتقاء ما ينزل بي خوف اضطرابِ خطوتي
على طريق ما أريد أن أضمه إليَّ: من هواء طار بي
إلى حياة دون خشية اصطدام بحجار، أو رقاد
قبل أن يضمني رجام،
لا أريد أن أكون تحت ما تختنق الأنفاس منه
بعدما تراقصت أشلاءُ كل حيٍّ،
وهوى أمام عيني بيت من أحببتُ
أن أحضنه،
لست الذي يريد أن يغني بنشيج أمٍّ لم تعانق ابنَها الجنينَ
في حياةٍ
هربت أضواؤها إذ غمَرَتْ عيونها الأنقاض.
في الأرض بعد أن تخلخلتِ أشياؤها فيها
فلم تعد تسير أو تطير في مدارْ
حينما انثنيت مرغما بدون نبض في دمي إلى عناقها،
ولم أكن أريد فيها من ركون خافقي
إلى شبوب أي رغبة تهيج بعد أن سقطت في دُوَارْ.
فشمسي التي كنت أريد أن أرى لؤلؤها
تساقطت خلف سدول من غبار .
وحدي فنِيتُ، إذ تهاوى فوق رأسي السقف والجدارْ
فهل سمعتمُ أنيني، أو ندائي بين نقطتين كانتا
في البدء في مدى محيط ما تدركه الأبصارْ
حتى غدوتُ تحتَ، دون موقع الحواس، في خطى بلا مسارْ
وجها بلا عيون…
هل تطمس العيون في مملكة العماء
تحت سياط رجّةٍ طال مداها دون أن يقوم في دوارها
دليل ما تثبته الشموس والأقمارْ


الكاتب : أحمد بنميمون

  

بتاريخ : 10/03/2023