o استدعاء سفيرة المملكة المغربية ببرلين للتشاور، ماذا يعني لك ذلك ديبلوماسيا، كمختص في العلاقات الدولية ؟
n في العلاقات الدولية هناك بطبيعة الحال تبادل على مستوى السفراء ما بين الدول، لكن أحيانا تظهر غيوم تؤدي لاتخاذ مواقف معينة، كاستدعاء الدولة المعنية لسفير البلاد من أجل طرح تساؤلات، أو إصدار بيانات من طرف وزارة الخارجية، ومن هذه الإجراءات استدعاء السفير للدولة المعنية من أجل التشاور، وهذا الإجراء يفسره فقهاء القانون الدولي الديبلوماسي أحيانا على أنه إجراء للاستعداد لقطع العلاقات مع الدولة الأخرى، أو يكون من أجل تفسير بعض النقط الغامضة في تلك العلاقات، ولكن استدعاء السفير في حد ذاته فيه نوع من التعبير عن الامتعاض وعدم الرضى من سلوك تلك الدولة في مجالات معينة تهم المصالح الحيوية للدولة الأولى، وفي هذا الإطار تعرف العلاقات المغربية الألمانية هذا النوع من التصور الذي بدأ في شهر مارس من خلال بيان لوزارة الشؤون الخارجية المغربية واستدعاء السفير الألماني المعتمد بالرباط لطرح تساؤلات، وربما لم تكن ردود فعل إيجابية ووقعت تطورات جديدة في الملف الأمني.
o بلاغ وزارة الشؤون الخارجية الأخير طرح عدة نقط تقف وراء استدعاء سفيرة المغرب ببرلين ، ماهي قراءتك لذلك؟
n في العلاقات الإنسانية نقول إن هناك نقطة أفاضت الكأس أو طفح الكيل، فالعلاقات المغربية الألمانية عرفت عدة تطورات منذ أشهر أولها ارتبطت بمحاولة ألمانيا تهميش المغرب عن دوره الإقليمي في الملف الليبي، مع العلم أن المغرب استقبل مؤتمر الصخيرات المتعلق بالأزمة الليبية، ثم كان يرعى الحوار الليبي الليبي، وكل الأطراف استدعيت لمؤتمر برلين حول ليبيا وتم تهميش المغرب. وفي قضية الصحراء والوحدة الترابية المغربية وقعت أمور خطيرة، مثلا حينما وصل المغرب لتحقيق اعتراف أمريكي على سيادة أقاليمه الجنوبية باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة مهمة وعضو في مجلس الأمن، سارعت ألمانيا إلى دعوة مجلس الأمن لمناقشة هذا الموضوع، وكأنه رد فعل رافض بشكل مطلق لما وقع ما بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية المتحدة. وما وقع كذلك في الحوار الأمني، كما نعلم أن المغرب يعمل جاهدا مع الدول الأوروبية بما فيها إسبانيا وفرنسا وألمانيا في مجال تبادل المعلومات حول الإرهاب، والجميع كذلك يعترف للاستخبارات الأمنية المغربية بقوتها المتزايدة في هذا الميدان، والمغرب يرعى مصالح الدول الأوروبية على هذا المستوى، فكيف يعقل أن يعطي معلومات في غاية من الأهمية والحساسية، ويتم تسريبها بطريقة غير مفهومة لفائدة الأشخاص الذين اتهموا في قضايا الإرهاب. فأنا لست متخصصا في الشؤون الأمنية وما يجري في الاستخبارات، لكن المعروف أن هناك تبادلا للمعلومات ذات حساسية مطلقة بين الدول ويتم إيصالها للطرف الآخر بطريقة سرية ومضبوطة، فالمغرب له حجج دامغة بأن معلومات سرية على هذا المستوى تم تسريبها، علما أن الجهات الألمانية وحدها من كانت تتوفر على تلك المعلومات، وبالتالي كان من الممكن نوع من المكاشفة بين السلطات الألمانية والسلطات المغربية، خاصة أن المغرب كان ينتظر أجوبة دقيقة ومكاشفة، لكن هذا ما لم يحدث.
o بعد هذه المستجدات في العلاقات المغربية الألمانية كيف ترى تطور الأزمة مستقبلا بين البلدين؟
n إن أهم شيء للمملكة المغربية، كقضية مركزية، قضية الوحدة الترابية المغربية، التي تعتبر ليست فقط للنظام المغربي، بل لكل الشعب المغربي قاطبة، مصلحة حيوية مركزية، فكيف يعقل أن تكون دولة في الجوار الأوروبي وشريك في الاتحاد الأوروبي، ومع الوضع المتقدم للمغرب في الاتحاد الأوروبي، وهي كذلك تساعد المغرب في كل المجالات ومع كل هذا تقوم بمبادرة لدعوة مجلس الأمن لمعاكسة الاعتراف الأمريكي في قضية الصحراء وإرساء سيادته على أقاليمه الجنوبية، بل أكثر من ذلك، فما يدور في الكواليس أن ألمانيا دخلت في حوارات مع إسبانيا والجزائر كما لو أن لها مصالح مع هذه الأخيرة . المغاربة يشعرون أن ألمانيا تتصدى لهم في قضيتهم الوطنية المركزية.و كل ما يتمناه الجميع، وكباحث في العلاقات الدولية، أملي أن يكون ما حدث هو مجرد سحابة صيف، فكلنا نعتز بالتعاون مع ألمانيا التي تعتبر دولة متقدمة في المجال الصناعي والتكنولوجي وتعمل بجد وتطور إمكانياتها ليس لمصلحتها فقط، ولكن أيضا لمصلحة بلدان الجوار الإقليمي وبلدان الجنوب على الخصوص، لكن حين تحدث هزات من هذا المستوى في هذه العلاقات يجب أن يكون هناك تشاور جدي مبني على المصلحة المشتركة، ومبني أيضا على أخلاق الدول وسبل التعامل الديبلوماسي النزيه التي تعطي للدول المكانة الحقيقية في علاقاتها مع بلدان الجوار.
(*) أستاذ العلاقات الدولية- جامعة محمد الخامس بالرباط