تحرك فوري لقضاء خنيفرة بعد كشف جمعية محلية عن واقعة تعنيف طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة

سجلت مدينة خنيفرة مؤخرا واقعة مؤلمة بطلها طفل لا يتجاوز عمره أربع سنوات من ذوي الاحتياجات الخاصة، مصاب بمتلازمة الثلث الصبغي، بعدما اكتشفت جمعية تعنى برعاية هذه الفئة آثار ضرب مبرح على ظهره، في مشهد صادم كشف عن تعرضه لتعنيف متكرر داخل البيت، ومعاملة قاسية وصادمة، وفق معطيات وصور تم الحصول عليها من مصادر محلية موثوقة.
وبمجرد توصل وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة بالخبر، زوال يوم الجمعة 17 أكتوبر 2025، أمر بفتح تحقيق عاجل في القضية، وأوفد عناصر من الشرطة إلى مقر الجمعية للاستماع إلى أطرها والاطلاع على حالة الطفل، كما جرى الاستماع إلى الأم التي حضرت في تلك اللحظة إلى الجمعية من أجل اصطحابه، وقد تم نقلها رفقة طفلها في أفق اتخاذ ما يلزم من إجراءات طبية وقانونية في هذا الملف وتحديد المسؤوليات بدقة.
بتعليمات من وكيل الملك، تم عرض الطفل المعني على طبيب مختص لتلقي العلاجات الضرورية، وتوثيق حالته الصحية بتقرير مفصل، وفي ذات الوقت تقرر إحالة الطفل على قاضي الأحداث من أجل اتخاذ القرار المناسب بشأن إيوائه داخل مركز متخصص يضمن له الرعاية والحماية اللازمتين، بما يتماشى مع مصلحته الفضلى وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل.
وفي السياق ذاته، تقرر الإفراج مؤقتا عن الأم مراعاة لظروفها الأسرية كونها تعيل طفلتين صغيرتي السن، على أن يتم استدعاء الأب الذي يقيم بمنزل أسرته في محيط المدينة للاستماع إلى أقواله بخصوص وضعية زوجته وطفله، بينما تم الشروع في بحث الإجراءات التأديبية الممكنة في حق الأم، بالنظر إلى المنسوب إليها، في انتظار عرضها على أنظار القضاء للبت في القضية.
الواقعة بدأت عندما لاحظت مربيات الجمعية، جمعية «سند لذوي الثلث الصبغي والشلل الدماغي»، علامات مثيرة على جسده، فبادرت إلى الاستفسار عن سببها، قبل أن يتبين لها أن الطفل يعنف بشكل يومي ومتعمد، ويوضع أحيانا في مكان معزول داخل المنزل، عندها سارعت إدارة الجمعية إلى التحرك، فأبلغت ممثل لجنة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخنيفرة، ثم تقدمت للمصالح الأمنية لإشعارها بالواقعة، حفاظا على حياة الطفل وسلامته. وحسب ما أفادت به مصادر مطلعة، فإن الأم تعيش وضعا نفسيا صعبا منذ مدة، وأنها كانت تتعرض لضغوط من بعض أفراد أسرة زوجها الذين أبدوا رفضهم لحالة الطفل ووجهوا إليها كلاما تنمريا حول إعاقته، ما ساهم في تدهور حالتها النفسية، وتشير نفس المصادر إلى أن الأم كانت تفرغ غضبها في جسد طفلها الصغير، إلى درجة أنها لوّحت أكثر من مرة بأنها قد تقدم على قتله، دون وعي بخطورة ما تقول أو تفعل.
ويعاني الطفل أيضا من مشاكل صحية في الجهاز الهضمي استدعت خضوعه، في وقت سابق، لعملية جراحية دقيقة على مستوى المنطقة الشرجية، وقد سبق للجمعية المذكورة أن استقبلته منذ صغره ووفرت له الرعاية الطبية والنفسية اللازمة، كما حاولت تأهيل والدته نفسيا عبر عرضها على أخصائي تابع لها، غير أن حالة الأسرة الاجتماعية والنفسية ظلت معقدة، ما جعل مأساة اليوم نتيجة تراكمات لم تعالج في وقتها.
التحقيقات لا تزال متواصلة لتحديد المسؤوليات، بينما طالب متتبعون بضرورة توفير حماية دائمة للطفل، وإخضاعه لمتابعة طبية ونفسية مستمرة، مع إلزام الأم بتوقيع التزام رسمي بعدم تعريضه لأي أذى مستقبلا، مقابل اعتماد مقاربة إنسانية في التعامل مع هذه الأم، عبر إخضاعها لجلسات تشخيص اجتماعي وتأهيل نفسي، بدل الاقتصار على المقاربة الزجرية وحدها، معتبرين أن بعض حالات العنف الأسري ترتبط بالهشاشة النفسية والاقتصادية. وقد حظيت الجمعية المشار إليها التي بادرت إلى الإبلاغ عن الحالة بتنويه واسع من لدن المتتبعين، تقديرا لدورها في حماية الطفل وتفعيل مبدأ التبليغ الذي يلزم به القانون الجمعيات والمؤسسات التربوية كلما رصدت حالة عنف أو إهمال، وهو ما يجسد روح المسؤولية المدنية التي يجب أن يتحلى بها الفاعلون الجمعويون في مواجهة كل أشكال العنف ضد الأطفال والنساء، خصوصا في ظل ازدياد الحالات التي تظل حبيسة الجدران.
القضية أعادت من جديد النقاش حول حماية الأطفال في وضعية هشاشة، وضرورة تفعيل آليات الرصد والتبليغ والتكفل داخل المجتمع المدني، بالتعاون مع السلطات القضائية والاجتماعية، لضمان أن لا يعيش أي طفل في المغرب تحت الخوف أو العنف، كما أبرزت أهمية إدماج الدعم النفسي للأسر ضمن السياسات العمومية المرتبطة بالطفولة، لأن حماية الطفل تبدأ من فهم معاناة الأمهات والآباء قبل أن تتحول إلى مأساة.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 21/10/2025