لقد مرت 18 سنة على الأحداث الأليمة ل 16ماي 2003، التي عرفتها العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء وذهب ضحيتها أبرياء وشهداء لاحول لهم ولا قوة، بسبب تهور وانتحار شباب طائش استُغل من طرف الفكر الظلامي الإرهابي.
هل هي صدفة أن تتم هذه العملية الإرهابية بالعاصمة الاقتصادية وفي يوم تخليد ذكرى تأسيس الأمن الوطني؟؟
كل هذه الأسئلة تجعل الخبراء الأمنيين والفاعلين الاقتصاديين يتفقون على أن العمليات الانتحارية التي يقوم بها مخططو الفكر الظلامي الإرهابي وأعداء البشرية هدفها الأول هو زعزعة الاستقرار الأمني وانهيار التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، معبرين عن عدميتهم وحقدهم على السلم والأمان، خصوصا وأنهم يعيشون ويسترزقون من الفوضى والماء العكر، ولا يؤمنون بمفهوم دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات.
جماعة إرهابية لا إنسانية هدفها الفوضى والرعب بين الناس والعيش في الجاهلية، يسيرها ويحكمها جهلاء ينسبون إليهم صفة الأمير الذي يأمر بالقتل والاغتصاب والتعذيب لكل من يؤمن بالحياة ويحترم دولة المؤسسات.
إذا كان هذا الفكر الظلامي الإرهابي قد استطاع أن يزعزع أمن واستقرار بعض المناطق في العالم، ويفرض سيطرته على خيراتها الاقتصادية مستعملا المتاجرة في الدين الإسلامي، فإن أحداث 16ماي البشعة أعطت للمغرب قوة وفرصة لإعادة النظر في سياسة أمنه وتحصين البلاد اقتصاديا واجتماعيا.
كل العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها في العالم تؤكد أن اقتصادات هذه الدول المستهدفة تكبدت خسائر كبيرة إن لم نقل تراجعا في مستوى العيش والنمو الاقتصادي نتيجة عمليات تدمير المنشآت الاقتصادية، الصناعية والسياحية، من طرف مجرمي الفكر الظلامي الإرهابي.
بخصوص المغرب، فإن الدراسات تؤكد وبلغة الأرقام أن أحداث 16ماي الإرهابية جعلته يعيد النظر في تحصين البلاد اقتصاديا واجتماعيا، وذلك من خلال سياسة التنمية البشرية وإدماج الشباب في الحياة الاقتصادية بإعطاء الأولوية للتكوين المهني وإعطاء الفرصة لحاملي المشاريع في خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولة الذاتية.
بتكوينه وإدماجه في الحياة الاقتصادية وتهيئته لسوق الشغل، استطاع المغرب أن يحصن الشباب المغربي وأن يتصدى لاستقطابه من طرف الفكر الظلامي الإرهابي الذي يستغل الأمية والفقر واليأس.
أما الجانب الأمني، فإن الكفاءة المهنية وتحلي أطر الأجهزة الأمنية المغربية بالمواطنة أكدا أن المغرب قد استفاد من أحداث 16ماي البشعة وأعطته قوة وشرعية في وسط الأجهزة المخابراتية والأمنية دوليا، وذلك بتطوير الآليات اللوجستيكية وتكوين الموارد البشرية للتصدي لأي محاولة إرهابية تستهدف المغرب من الداخل أو الخارج.
تحصين المغرب أمنيا جعله يضمن الاستقرار الأمني والتنمية الاجتماعية ويعمل على تشجيع الاستثمار والتنمية الاقتصادية التي تعتمد في الدرجة الأولى على الاستقرار الأمني.
إذا كانت أحداث 16ماي البشعة قد خلفت آثارا سلبية في نفوس المغاربة بصفة عامة وعائلات الشهداء والضحايا بصفة خاصة، فإن تداعياتها على الجانب الأمني والاقتصادي كانت إيجابية ومحفزة، وجعلتنا كمغاربة نتحد يدا في يد لحماية الوطن وكرامة المواطن المغربي، والعمل على إرساء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات.
شباب المغرب هو المستقبل ولن نتركه ضحية الفكر الظلامي الإرهابي…