تشهده تفاصيله العديد من المناطق الساحلية
أطلقت مصالح الإدارة الترابية قبل أسابيع حملات لتحرير الملك البحري، واستعانت السلطات المحلية التي كانت مدعومة بعناصر الدرك الملكي أو الأمن، والقوات المساعدة، وأعوان السلطة في أكثر من منطقة بجرافات لهدم مساكن، البعض منها مهجور وتم التخلي عنه، والبعض الآخر لا يزال مستغلا، وهي المباني التي تم تشييدها بأجمعها خارج الضوابط القانونية، فأصبحت مع مرور الزمن، وصمت الجهات المختصة مكتسبا، يرى العديد من أصحابها أنه لا يحق المساس بها أو استهدافها، بعدما أدرجوها بـ «قوة الواقع» ضمن الملك الخاص؟
ملك بحري في مرتيل، انطلقت تفاصيل تحريره مطلع الأسبوع الجاري، وهي نفس العملية التي شهدتها منطقة الداهومي في تراب جماعة بوزنيقة الأسبوع الماضي، وقبلها بكثير في سواحل الشريط الساحلي التابع لإقليم اشتوكة ايت ياها، من تفنيت وشاطئ سيدي الطوالي والدويرة وسيدي الرباط، إلى غاية النقطة الفاصلة مع إقليم تزنيت، حيث تم هدم المئات من المساكن في عملية نوعية كانت هي الأكبر من نوعها، مقارنة بما تم تسجيله في تراب عمالات وأقاليم أخرى.
مناطق لم تكن لوحدها معنية بهذه الحملة، فتحرير الملك البحري، شهدته كذلك منطقة إمسوان الواقعة على بعد حوالي 50 كيلومترا عن شمال أكادير، وذلك تنفيذا لتعليمات السلطات الترابية الولائية، وفي الداراالبيضاء تم هدم البنايات العشوائية المحيطة بـ «سيدي عبد الرحمان» الذي يعتبر منطقة شهيرة، يعلمها الخاص والعام، ويقصدها الكثير من الأشخاص، والتي ظلت تحبل بالعديد من المتناقضات والمشاهد الشائنة والمسيئة التي لطالما كانت مثار انتقاد؟
وتلقى العديد من المتتبعين خطوة تحرير وتثمين الملك البحري، بكثير من التفاؤل المرفوق بعبارات التنويه والتشجيع، نظرا لأن هذا القرار شكّل موضوع توصيات العديد من التقارير الداخلية والخارجية، لما له من أبعاد اقتصادية وتنموية وجمالية، فضلا عن كون تفعيله سيؤدي بالضرورة إلى القطع مع مظاهر التطاول على «الملك العام» واستئساد الفوضى، وتكريس مشاهد «تحجيم» القانون، ويعطي الضوء الأخضر لتفعيل وأجرأة المخططات الحكومية المسطرة للنهوض بالسواحل والإقلاع بها تنمويا.
وإذا كانت عمليات تحرير الملك البحري قد انطلقت في وقت معين واستمرت إلى أن أنهت مع مظاهر التسيب والفوضى في مناطق بعينها، فقد غلب عليها في أخرى البعد الانتقائي، ولم تشمل كل المباني غير القانونية المتطاولة على الشواطئ، والتي قزّمت من مساحة عدد من السواحل، التي باتت رمالها لا تمتد إلا لبضع خطوات، إذ تم هدم أجزاء من بعضها، وتم تجاوز البعض الآخر، في حين تم دكّ عدد منها دكّأ كلّيا، مما جعل عددا من المعنيين والمتتبعين يطرحون أكثر من علامة استفهام، إن كان هذا التحرير قد جاء بتصور شمولي على طول المدن الساحلية المغربية، أم أن بعض الاعتبارات الخاصة ستتحكم في تنفيذ هذا القرار في بعض المناطق، أو أن هذا الهدم الجزئي ما هو إلا مقدمة لتحرير كلّي، وهل تتم هذه العملية بالاستناد على روح القانون، بعيدا عن كل أشكال الشطط، التي قد توصف بها بعض التدخلات من طرف بعض من يعتبرون أنفسهم متضررين ويتوفرون على عقد وأحكام قضائية تشرعن لهم «التطاول» على الملك البحري وتشييد ما شيّدوه على رمالها؟