تشييع جثمان الراحلة عائشة الخطابي، بحضور الأمير مولاي رشيد

جرت، بعد ظهر الخميس بالدار البيضاء، مراسم تشييع جثمان الراحلة عائشة الخطابي، كريمة محمد بن عبد الكريم الخطابي، وذلك بحضور الأمير مولاي رشيد.
وبعد صلاتي الظهر والجنازة ، تم نقل جثمان الفقيدة إلى مثواها الأخير بمقبرة الرحمة حيث ووريت الثرى.
وجرت هذه المراسم، على الخصوص، بحضور أفراد أسرة الفقيدة وذويها، وعدد من الشخصيات.
وكانت الفقيدة عائشة الخطابي قد انتقلت إلى عفو الله أمس الأربعاء بالدار البيضاء عن سن ناهز 81 سنة، وذلك بعد معاناة مع المرض.
وكانت الراحلة قد انتقلت للعيش بالقاهرة والدراسة بها قبل أن تختار العودة إلى المغرب غداة وفاة والدها.
وقد حصلت عائشة الخطابي على شهادة البكالوريا من المعهد الأمريكي للبنات بالقاهرة، وعملت قيد حياتها مستشارة بمؤسسة عبد الكريم الخطابي.
المرحومة عائشة الخطابي، نجلة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي في ذمة الله
وفي تأبين الراحلة من طرف مصطفى الكثيري المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير جاء فيها : « رزئــــت أســـــــرة الحركــــــــة الوطنيـــــة والمقاومـــــــة وجيش التحرير يوم الأربعاء 04 ربيع الأول 1445 الموافق لـ 20 شتنبر 2023 في فقدان المرحومة عائشة الخطابي، نجلة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، عن سن 81 سنة بعد صراع مع المرض.
ازدادت المشمولة بعفو الله عائشة الخطابي سنة 1942 بجزيرة لاريينيون التي نفي إليها والدها رحمة الله عليه وترعرعت في بيت دين وعلم، وألحقها والدها بالمدرسة بالقاهرة لما انتقلت أسرتها للعيش في مصر إلى أن حصلت على شهادة الباكالوريا من المعهد الأمريكي للبنات بالقاهرة.
ساعدها محيطها العائلي، وانشغال والدها بالقضية الوطنية على خوض تلك النقاشات التي كانت تملأ البيت، مما أجج فيها الحماس الوطني ودفعها إلى الاهتمام بقضايا الوطن مما جعلها تعود إلى أرض الوطن سنة 1991 لتنخرط في أعمال الخير بحس وطني عالي وبروح المواطنة الايجابية.
كانت الفقيدة المبرورة دائمة التواصل مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تشيد بالمبادرات ت التي تقوم بها هذه المؤسسة الوطنية للحفاظ على الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، معتبرة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ل104 المبثوثة عبر التراب الوطني بيتا لها لما تحتويه من صور ووثائق تاريخية ومعدات وألبسة شاهدة على مرحلة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.
وقد أغنت فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالحي المحمدي بالدار البيضاء بالجلباب التقليدي لوالدها المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي وبوثائق تاريخية خاصة بمعركة أنوال الخالدة.
وكلما حل المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمدينة الدار البيضاء إلا وزارها بمنزلها، وكانت في حديثها تعرب عن إكبارها وتعظيمها للتضحيات الجسام والمواقف الشهمة التي حمل لواءها الملك المجاهد، بطل التحرير والاستقلال ، جلالة المغفور له محمد الخامس رائد ملحمة 20 غشت المجيدة، مسترخصا الغالي والنفيس ومتحملا الشدائد والأهوال مع رفيقه في الكفاح والمنفى الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليهما إعلاء لراية الوطن وذوذا عن حماه وحياضه وصونا لمقدساته وثوابته ومقوماته.
كما تشيد بما خصها بها الملك محمد السادس نصره الله الملك محمد السادس من شامل العطف وسابغ الحدب، مشيدة بتوجيهات جلالته السديدة الداعية إلى صيانة وتثمين الذاكرة التاريخية الوطنية وتكريم رموزها وأعلامها واستلهام دروسها وعبرها وعظاتها الطافحة بشمائل الوطنية الحقة ومواقف المواطنة الإيجابية.
وفي هذه الظروف الأليمة التي تركت في أعماقنا مشاعر الحزن والأسى والحسرة بهذا المصاب الجلل، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيدة الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يتغمدها بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وأن ينزلها منزل صدق مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا.
من جهة أخرى أشاد حقوقيون وفاعلون جمعويون وأقارب المرحومة عائشة الخطابي، كريمة محمد بن عبد الكريم الخطابي، بالمواقف الوحدوية الحاسمة والثابتة للراحلة.
وأبرزوا، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب تشييع جنازة المرحومة بعد صلاة ظهر الخميس بالدار البيضاء بحضورالأمير مولاي رشيد، أن مواقف الراحلة في كل المناسبات وفي كل الملفات كانت تقوم على الدفاع عن وحدة أبناء المغرب ووحدة أراضيه.
وفي هذا الصدد، قال الحقوقي والسياسي وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا مبارك بودرقة، إن مواقف المرحومة عائشة الخطابي كانت وحدوية حاسمة ومشرفة مشيرا إلى أنها كانت مدافعة عن الوحدة الترابية للمملكة، كما كانت تعتبر «ما تحقق في منطقة الشمال خلال العشرين سنة الأخيرة» بمثابة «معجزة» خصوصا بعد النقص في البنيات التحتية والاقتصادية والاجتماعية الذي عانت منه مناطق كالحسيمة والناظور والريف عموما .
وذكر بأنه وقف خلال آخر زيارة قام بها للمرحومة عائشة الخطابي، على التقدير الذي كانت تكنه للملك محمد السادس بالنظر للعناية التي خصها بها جلالته ، هي وعائلتها.
من جانبه، أكد محمد المرابطي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن الراحلة ظلت تحتفظ للملك محمد السادس بمحبة غامرة وتقدير خاص، نظير العناية الموصولة التي خص بها على الدوام ساكنة الريف، من خلال المشاريع والمبادرات التنموية التي تم إطلاقها للنهوض بأوضاع الساكنة.
وأبرز أن الفقيدة ظلت معتزة بالاستقبال الملكي الذي حظيت به بمناسبة عيد العرش لسنة 2018 بما يؤكد المكانة التي كانت تحظى بها، والعناية التي يوليها جلالته لتنمية منطقة الريف والنهوض بأوضاع ساكنتها، والحس الانساني الراقي لجلالته.
وسجل أن الراحلة ظلت امرأة وطنية وحدوية، تعبر عن فخرها واعتزازها بوطنها وملكها، مؤمنة بثوابت الأمة ووحدة وطنها، مضيفا أن الفقيدة كانت غداة أحداث الحسيمة صوت الحكمة والتعقل بعيدا عن أي نعرات أو اصطفافات.
من جهته، اعتبر الفاعل الجمعوي، شريف أدرداك، أن الفقيدة عائشة الخطابي كانت رمزا للمرأة الريفية المغربية المناضلة، فهي سليلة المقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي، وقد ذاقت معه مرارة المنفى، حيث ولدت سنة 1942 خارج أرض الوطن، مشددا على أن هذا الأمر «لم يمنعها من حب أرض أجدادها فعادت إلى المغرب حيث قررت الاستقرار بالدار البيضاء».
وأضاف أن الفقيدة كانت لسان حال أبناء الريف المتشبثين بأهداب العرش العلوي المجيد والمعتزين بانتمائهم للمغرب من طنجة إلى الكويرة، حيث استطاعت بحنكتها أن تقف أمام جميع المحاولات الرامية لتزوير تاريخ الريف واستغلال رمزية والدها من أجل النيل من استقرار الوطن.
من جانبه، ذكر الأستاذ الباحث بكلية الآداب بجامعة محمد الأول بوجدة وابن منطقة الريف، جمال أبرنوص، بأخلاق الراحلة وحسها الوطني الرفيع، مذكرا بانخراطها في عدد من قضايا الريف والوطن وتوظيف حظوتها الرمزية وحسها الاجتماعي ومصداقيتها لدى مختلف الأطياف للدفاع عن قضايا المنطقة والوطن.
وكشف أقارب ومقربون من المرحومة، في تصريحات مماثلة لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن البعد الانساني للراحلة حيث تحدث نجلها منير بوجيبار، عن سيدة «طيبة محبوبة من طرف الجميع».
أما شقيق زوج المرحومة ، صلاح الدين بوجيبار فسجل أن أبناء محمد بن عبد الكريم الخطابي «تلقوا التربية نفسها وكان لديهم الهدف نفسه والفلسفة نفسها التي توارثوها عن أبيهم، فكانوا يفتخرون بمغربيتهم، وكانوا مدافعين على الدوام عن بلدهم من طنجة إلى الكويرة».
وتطرقت فاطمة عزبان، والتي كانت رفيقة المرحومة لمدة 50 سنة، من جانبها إلى حرص الراحلة على الانخراط في العمل الخيري، إلى جانب نضالها ووطنيتها الكبيرة وحبها لبلدها.
كما أكد فاعلون جمعويون ينحدرون من منطقة الريف وينشطون بكل من بلجيكا وهولندا، أن الراحلة عائشة الخطابي، كريمة المرحوم محمد بن عبد الكريم الخطابي، والتي انتقلت إلى عفو الله، الأربعاء بالدار البيضاء، كانت «وطنية متشبثة تشبثا راسخا بثوابت المملكة»، ودافعت دوما عن وحدة المغرب وعملت على إشاعة قيم التلاحم والتضامن لدى الشعب المغربي.
وفي هذا السياق، أكد البلجيكي-المغربي، خالد حناوي، رئيس جمعية «الجالية 24»، أن «الفقيدة عائشة الخطابي، التي تشكل وفاتها خسارة كبرى بالنسبة للوطن، كانت وطنية متشبثة أيما تشبث بثوابت المملكة».
وقال الفاعل الجمعوي المنحدر من مدينة الناظور، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن «الراحلة آمنت على الدوام بمغرب موحد، وما انفكت تؤكد اعتزازها بمغربيتها وبملكها».
وأضاف أن الفقيدة كانت بمثابة ذاكرة حية لمنطقة الريف وشهاداتها أغنت تاريخ حركات الكفاح ضد الاستعمار في مختلف جهات المملكة، موضحا أن التاريخ سيذكر «امرأة مغربية جسدت صوت الحكمة».
من جهته، أبرز الهولندي-المغربي، عيسى مزياني، الفاعل الجمعوي وعضو الحزب الديمقراطي المسيحي بهولندا، الخصال التي تميزت بها المرحومة عائشة الخطابي، باعتبارها شخصية وطنية دافعت دوما عن وحدة المغرب وشعبه وعن سيادة المملكة ووحدة ترابها.
وذكر بأن الملك محمد السادس كان قد استقبل الفقيدة عائشة الخطابي، بمناسبة الذكرى الـ 19 لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، لافتا إلى أن هذا الحدث شكل مصدر فخر كبير بالنسبة للراحلة، ولكن أيضا بالنسبة لجميع أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي تظل متمسكة على نحو قوي بوطنها الأم.
وبحسب مزياني، فإن رحيل عائشة الخطابي، الشخصية الوطنية التي قدمت المثال في حب الوطن والتمسك بثوابت الأمة، يشكل خسارة كبرى بالنسبة للمغرب، داعيا إلى الحفاظ على ذاكرة الشخصيات الوطنية التي تحمل دروسا للأجيال الصاعدة.
وأضاف أن الفقيدة عائشة الخطابي ترمز لقيم الوحدة والتضامن التي تميز الشعب المغربي، والتي تجسدت مرة أخرى في الاستجابة لتداعيات زلزال الحوز، خلف القيادة المستنيرة للملك محمد السادس.
من جانبه، تذكر قاسم أشهبون، الفاعل الجمعوي النشط بهولندا، الفقيدة كـ «مدافعة قوية عن وحدة الأمة وثوابتها وقضاياها المقدسة».
وأشار إلى أن الفقيدة جسدت الارتباط القوي لعائلة الراحل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأبناء منطقة الريف بشخص جلالة الملك، موضحا أنها كانت تؤمن إيمانا راسخا بنهضة المنطقة بفضل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها جلالة الملك لمدينة الحسيمة سنة 2000 غداة اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين.
«يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي».


بتاريخ : 23/09/2023