تصريحات وزيرة دنماركية بشأن الصيام تثير استياء المسلمين في البلاد

يشهد شهر رمضان الحالي في الدنمارك نشاطا دينيا مكثفا موازاة مع إثارة تصريحات وزيرة دنماركية بشأن الصيام جدلا واسعا واستياء المسلمين في البلاد.
و تعود جذور هذا الجدل إلى مقال نشرته ، خلال الأسبوع الجاري، إنغر ستويبرغ وزيرة شؤون الهجرة والاندماج الدنماركية ، دعت فيه المسلمين إلى أن يستفيدوا من العطلة في رمضان “لأنهم يمثلون مصدر خطر على المجتمع الدنماركي”.
وقالت إنغر ستويبرغ ، التي تتبنى سياسة متشددة حول الهجرة، إن “الصيام طوال يوم العمل يمثل تحديا للمجتمع المعاصر”.
ويبلغ عدد المسلمين في الدنمارك نحو 250 ألف من إجمالي تعداد سكاني يصل إلى 5.7 مليون نسمة ، حيث يضمن الدستور الحرية الدينية.
وعبرت الوزيرة، البالغة من العمر 45 عاما ، والمنتمية لحزب فينسترا (وسط اليمين)، عن مخاوفها من تأثير الصيام على “السلامة والإنتاجية” في الحافلات والمستشفيات.
وكان تصريحها كافيا لتتلقفه الصحف الوطنية والأجنبية ولنشر تدوينات متعددة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وسبق لإنغر ستويبرغ أن أثارت جدلا كبيرا، خلال السنة الماضية ، حينما نشرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صورة لها احتفالا بتعديلات قانونية تهدف إلى تشديد إجراءات الهجرة في البلاد.
كما نشرت الوزيرة، خلال شهر شتنبر الماضي، على صفحتها بموقع “فيسبوك” لقطة لشاشة جهاز الكمبيوتر اللوحي الخاص بها تظهر رسما للرسول صلى الله عليه وسلم كان من بين الرسوم المسيئة التي فجرت، خلال سنة 2005 ، موجة من الغضب بين المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وسارعت كارين إيليمان، من حزب فينسترا، إلى التأكيد أن تصريحات الوزيرة لا تعد مقترحا رسميا لتغيير القانون، في حين قال جاكوب ينسن، العضو في نفس الحزب ، في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “يجب علينا نحن السياسيين أن نبحث أولا عن حلول للمشاكل الحقيقية”.
وفي هذا السياق ، قالت بيا هاميرشوي سبيليتورف ، المسؤولة عن التواصل في شركة “أريفا” ، التي تدير عددا من خطوط الحافلات في الدنمارك ، “لم نواجه أي مشاكل أو حوادث تتعلق بالسائقين الصائمين”.
وأبرزت أن حوالي ثلث سائقي الحافلات ، البالغ عددهم 3500 في الدنمارك ، من أصول غير دنماركية ، مضيفة أن السائقين المسلمين عادة ما يعملون بدلا من زملائهم الدنماركيين خلال فترة أعياد الميلاد.
وأضافت المسؤولة ذاتها “لن نحاول حل مشكلة لا وجود لها ، ونحن ، كما قلت سابقا ، لم نشهد أي مشاكل عملية خلال فترة رمضان”.
ووصف اتحاد العمال الدنماركي ، وهو أكبر نقابة في البلاد ، ، تصريحات إنغر ستويبرغ بأنها “غريبة” ، قائلا إنه “لم يسمع أبدا عن أي حالة شكل فيها الصيام عائقا”.
وينطبق نفس الأمر على اتحاد “3 إف” لوسائل النقل في الدنمارك ، الذي تساءل زعيمه يان فيلادسن عما إذا كانت الوزيرة تريد اختلاق مشكلة غير موجودة.
من جهته ، نشر اتحاد المسلمين في الدنمارك رسالة على شبكات التواصل الاجتماعي شكر فيها إنغر ستويبرغ لاهتمامها بقضية الصيام ، لكنه أشار إلى أن المسلمين يمكنهم الاعتناء بأنفسهم وبالمجتمع.
وقال اوزليم سيكيتش ، وهو سياسي سابق في الحزب الاشتراكي اليساري ، إن هذه التصريحات “طريقة حزينة لبدء رمضان” وهي “تساعد على حفر خنادق أعمق” داخل المجتمع الدنماركي.
كما عبرت الدكتورة عبير الكالمجي، التي تعمل في قسم الصحة المهنية بمستشفى أودنسي الجامعي، عن رفضها لفكرة أن صيام رمضان يثير القلق حول السلامة في مكان العمل.
وقالت الكالمجي، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إنها لم تشهد طوال عقد ونصف من العمل كطبيبة تراجع أداء زملائها بسبب الصيام ، معتبرة أن مهمة الوزراء تكمن في “إيجاد حلول للمشاكل الحقيقية وليس اختراعها”.
وشددت على أنه “إذا كانت الوزيرة تهتم حقا بتفسير الآثار المترتبة عن صيام رمضان على صحة وسلامة الأفراد والمجتمع، فإنه يجب أن تدمج المعطيات الدقيقة حول هذه القضية في تحليلها، بدلا من التصريح بأشياء غير موثقة”.
وفي الوقت الذي يحتدم فيه هذا النقاش على أعمدة الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي، تشهد المساجد، رغم طول فترة الصيام (حوالي 20 ساعة)، إقبالا كبيرا من قبل المصلين ، خاصة في نوريبرو، الحي متعدد الثقافات والأجناس في كوبنهاغن ، حيث يمثل المهاجرون والدنماركيون من أصول أجنبية المنحدرون من شمال افريقيا والشرق الأوسط والصومال نحو 30 في المائة من السكان.
وإذا كان القلق المعبر عنه إزاء الخطاب المعادي للمهاجرين وهجوم اليمين المتطرف يهيمن على هذه النقاشات، فإن هذا الشهر الفضيل يعتبر مناسبة لتنظيم حفلات الإفطار الجماعي، وتبادل الزيارات العائلية، وأداء صلاة التراويح.


الكاتب : حسين ميموني

  

بتاريخ : 30/05/2018