هل أعلن ولي العهد السعودي الحرب على الوهابيين؟
خلف تعيين الشيخ محمد العيسى، عضو هيئة كبار العلماء والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، خطيبا ليوم عرفة بالسعودية من طرف رئاسة شؤون الحرمين، موجة من الجدل سواء داخل المملكة السعودية أو خارجها في باقي العالم، بين تيارين، معتدل وسطي يدعو إلى التسامح والتنوير والتجديد في الدين، وآخر ثيوقراطي متطرف ومتشدد، ينظر بعين الريبة لكل لمسة تجديد، ويعتبرها ابتداعا، وأن كل «بدعة ضلالة».
تعيين الشيخ محمد العيسى من طرف رئاسة شؤون الحرمين عبر موقعها الرسمي وحسابها على تويتر يوم الثلاثاء الماضي جاء فيه : «صدور الموافقة السامية الكريمة على قيام معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، عضو هيئة كبار العلماء الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة لهذا العام 1443ه».
ودافع العديد من أنصار الحداثة والتنوير والتسامح عن هذا التعيين بإطلاقهم حملة مساندة له في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي تشيد فيه بهذا الاختيار، ليخطب يوم عرفة بالناس في هذه المناسبة الدينية لما لها من مكانة روحية مقدسة، ويعتبرونه داعية وسطي. كما استنكروا الحملة الممنهجة من قبل أنصار التيارات الدينية المتشددة
واعتبر هؤلاء أن الخطاب الذي يقدّمه الشيخ محمد العيسى مُربك جداً للذهنية المتطرفة، التي ظلّت زمناً طويلاً تحاول ترسيخ خطاب أحادي يصنع الكراهية والجهل، ويبذر بذور الإرهاب .
من جانبهم، هاجم أنصار الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها «الإخوان» و»داعش» و»القاعدة»، الشيخ محمد العيسى، وذلك عبر ترويج جملة أكاذيب وافتراءات ضارية ضده على تويتر في عدد من الدول، من بينها مصر وقطر والأردن والجزائر، تتهمه بالترويج للتطبيع، فضلا عن لقائه المزعوم بحاخامات يهود، ودعمه لمشروع ديارنا الذي يعتبر مقبرة البقيع في المدينة المنورة إرثًا يهـوديًا. بل ذهب البعض إلى حد دعوة المصلين «لمقاطعة الصلاة خلف العيسى» للتعبير عن غضبهم. واصفين تعيين العيسى لإمامة الناس في أكبر تجمّع عالميّ يشهده المسلمون كل عام بــ»الجريمة» .
وألقى الشيخ محمد بن عبد الكريم العيسى خطبة عرفة من مسجد نمرة يوم الجمعة الماضي، في رسالة تؤكد من خلالها السعودية انتصارها لقيم الوسطية والتسامح، وتوجه صفعة قوية لتنظيم الإخوان الإرهابي.
وشدد العيسى في خطابه على نبذ الفرقة والبغضاء، قبيل توجه الحجيج إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم.
وأوصى العيسى حجاج بيت الله الحرام بالبعد عن كل ما يؤدي إلى التنافر والبغضاء والفرقة وحث على التوادد والتراحم في المعاملة، والتصدي للمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام، وفق ما نقلت وكالة «واس» السعودية الرسمية.
ودعا المسلمين وجموع الحجيج في مسجد نمرة في مشعر عرفات إلى «الحرص على امتثال قيم الإسلام التي صاغت سلوك المسلم».
وقال إن هذه «القيم محسوبة في طليعة معاني الاعتصام بحبل الله، وإن الوحدة والأخوة والتعاون تمثل السياج الآمن في حفظ كيان الأمة وتماسكه، وحسن التعامل مع الآخرين».
يذكر أن تعيين الشيخ محمد العيسى خطيبا ليوم عرفة، كما وصفه مراقبون، يعتبر قلبا للطاولة على آل الشيخ الذين تعودوا على الانبراء لهذه المهمة، خاصة أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أقدم، في وقت سابق، على اعتقال عدد من أفراد أسرة الشيخ البارزة التي ينحدر أفرادها من صلب محمد بن عبد الوهاب، إمام الوهابيين.
وكان ولي العهد السعودي قد صرح، في مقابلة أجرتها معه مجلة “أتلانتيك” الأمريكية، أن محمد بن عبد الوهاب كسائر الدعاة وليس رسولًا، بل كان داعية فقط. ومن ضمن العديد ممن عملوا من السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى. وأضاف أن الناس الذين كانوا قادرين على القراءة أو الكتابة هم فقط طلاب محمد بن عبد الوهاب. فتمت كتابة التاريخ بمنظورهم، وقد أسيء استخدام ذلك من متطرفين عديدين، بحسب قوله.