ما استحدث في مجال ترميم وتوسيع وتجديد شبكة السكك الحديدية والقطارات العادية والسريعة، بما في ذلك القطار السريع المعروف بالبراق، الرابط بين طنجة والدارالبيضاء حاليا، يعتبر شيئا جميلا ومفرحا خاصة لمن يتنقلون بين المدن التي يتواجد فيها القطار من مراكش جنوبا إلى طنجة شمالا، دون نسيان الناضور ووجدة والمدن المتواجدة بين نقط الانطلاق ونقط النهاية…لكن سيسجل التاريخ «نقطة سوداء» تؤرخ لعقود طويلة منذ الاستقلال إلى هذه اللحظات، التي أحاول فيها إثارة انتباه المسؤولين. إنها نقطة تعبر عن نفسها بالملموس، وهي عدم تمديد السكة الحديدية ولو بمتر واحد نحو الأقاليم الجنوبية، وبالضبط نحو أكادير، تارودانت وتيزنيت… فالعيون، رغم مكانة هذه الأقاليم السياحية والاقتصادية، ورغم ما تتميز به ساكنة هذه المناطق من حركة دائمة في جميع الفصول وما يعانونه من معاناة مع الحافلات التي لا تتوفر العديد منها على الشروط اللازمة للنقل المريح.
فهل سيأتي يوم نتجه فيه إلى الأقاليم المشار إليها بواسطة القطار؟ ولنا أن نتساءل ما المانع من إنجاز هذا المشروع المربح ؟
الجواب عند من يسعون إلى تحقيق المساواة بين الأقاليم والجهات، بين ساكنة الشمال والجنوب، الشرق والغرب، عند من يتحدثون عن المساواة في الحقوق والواجبات، في الاجتماعات العامة والخاصة. إنها «نقطة سلبية» يتحدث عنها أبناء الأقاليم الجنوبية في مجالسهم ومنتدياتهم المتعددة ، ويلاحظها الأجانب من زوار الحواضر والبوادي الجنوبية، علما بأن المساواة نلمسها في أداء الواجبات من ضرائب ومرابحات، وفي المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي استكمال الوحدة الترابية وكل ما له علاقة بخدمة الوطن والمواطن. وعندما يتعلق الأمر بالحقوق، يجب العمل على تحقيق الضروري منها كالتعليم والصحة والماء… وكذا القطار العادي والسريع والبراق الأسرع.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن موضوع «القطار بالأقاليم الجنوبية» سبق أن طرح في البرلمان في نهاية التسعينات، وتم إنجاز الدراسات، لكن دون أن تترجم على أرض الواقع ، في وقت شهدت حواضر أخرى إنجازات مهمة ، في حين سجلت العديد من بوادي سوس ارتفاعا في الهجرة الكلية بعد الجزئية، كما ارتفعت «غزوات» الخنزير البري لممتلكات الساكنة المعوزة وتزايدت تمظهرات الرعي الجائر… وغيرها من السلبيات المعيقة للتنمية الحقيقية .
إنها وضعية لها مضاعفات سلبية على الصعيدين المحلي والوطني، مما يستوجب إعادة النظر في تحقيق العدالة الجهوية، باعتبار أن الجهات وساكنتها أبناء لهذا الوطن ولا فرق بين هذه الجهة أو تلك، علما بأننا نعيش في زمن وحدت فيه التكنولوجيا ومواقع التواصل والمدرسة، بمستوياتها المختلفة، بين أبناء الوطن في ما يخص الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي…