في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في شمال إفريقيا، تتكشف خيوط ‹شبكة معقدة› من التحالفات والتهديدات التي تعيد تشكيل ملامح المنطقة.
منذ اندلاع الحرب بين «إسرائيل» و»حماس»، أطلقت «إيران» تهديدا غير متوقع بإغلاق مضيق «جبل طارق»، مما أثار تساؤلات حول مدى قدرتها على تنفيذ مثل هذا التهديد. لكن مع توالي الأحداث، بدأت تتضح أبعاد هذا التهديد، خاصة في ضوء التقارير التي تكشف عن تعاون وثيق بين «إيران» و»جبهة البوليساريو» عبر «حزب الله» اللبناني.
تحالفات غير تقليدية لزعزعة استقرار المغرب!
تكشف تقارير حديثة عن تدريب مقاتلين من «جبهة البوليساريو» (المدعومة من الجزائر)، على يد «حزب الله اللبناني» (الذراع العسكري لإيران) في المنطقة. هذا التعاون يشير إلى محاولة إيران توسيع نفوذها في شمال إفريقيا من خلال دعم حركات انفصالية، مما يهدد استقرار المنطقة ويزيد من تعقيد النزاعات القائمة.
في نونبر 2024، شنت «جبهة البوليساريو» هجوما صاروخيا على منطقة «المحبس» في جنوب المغرب، مستهدفة ‘احتفالات مدنية’ بذكرى المسيرة الخضراء. هذا الهجوم – الذي وقع بالقرب من الحدود الجزائرية – يعكس تصعيدا خطيرا في النزاع، ويثير تساؤلات حول: «دور الجزائر في دعم مثل هذه العمليات خاصة بالقرب من حدود دول أخرى؟».
البوليساريو: اختراقات، اتهامات ودعوات دولية
تواجه ‘جبهة البوليساريو’ اتهامات خطيرة بـ»تجنيد الأطفال» في ‹مخيمات تندوف› بالجزائر، حيث تشير التقارير (الدولية) إلى تدريبهم على المهام العسكرية واستغلالهم في النزاعات المسلحة. هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتدخل المجتمع الدولي لحماية هؤلاء الأطفال من استغلالهم البشع.
في تطور لافت يعكس تزايد القلق الدولي من أنشطة ‘جبهة البوليساريو’، وصف النائب الأمريكي المؤثر «جو ويلسون» (رئيس مجموعة الصداقة الأمريكية-المغربية) الجبهة بأنها: «منظمة إرهابية» مدعومة من «إيران»، متورطة في أعمال زعزعة الاستقرار في إفريقيا».
وأشار ويلسون أيضا إلى أن: «البوليساريو، التي تتلقى الدعم والتسليح من الجزائر، ترتبط بعلاقات مع وكلاء إيرانيين مثل حزب الله، وحماس، ونظام بشار الأسد، مما يشكل «محور شر» يهدد السلام الإقليمي والدولي».
تأتي هذه التصريحات، في وقت تتزايد فيه الأدلة على تورط البوليساريو في أنشطة إرهابية، بما في ذلك التعاون مع تنظيمات مثل: «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، «تنظيم الدولة الإسلامية» في الصحراء الكبرى، «الانفصاليين الأكراد» في مخيمات تندوف، مما يثير مخاوف من تحول هذه المخيمات إلى مراكز لتجنيد وتدريب العناصر المتطرفة.
الحاجة إلى استراتيجيات جديدة
هذه التحركات (الإرهابية) تعزز الدعوات لتصنيف البوليساريو كـ»منظمة إرهابية»، ما من شأنه أن يفرض عليها ‹عقوبات دولية› ويحد من قدرتها على التحرك بحرية، مما قد يسهم في تقويض أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
في ضوء هذه التطورات الخطيرة، تبرز الحاجة الملحة إلى تبني استراتيجيات جديدة وشاملة لمواجهة التهديدات المتزايدة في شمال إفريقيا. يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك «الأمم المتحدة» و»الاتحاد الإفريقي» اتخاذ خطوات حاسمة لـ»حماية الأطفال من التجنيد القسري»، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ينبغي كذلك، تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتفكيك الشبكات الإرهابية ومنع انتشار الأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة إلى الجماعات المسلحة. ويتعين على الدول المعنية – خاصة الجزائر – تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في هذا الصدد، وضمان عدم استخدام أراضيها كمنصات لـ»تأجيج النزاعات» و»زعزعة الاستقرار».
إن التصدي لهذه التحديات، يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونا دوليا فعالا، يركز على: «الوقاية من النزاعات»، «حماية المدنيين» و»تعزيز التنمية المستدامة في المناطق المتأثرة». وفقط، من خلال تبني مثل هذه الاستراتيجيات، يمكن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.