ثمانية وعشرون عاما ولم أسق الرب خمرا
يأكل من رأسي الطير العجاف
ولم أكن قديسا كي أفرق بين رؤيا البيادر في منامْ
والجوع الذي يمشي في الشوارع بأحذية ثقالْ
كنت شاعرا بئيسا يروض القلب على حب وردة
وكراع عجوز يسند القلب بعصا المجازْ
ويلقي – بلا جدوى – قميص القصيدة على وجه العالم
ويحلم بالصبح محمولا على جناح حمامة
ثمانية وعشرون عاما أعصر مقلتي في غمامة
أعير الحبّ أنفاسي، أغني واليمامه
لكن حاذي القصيدة أعمى
ووقع السنابك تمحوه الرياح
يشرئب العدم
ويقيم في القلب صرح السؤال
فتدرك أن السراب سرابٌ
وأن الورد كالقصيد سريع التلفْ
وأنّ الصدى صدأٌ، وأن البحار عجاف
ثمانية وعشرون عاما
والطريق إلى الجبّ طريق من الجبِّ
والرعاء يزدحمون حول النبع الوحيد
ولا شجر تأتي إليه النبوءة
وربة الشعر تركت في ليالي الشتاء معطفها الوثيرْ
ثمانية وعشرون عاما
ورثت عن القصيدة إحساسا مفرطا بالوهم
وعن الطير الغناءَ لجذع يأكله نمل الوقت
وعن الماء إصرار الجنود في خندق الذاتْ
وبنيت من حطام الحقيقة شرفةً تطل على اللاشيء
ثمان وعشرون عاما ولم أسق الرب خمرا
ولم أتعلم كيف أروض القصيدة بعدُ
ولا كيف أوقفُ الصَّحْبَ على رسمٍ أكلته الرّيحْ