جديد الفنان المغربي «عدنان الخالدي»مع المسرحي سعيد كرامو: نحن لا نعاني من غياب فضاءات.. بل نعاني من عدم استثمارها

سعيد كرامو من الفنانين المسرحيين الجديديين الذين بصموا الساحة الفنية بأعمال متميزة، وذلك من خلال مساهمته في التأليف والإخراج عبر جمعية ربيع الابداعي التي أصبح لها الآن ريبيرتوارا متشكلا من عدة مسرحيات ومثلت المغرب خارج الوطن وحصلت على جوائز وتنويهات شرفت المدينة.
اليوم التقينا بالمسرحي سعيد كرامو وكان لنا معه هذا الحوار.

 

– صدر لك كتاب يتضمن مسرحيتين، حثيث الليل و عائد من الجحيم، حدثنا عن الكتاب و عن الإصدار الجديد؟
– الكتاب هو مؤلف يتضمن مسرحيتين كما قلت في 62 صفحة من الحجم المتوسط. النص المسرحي الأول يحمل عنوان «عائد من الجحيم « وهي مسرحية واقعية من أربع مشاهد ترصد أحداثها ما يجري في سجون مخيمات الذل و العار وما عاشه الاسرى المغاربة من تجاوزات وتعذيب وخرق سافر لحقوق الإنسان، تعتبر قضية وحدتنا الترابية هي التيمة الأساسية للنص الذي يتكون من شخصيتين محوريتين سالم وغانم بالإضافة الى عدة شخصيات ثانوية، تدور الأحداث في مستشفى للأمراض النفسية هناك حيث يبوح العائد من سجون البوليزاريو عن عذاباته وكل ما تعرض له من وحشية.
النص الثاني يحمل عنوان «حيث الليل» مسرحية اجتماعية ترصد بدورها قضايا اجتماعية تقدم في قالب ساخر، تتخذ من الحلم بناء ليتشكل النص المسرحي تتكون من شخصيتين محوريتين شاب وعجوز وهي تحمل نوعا من صراع الأفكار والأجيال بمختلف تلاوينها تدور الأحداث في الخلاء بعد أن نزل الشاب رفقة الشيخ من الحافلة لقضاء حاجته إلا أن هذا الأخير تأخر مما دفع بالحافلة الى أن تتركهم في الخلاء .. وهنا يبدأ السجال والحوار ساخنا حينا فاترا حينا بين الشخصيتين حيث تظهر الهوة بين الشباب وطموحه والشيوخ ونهاية تطلعاتهم.

– نود كذلك معرفة مسيرتك الفنية، متى بدأت؟
– البداية كانت من بوابة الموسيقى حيث أشرفت رفقة مجموعة من الأصدقاء(كمال هشام، بلغاشي نجيب،عقيدي رضوان، حسن بوعوينة) سنة 1993، على تكوين مجموعة موسيقية ذات طابع ملتزم «جيل السلام» داخل فضاء ثانوية أبي شعيب الدكالي ليلتحق بنا بعد ذلك الزجال عبد الكريم ماحي وآخرون وبرزت خلالها ككاتب كلمات ومؤدي أو مغني بعدها كانت البداية في المسرح الجامعي بنفس الصفة سنة 2000 ككاتب كلمات ومؤدي مقاطع موسيقية رفقة الفنان كمال عصام من خلال مسرحية «رأس المملوك جابر» لسعد الله ونوس وإخراج وحيد الشرقاوي ولم يكن يدور في مخيلتي يوما أن أنتقل من الغناء الى الكتابة والإخراج، بل تدرجت خلال 20 سنة في كل مهن المسرح تقريبا من خلال فرقتي طبعا فرقة ربيع الإبداع وبعض الفرق الأخرى التي أشتغل معها سواء مخرجا أو كاتبا أو تقنيا، حتى أصبح هذا المسرح جزءا من حياتي. وبين هذا وذاك لازلت أغازل القصة القصيرة بين حين وأخر عبر صفحات بعض الجرائد الوطنية.

– ما هي الإنجازات التي حققتها، جمعية ربيع الإبداع التي ترأسونها؟
– بكل تواضع أعتبر جمعية ربيع الإبداع مدرسة مسرحية بمدينة الجديدة، فقد أشرفنا منذ التأسيس سنة 2001 على الانخراط في تنظيم ورشات فنية في تقنيات المسرح وكان هدفنا الأول هو تكوين متلقي جيد قبل أن نبحث في تجهيز ممثل جيد، ومع مرور الوقت استطعنا أن نقدم شبابا ممارسين أبانوا عن إمكانيات لا بأس بها خلال ملتقيات وطنية ودولية خصوصا الممثل زهير برتال. الجمعية أيضا ساهمت في تنشيط الساحة الفنية كذلك بالمدينة من خلال تنظيم مهرجان مازيغن للمسرح الإحترافي في تسع دورات، استضفنا خلالها فرقا مسرحية محترفة من اسبانيا وتونس وليبيا ومصر، ناهيك عن تكريم ألمع الأسماء الوطنية المرحوم احمد الصعري، حسن النفالي، الحبيب الأصفر، الدكتور عبد المجيد شكير، محمد كابي، عادل أباتراب، سعاد النجار، جواد العلمي، حفيظة خويي، أيضا ساهمنا في إثراء الساحة الثقافية من خلال تنظيم ملتقى ربيع الإبداع للقصة القصيرة واستضافة أسماء بارزة من قبيل أحمد بوزفور، عبد الحميد الغرباوي، لطيفة باقا، المصطفى لكليتي، أما على صعيد الأعمال المسرحية فريبرتوار الجمعية يضم العديد من الأعمال المسرحية أغلبها بأقلام محلية بداية بمسرحية أحلام عربية، أولادك يا بلادي، ع داوي، عائد من الجحيم، مرايا، حثيث الليل، كليلة ودمنة، الغريب، أزليات الشاف عنترة، الكمين، في انتظار سيدنا اقدر، تقرقيب الناب، اسمع يا عبد السميع، هذه الأخيرة التي تم تتويجها عربيا ومغاربيا في المهرجان المغاربي لمسرح الهواة بنابل في دولة تونس الشقيقة في نهاية سنة 2018 ، حيث حازت على جائزة أحسن نص للدكتور عبد الكريم برشيد وجائزة أحسن ممثل للفنان محمد رباني، في حين منحتنا اللجنة تنويها عن الدور النسائي في شخص الفنانة مريم صوفي وتنويها عن الإخراج للفنان محمد رباني، وهو تتويج خارجي غاب عن المدينة منذ سنة 1993.

– بعد حصولكم في مهرجان تونس على هذه الجوائز هل تم تكريمكم في مدينة الجديدة؟
– قبل التكريم وبعد أن تم قبول ملفنا للمشاركة بالمهرجان المغاربي بتونس الشقيقة تعذر علينا الحصول على التذاكر، وطرقنا جميع الأبواب بدون فائدة سواء المنتخبين أو المسؤولين الى أن أتيحت لنا الفرصة بلقاء السيد عامل إقليم الجديدة الذي سهل مأموريتنا وحثنا على أن نشرف تمثيل المغرب في المهرجان، وبعد التتويج والعودة استقبلنا على هامش تكريم بعض الأبطال الرياضيين بساحة البريجة وأثنى على إنجازنا وعلى العمل الذي نقوم به، حينها وعدنا السيد مدير القطب الكيماوي الجرف الأصفر أمام الجميع بتقديم عرضين مسرحيين على نفقة إدارته، واحد لفائدة العائلة الفوسفاطية والأخر لفائدة الساكنة الجديدية كتكريم ودعم للفرقة، إلا اننا لم نتوصل بشيء لحد الساعة رغم اتصالنا بالمسؤولين عن الشأن الفني في الإدارة الفوسفاطية بالجديدة، أما عن أصحاب الاختصاص، وأقصد هنا المديرية الإقليمية للثقافة بالجديدة، فكأننا لم نشارك ولم نتوج ولا هم يحزنون، ليتبين بأن الضامن الوحيد للفعل الثقافي بالمدينة هوعامل صاحب الجلالة السيد محمد الكروج، وانا هنا لا أرمي أحدا بالورود، فالمسرح الجديدي حاليا مدين لهذا الشخص بالكثير نظرا للتحولات التي نعيشها سواء على مستوى البنيات التحتية أو على مستوى الدعم المادي.

– مؤخرا حصلتم على الدعم من وزارة الثقافة، حدثنا عن العمل المدعم وعن ظروف الدعم ؟
– العمل المدعم هو نفسه العمل الذي تكلمنا عنه «اسمع يا عبد السميع»، وأنا أرى أن هذا الدعم هو امتداد للنجاح الذي حققه العمل، فبعد التتويج بتونس شاركنا بإقصائيات المهرجان الجهوي للمسرح الإحترافي، وتم تتويجنا على رأس الفرق المشاركة بالإقليم لنتأهل رفقة ثماني عشرة فرقة محترفة بالجهة، ونتواجد ضمن لائحة الفرق الست المشاركة بالمسابقة الرسمية في حد ذاته انجاز. أي نعم أننا لم نتوج بأي جائزة، لكن أن تتواجد في مسابقة رسمية جنبا الى جنب رفقة كبار المسرحيين أمثال عبد الرحيم المنياري وعبد اللطيف الخامولي وجواد العلمي وغيرها من الأسماء المحترفة هو في حد ذاته إنجاز. لذلك أرى أن انتقاء العمل من طرف لجنة الدعم بوزارة الثقافة هو تحصيل و حصاد ما جنيناه من مجهود وعطاء وإخلاص في العمل.
– الوضع الثقافي بمدينة الجديدة كيف تراه؟
– سؤال شائك، وسأختصر الإجابة في نقطتين، مدينة الجديدة أرض خصبة ولها تاريخ ثقافي فني حافل فهي المدينة التي أعطت سعيد عفيفي وطه عبد الرحمن وادريس الشرايبي وعبد الكبير الخطيبي وموليم لعروسي وغيرها من الأسماء الكثيرة لازالت تزخر بالطاقات والمواهب على جميع المستويات، لكن المشكل يتمثل في الدعم وكيفية الحفاظ على هذه الطاقات، فشبابنا اليوم يرمي بنفسه في قوارب الموت وفي دهاليب الإدمان. ما الفائدة من تشييد مركب ثقافي ضخم وتحويله لمدرسة عليا غالبية طلابها من خارج الإقليم، ما الفائدة من بناء مركب ثقافي آخر يخصص لفئة معينة ويمنع منه أبناء المدينة، ما الفائدة من بناء فضاءات ثقافية للشباب ويتم إقفالها أو يتم استغلالها في غايات أخرى لا تخص لا الشباب ولا الثقافة ولا الفن. نحن لا نعاني من غياب فضاءات بل نعاني من عدم استثمارها، نعاني ونحن في مدينة تضم أقطابا صناعية مهمة من غياب ميزانية قارة من أجل تنشيط المدينة ثقافيا وفنيا وتحويلها لقطب سياحي ثقافي.أتدري أن المجلس الجماعي آخر ما يفكر به هو الشأن الثقافي والفني؟ الوضع الثقافي بالمدينة يعاني سوء التسيير والتدبير سواء من طرف المنتخبين أو من طرف المديرية الإقليمية للثقافة.

– ماهي مشاريعك المستقبلية؟
– سيصدر لي قريبا نص مسرحي باللغة العربية الفصحى «صفعة بالحي» عن رواية «الحي الخلفي» للروائي المغربي محمد زفزاف ضمن إقامة فنية لمسرح أبعاد من البيضاء، لأجل الاشتغال على أربع روايات، تم اختيارها بشكل يغطي الوطن العربي روائيا، وذلك عبر نموذج ينتمي إلى المغرب، ويتعلق الأمر برواية «الحي الخلفي» لمحمد زفزاف، ثم المغرب العربي الذي تمثله الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي بروايتها ذاكرة جسد، ثم الشرق الأوسط برواية المصري نجيب محفوظ، رحلة ابن فطومة، وأخيرا الخليج العربي للسعودي الأصل عبد الرحمن منيف بروايته شرق المتوسط.
وأشتغل أيضا على مشروع مجموعة قصصية ستصدر صيف 2021 ، هذا على مستوى الكتابة بالنسبة للمسرح اشتعل على إخراج مسرحية «وانقطع الخط» للكاتب المغربي شكيب عبد الحميد في إطار فرقة ربيع الإبداع.

– كلمة أخيرة
– هي كلمة شكر و عرفان و تقدير لكل من ساهم من بعيد أو قريب في دعم وسند مسيرتي الفنية ولكل من قدم لي الإضافة، أتمنى أن أكون عند حسن ظن الجمهور و محبي سعيد كرامو كما أشكرك على سعة صدرك مع تحياتي لجميع أفراد طاقم جريدتكم .


الكاتب : أجرى الحوار: شكيب عبد الحميد

  

بتاريخ : 11/11/2020