احتفاء بالذكرى 49 لاسترجاع أقاليمنا الصحراوية ، نظمت جمعية فاس سايس يوم السبت الماضي تظاهرة ثقافية وطنية في لقاء مباشر مع الكاتب الصحافي الصديق معنينو حول ملحمة المسيرة الخضراء .
اللقاء تم بقصر المؤتمرات وحضره جمهور غفير من المثقفين والسياسيين والإعلاميين وعدد غفير من مواطني ومواطنات فاس.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية لرئيس الجمعية ذ حسن اسليغوة، أكد فيها أن هذه الذكرى هي عزيزة على قلوب المغاربة لأن المسيرة الخضراء كانت منطلقا لاسترجاع الصحراء المغربية وربط الشمال بالجنوب رغم كيد الأعداء ، فبعد ملحمة تحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي التي قادها الملك المجاهد محمد الخامس سنة 1956،عشنا مع الراحل الملك الحسن الثاني ملحمة ثانية من خلال استرجاع صحرائنا ،وها نحن اليوم نعيش ملحمة ثالثة مع صاحب الجلالة محمد السادس، ملحمة أخرى وهي قفزة نوعية في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والسياسية .
وخلص رئيس الجمعية في كلمته قائلا..إننا سنظل جنودا وراء جلالة الملك الذي مافتئ ينوه بالتضحيات التي قامت بها الأجيال السابقة.
وبعد هذه الكلمة، انطلق المحاضر الصديق معنينو في محاضرته القيمة متحدثا وبإسهاب عن أهم المراحل التاريخية التي عاشها المغرب منذ الحسن الأول والمؤامرات التي حيكت ضده من طرف الدول الأوروبية الاستعمارية في محاولة للهيمنة على بلدنا، حيث ركز كثيرا على ما أسفرت عليه نتائج مؤتمر الجزيرة الخضراء التي اشتد فيها الصراع حول الهيمنة على المغرب من لدن إسبانيا وبريطانيا ،
وانطلق المحاضر للحديث عن عهد الملك المناضل الملك محمد الخامس، الذي ساند الحركة الوطنية في نضالها المشروع حتى حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، وصولا إلى عهد الملك الحسن الثاني الذي كان همه الأساسي استرجاع أقاليمنا الصحراوية .
وهكذا يقول ذ معنينو فإن الحسن الثاني صرح في الأمم المتحدة سنة 1963 مطالبا بتحرير الصحراء، إذ طالبت هذه الأخيرة من إسبانيا أن تفاوض المغرب حول الصحراء ، وبعد إقرار محكمة لاهاي الدولية بالبيعة والعلاقة التي كانت تربط بين سكان الصحراء والسلاطين العلويين أخذ الحسن الثاني يفكر في الطريقة الأنجع لتحرير الصحراء المغربية دون دخول الحرب مع إسبانيا الدولة المستعمرة ،فكان أن استدعى ثلاث ضباط وطالبهم بأداء القسم وكتمان السر وأطلعهم على مراحل إعداد المسيرة الخضراء، كما استدعى رئيس الحكومة آنذاك السيد العراقي والراحل الزعيم عبدالرحيم بوعبيد وطالبهما بأداء القسم ثم أطلعهما على الخطة التي أقرها من أجل تحرير الصحراء،كما استدعى أعضاء الحكومة الذين أدوا قسم الكتمان، وأخيرا تم الاجتماع بعمال الأقاليم حيث أمر جلالته بان تنطلق المسيرة بعدد 350000 مواطن ومواطنة على أن تمثل النساء 10 في المائة من المتطوعين، وتم إعداد الضروريات من نقل واكل وشرب وكل المستلزمات اللوجيستكية الضرورية لإنجاح المسيرة .
وفي 4 نونبر ألقى الحسن الثاني خطابا من أكادير معلنا انطلاق المسيرة الخضراء السلمية من كل مناطق المغرب عبر القطارات والشاحنات وصولا إلى مدينة طرفاية، وفعلا كانت المسيرة ملحمة تاريخية يقول ذ معنينو ،حيث تعالت الهتافات والزغاريد في جو حماسي، وكان الجميع حاملا كتاب الله وأدوا الصلاة في الصحراء وبعد ذلك صعدت فوق سطح سيارة الجيب لنقل أطوار المسيرة والحشود التي كانت تردد الله اكبر، ولم أشعر بنفسي أين أوجد ،وبدأت أردد لبيك اللهم لبيك والدموع تنهمر من عيناي، وقد أسهب المحاضر في وصف حماس وانضباط المتطوعين والمتطوعات أثناء انطلاقهم نحو مدينة العيون وعبورهم الأسلاك الحديدية الوهمية إلى أن وصلوا إلى مشارف مدينة العيون حيث وجدوا أنفسهم أمام الجيش الإسباني المدجج بمختلف الاسحلة ، وكانت لحظات لاتنسى ، كلما تذكرتها تنساب الدموع مدرارة من عيناي يقول المحا.ضر.
وفي 6 نونبر وطأت أقدام المغاربة مدينة العيون دون أن يقوم الجيش الإسباني بأي محاولة عسكرية ، وبعد ذلك أمر جلالة الملك بعودة المواطنين إلى مدينة طرفاية .
وفي 17 نونبر، انطلق وفد مفاوض برئاسة رئيس الوزراء الراحل احمد عصمان إلى إسبانيا حيث تم توقيع اتفاقية تسليم الصحراء إلى السلطات المغربية.
وبعد هذا العرض المسهب تم تكريم ذ معنينو، حيث قدم له رئيس الجمعية درع المؤسسة ،كما قدم له رئيس جماعة فاس درع فاس مع هدية تذكارية.
وعلى هامش هذا الحفل القيم ألقى الإعلامي ذ عبد السلام الزروالي مندوب وزارة الاتصال بفاس سابقا شهادة في حق المحتفى به مؤكدا أنه انتقل من إعلامي محنك إلى كاتب مذكرات، ابتدأت تجربته الأولى في حلقات نشرها بجريدة المساء سنة 2012، كتب فيها عن حياة والده الوطني الحاج أحمد معنينو رحمه الله وكفاحه من أجل تحريرالوطن، وبعد نجاح هذه التجربة واصل معنينو الكتابة حول تجربته الإعلامية بالإذاعة والتلفزيون المغربي ووزارة الإعلام، حيث أصدر سلسلة أيام زمان ،وقد امتاز أسلوب السلسلة بالبساطة حيث كانت الجمل تنطلق كشلال متناغم يغري بالمتابعة ، ورغم إن المؤلف يعتمد على الذاكرة المستفزة، إلا أنه كان يعود لبعض المراجع منها موريطانيا ضد العواصف لمؤلفها المختار ولد دادة وحرب سرية في الصحراء الغربية لحسن العلوي وغيرها من المراجع الهامة .
والواقع يقول الإعلامي الزروالي إن ذ معنينو كان موفقا في كل المهام التي أنيط بها كصحافي ومدير للإذاعة والنلفزيون وكاتب عام لوزارة الاتصال، إذ كان مبدعا في تدبيره، حيث نال الاحترام من مكونات الصحافة ، وقد واجه واقعا محفوفا بالمخاطر بشجاعة لأنه كان مؤمنا بقضايا الوطن وهمومه وظل لعقود في قلب الحدث الإعلامي والسياسي ،لأنه كان مقربا من مراكز القرار مقترحا ومنفذا وشاهدا على الحدث بكل تفاصيله ، من هنا تبرز قوة مذكرات أيام زمان قادمة من حجم المعلومات والوقائع الممتدة على مدى اربعة عقود.
وخلص ذ الزروالي في شهادته إلى أن الفائدة من التاريخ ليست الغوص في الماضي فقط ، بل لفهم الحاضر أيضا ، فكل الشكر والعرفان للخدمات التي قدمها الصادق الصديق معنينو للثقافة والإعلام ببلادنا.
جمعية فاس سايس تستضيف الكاتب الصحفي الصديق معنينو
الكاتب : فاس: محمد بوهلال
بتاريخ : 13/11/2024