جواد شفيق، عضو المكتب السياسي ومقرر اللجنة التنظيمية :  الاتحاديون ذاهبون نحو مؤتمرهم الذي له وحده صلاحية أن يقرر في الخط والتنظيم والقائد

للاتحاديين أن يفتخروا بأن مؤتمرهم يحضر بوتيرة جيدة ومنتظمة، في أجواء من المشاركة الواسعة

والانخراط الواعي والاختلاف الخلاق والوحدة الدافعة نحو الأمام

تفصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مسافة أسبوعين عن عقد المؤتمر الوطني الحادي عشر، ويعي الاتحاديات والاتحاديون أن هذه المحطة، محطة تاريخية بامتياز، ما جعلهم يضاعفون المجهودات على أكثر من صعيد لتوفير كل شروط النجاح والتوفيق لهذا المؤتمر، سواء على المستوى السياسي والتنظيمي أو اللوجيستيكي. فبعد نشر الورقة السياسية بجريدة الاتحاد الاشتراكي، وانطلاق مناقشة المقرر السياسي والمقرر التنظيمي على مستوى مجالس الجهات والأقاليم، ثم الشروع في عمليات انتخاب المؤتمرات والمؤتمرين بكل جهات المملكة، التقت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» جواد شفيق، عضو المكتب السياسي ومقرر اللجنة التنظيمية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الحادي عشر، وكان لنا معه هذا الحوار حتى نضع القراء والرأي العام الوطني في الصورة حول مسار النقاش الاتحادي التحضيري للمؤتمر.

 

 

نحن في بداية العد العكسي لانعقاد المؤتمر الوطني الحادي عشر، كيف ترون الاستعدادات لهذه المحطة التاريخية من قبل الاتحاديات والاتحاديين؟

كما يلاحظ الجميع، وبغض النظر عن بعض الخرجات الفيسبوكية المعزولة التي تطعن في كل شيء، ونحن نخاف على هذه الحالات النفسية من أن تتحول إلى جلد نفسها بعد أن تنتهي من جلد كل وأي شيء، فإن الاتحاديين من خلال المؤسسات الشرعية لحزبهم ذاهبون نحو استكمال حلقات التحضير للمؤتمر الوطني الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
لقد انعقد مجلسان وطنيان، وتشكلت لجنة تحضيرية، اشتغلت لعشرات الساعات، ونظمت ندوات سياسية وتنظيمية، ونظمت عشرات اللقاءات لمناقشة مشاريع المقررات، ونحن الآن بصدد انتخاب المؤتمرين.
وبالنظر لهذا المجهود الاستثنائي، الذي بذل في ظروف استثنائية، فإن للاتحاديبن أن يفتخروا بأن مؤتمرهم يحضر بوتيرة جيدة ومنتظمة، في أجواء من المشاركة الواسعة والانخراط الواعي والاختلاف الخلاق والوحدة الدافعة نحو الأمام.
بل إنه يمكن الجزم، بأنه لم يسبق لمؤتمر وطني للاتحاد الاشتراكي أن حضر بهذه المشاركة الواسعة والشفافية المطلقة والدينامية الحزبية الشاملة والتعددية المضمونة، والهدوء والثقة في النفس الشاملين.
هناك، بطبيعة الحال، أصوات هنا وهناك، لبعضها وجهة نظر تعبرعن نفسها بلباقة، وبعضها الآخر، نحن حائرون لحد الساعة في إيجاد توصيف لائق بها، لأنها قد تنتمي لكل شيء، إلا للسياسة والأفكار والمشاريع.

 

 يبدو أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يولي أهمية قصوى للمسألة التنظيمية، في أفق انعقاد المؤتمر الوطني الحادي عشر، لماذا كل هذا الاهتمام؟ وماهي المنطلقات والنهايات الخاصة بهذا الجانب؟

المسألة التنظيمية هي جزء أساسي من التراث السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي ليست مجرد مساطر وقوانين وإجراءات.
التنظيم هو حاضنة ووعاء المشروع السياسي، وهو قنوات ووسائل تفعيل وتصريف هذا المشروع.
ولذلك ظل الاتحاد الاشتراكي يزاوج استراتيجيا بين تجديد وصقل مشروعه السياسي/ المجتمعي وتحيين وتكييف فلسفته التنظيمية لتتلاءم وتتماشى مع ما استجد في المشروع المجتمعي الاتحادي.
بالنسبة للمؤتمر الوطني الحادي عشر، وعكس ما يدعيه الذين لم يقرؤوا ما حضرناه، أو الذين ينطلقون من نيات مبيتة/ معلنة، فقد حظي «النموذج التنظيمي الجديد « بكثير من اهتمام وتفكير ونقاش وتأمل وإبداع الاتحاديين.
لقد انطلقنا من أن النموذج التنظيمي»اللينيني» الذي سار عليه الحزب لستة عقود، رغم جرعات التجدبد الذي أدخلت عليه، قد يكون استنفد مهامه وأبان عن محدوديته.
نحن في زمن العولمة الإلكترونية وخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي ، والحزب الرقمي، والثورة الدائمة للمعلوميات، والديمقراطية السائلة والدائمة، فكيف لنا كحزب انتمى لعصره دائما، ووجب عليه أن يستمر في ذلك ، أن يحافظ على رصيده وتراثه السياسي/ التنظيمي، وأن يكيف ذلك مع ما سلف ذكره من مستجدات تتعاظم باستمرار ؟
وكيف السبيل إلى التوليف بين الأداء الانتخابي والأداء التنظيمي والسياسي؟ وكيف لنا أن نزيح ذاك التوتر الذي ظللنا نشتكي منه بين المثقف / الكفاءة/ التقنوقراطي والفاعل التنظيمي الميداني اليومي؟ وكيف لنا أن نضمن المشاركة الواسعة للمناضلين وحتى المواطنين مع الحفاظ على خصائص أي تنظيم بشري من حيث الانضباط واحترام رأي الأغلبية؟ وكيف لنا أن نجعل من تنظيماتنا تنظيمات وظيفية، بمهام واضحة وبرامج مدققة وتمويلات محددة…لنبلغ غاية ربط المسؤولية بالمحاسبة على المستوى التنظيمي؟ وكيف لحزب اشتراكي ديمقراطي، رسالته التاريخية ستظل تنتمي إلى المستقبل، أن تكون تنظيماته فضاءات للانفتاح والاستقطاب في أوساط مختلف الفئات الاجتماعية الواعية والمتصلة باستمرار Connectées( أطر شابة، طلاب، نساء، جمعويون ) ؟ فئات المستقبل.
هذه بعض الأسئلة التنظيمية التي تطارحها الاتحاديون وهم يعيدون صياغة مشروعهم التنظيمي النظري.
وبطبيعة الحال، فقد حظيت إجراءات وترتيبات انعقاد وتنظيم المؤتمر بحيز من المناقشات التنظيمية، لأنه كان لزاما علينا، بالنظر لظروف الجائحة، أن نبدع صيغا تسعفنا على تنظيم المؤتمر في احترام لروح القانون (قانون الأحزاب والقانونين الأساسي والداخلي للحزب )، وفي تقيد بما هو منصوص عليه في مرسوم الطوارئ الصحية.
وهكذا جاءت فكرة المنصات الجهوية، ومناقشة التقريرين الأدبي والمالي ثم انتخاب أعضاء المجلس الوطني والكتابات الجهوية داخل هذه المنصات، وربما ننتخب حتى الكاتب الأول بذات المنصات.

كيف تنظرون لمستوى النقاش السياسي والتنظيمي الذي واكب التحضير للمؤتمر الوطني الحادي عشر ؟

عندما يشارك السي عبد الواحد الراضي والأخ خالد عليوة ومحمد بنعبد القادر وخولة لشكر وعبد الحميد جماهري وبنيونس المرزوقي ويونس مجاهد وعائشة الزكري وعمر بنعياش وجمال الصباني وعبد لله الصيباري وعبد السلام الرجواني … وعشرات المناضلين والجامعيين والمثقفين الاتحاديين من مختلف الأجيال والتخصصات، فلك أن تتصور دسامة الوجبات الفكرية والثقافية والسياسية والتنظيمية التي هيئت على نار التحضير الهادئ والجيد للمؤتمر.
لم يترك الاتحاديون موضوعة thématique مستجدة إلا وتناولوها بالمساءلة والتحليل والتمحيص…
تحولات المجتمع والمجال: السوسيولوجية والقيمية والمعرفية والديمغرافية والتقنية والسلوكية.
تحولات الحقل السياسي: التعدد، التغول، الانتخابات، المؤسسات، الدولة، الإسلام السياسي، اليسار .
المغرب وتحولاته الجيواستراتيجية: الشركاء التقليديون، الشركاء الجدد، الجوار، إفريقيا، الوحدة الترابية، الأمن الاستراتيجي، التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب والإجرام المنظم…
النموذج التنموي الجديد: تمويله، آجاله، فئاته المستهدفة، حكامته، وكيف للاتحاد أن يكون فاعلا فيه؟
الدولة المغربية: دولة رعاية أم دولة مرافقة؟ دولة محورية أم دولة عرضانية؟ مركزية أم جهوية؟ اجتماعية أم غير ذلك ؟ مدنية أم غيرها؟
المعارضة الاتحادية: تاريخها، حاضرها، بمن، مع من، كيف، أين ؟؟
التنظيم الحزبي: تقييم ما مضى، وكيف نبقى فاعلين ونؤلف بين المقر والجهاز وما تتيحه التكنولوجيا من أجل التعبئة والتأطير والانفتاح والإشعاع؟
هذه نماذج للقضايا والأسئلة التي اشتغل الاتحاديون عليها وهم يحضرون مؤتمرهم.
وقد عمل الإعلام الحزبي وجميع الاتحاديين على تعميمها على الجمهور الواسع قصد الاطلاع عليها والتفاعل معها، وقد فعلنا ذلك بدون أدنى مركب نقص، بل وباعتزاز كبير بالنظر لحجم الاهتمام الإعلامي والجماهيري الذي يحظى به الاتحاد ومؤتمره…
وذلك وحده دليل قاطع على عظمة هذا الحزب.

 هناك من يختزل انعقاد المؤتمر الوطني في بعض الأمور التنظيمية، ويحاول تعويم ماهو موضوعي في ما هو ذاتي وشخصي كيف تردون على هؤلاء؟

ونحن نتابع هذا الاختزال الشديد والمتعمد وغير البريء لما أنجزه وحضره الاتحاديون إعدادا لمؤتمرهم، من حقنا أن نتساءل: لماذا كل هذا الابتسار؟ ما غاية ذلك ؟ هل بهذا الأسلوب سنحافظ على شعرة معاوية ؟ أليست أغلبية شرعية هذه التي حضرت ما حضر؟ أليست مؤسسات شرعية تلك التي حضر فيها ما حضر ؟ أليسوا مناضلين هؤلاء الذين حضروا ما حضر ؟ لماذا كل هذا التشنيع والتقريع ؟ ثم لماذا اللجوء إلى مؤسسات خارج البيت الاتحادي لمخاطبة الاتحاديين؟ وأخيرا وليس آخرا، هؤلاء الذين يركبون لغة «مالك مزغب؟» ، هل يقبلون أن يعاملوا كما يعاملون هم الاتحاديين قيادة وقواعد لو كانوا هم يدبرون الحزب؟ وهم يطعنون ويخونون ويلعنون كل من بقي في المؤسسات الشرعية للحزب، هل يملكون بدائل بشرية ومادية كافية «لطردنا» من بيتنا والإتيان بمن يستبدلنا؟؟
بماذا يمكن أن تتحدث مع شخص بنى ترشيحه على القذف ؟ وآخر تجرأ على نعت إخوته بالمافيا السياسية( ونظر لما قاله متناسيا بأن ذلك يدخل في باب الاتهام الخطير الموجب للمساءلة القانونية )، وآخر «توحشاتو» المقرات والاجتماعات؟
على أية حال، بعد حفلة الانتحار الجماعي، فقد قضي الأمر، والاتحاديون والاتحاديات ذاهبون أكثر عزما ووحدة نحو مؤتمرهم الذي له وحده صلاحية أن يقرر في الخط والتنظيم والقائد…وما عدا ذلك، فالاتحاديون «ما عندهم بو الوقت اللي يضيعوه» في هذه البيزنطيات الفارغة.


الكاتب : الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 14/01/2022