جَحِيمُ تَرْتَارُوسْ !

 

دَارَتْ دَوَائِرُ الزَّمَان.!
وَانْتَهَى بِكَ الْمَطَافُ
غُبَارًا
مِنْ سَقْطِ رَحًى،
تَقُدُّ حَصًى
مِنْ صَخْرِ أَيَّامِكَ،
وَجَمْرِ أَحْلَامِكَ
مِنْ أَثَرِ خَطْوِكَ،
كَظِلِّ بُخَارٍ،
يَعْبُرُ الْبِحَارَ
وَالْأَحْلَامَ
بِجَنَاحَيْ مَوْعِدٍ
ضَرِيرٍ…

*
حَمَلْتَ دَهْرَكَ
فَوْقَ ظَهْرِكَ…،
تَجُرُّ خَطْوَكَ،
يَرْسُمُ تَجَاعِيدَ نَهْرِكَ
وَشْمًا فِي دَفْتَرٍ
مَنْسِيٍّ
عِنْدَ ضِفَّةٍ
وَارِفَةِ النِّسْيَانِ
وَالْهَذَيَانِ…

*
ضَيَّعْتَ طَرِيقَكَ
وَعُكَّازَتَكَ،
مَشَيْتَ فِي ضَبَابِ السِّكَكِ،
دَمُكَ يَقْطُرُ قَانِيًا
سَخِينًا
مِنْ وَجَعِ السَّوَادِ
وَالرَّمَادِ،
وَيَئِنُّ مِنْ جَمْرِ أَرْصِفَةٍ،
تَحْرُسُ نَارَ ظَهِيرَةٍ،
وَحَدِيدٍ مِنْ زَمَنٍ هَارِبٍ
صَوْبَ زَنَازِنَ،
وَمَهَاوِيَ سَحِيقَةِ
الْأَغْوَارِ
وَاَلظِّلَالِ
وَالْمَشَانِقِ…

*
أحْلَامُكَ لَمْ تَعُدْ وَقُودًا لِلطَّرِيقِ،
يَهْمِي بِهَا حَادِيَ الْعِيسِ
أُغْنِيَةً لِلنَّجْمِ الْبَعِيدِ
فِي سُرَى الَّليَالِي الدَّامِسَةِ…

*
ضَاعَتْ مَوَاوِيلُكَ
صَدًى،يَذْرُوهُ
الضِّرَامُ المُلْهَبُ
في حُدَاءِ خَطْوِكَ،
وَسُخَامِ رَمْسِكَ…

 نِدَاءٌ إلى كَاوْسْ !

فِنْجَانُ دَهْرِكَ
زَوْبَعَةٌ مِنْ جَحِيمِ
هَاوِيَةٍ،
وَضَرِيمِ نَارٍ
ثَاوِيَةٍ،
وَ ثُمَالَةِ كَأْسٍ
لَاهِبَةٍ…

*
يَا كَاوْسْ، أَعِيدِي
مَخَاضَ الْكَوْنِ
مِنْ بَدْء الْأَزَلِ،
وَانْثُرِينِي تَيْهًا
فِي سُدُمِ الْأَبَدِ…

*
يَا كَاوْسْ، طَهِّرِي
مَرَابِعَ النَّارِ
مِن ذَرْقِ خَفَافِيشِ
مَدِينَتِيَ الذَّاوِيَةِ،
وَابْعَثِينِي فِنِيقاً
مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ
أُعِيدُ انْفِجَارَ الْخَلِيقَةِ…

فِي مِحْرَابِ كَاوْسْ !

بِآيِ الْكَوْنِ الْمُشْرِقَاتِ
وَمْضِي مِنْ تَجَلِّيَاتِي!…
وَمِنْ قَبَسَاتِي…!
وَمِنْ تَشَوُّفَاتِي!…
أَرَاكِ سِرَاجًا يَجْلُو ُظلُمَاتِي
جَذْبًا هَائِمًا
فِي خُطْوَاتِي
الْمُتَعَثِّرَاِت
فِي دُرُوبِ  الشَّوْقِ،
وَفِي طَرِيقِ الْعِشْقِ،
وَفِي سَبِيلِ الْمَوْتِ!…

*
أَحْيَى ذَوْبًا فِي الُّلقْيَا…
مِنِّي الرُّوح ُخَاشِعَةً،
وَمِنْكِ الْيَدُ حَانِيَةً،
عَلَى هَذَا الْجَسَدِ الرَّمِيمِ
الْقَادِمِ تَوًّا مِنْ رِحْلَةِ الْبَرْزَخِ وَالْأَرْمَاسِ
مُتَبَتِّلًا شَكُورًا…
وَفِي مَحْرَابِ السَّدِيمِ أَظْمَأُ لِشَرْبَةٍ
منْ تَوْبَةِ الْدَّهْرِ،
ونُسْغِ الرَّزَايَا،
وَالْعَطَايَا
شَفِيعَةً لِهَذَا الْفُؤَادِ الضَّرِيرِ،
ضَلَّ عَنِ الصِّرَاطِ
وَالْأَرْصِفَةِ،

وَمَا تَاهَ عَنِ الْأَقْبِيةِ،
يُخَمِّرُ الْأَحْقَابَ
قَنَانِيَ مِنَ خَطَايَا
عَرَايَا
هَدَايَا آبِقَاتٍ
رَاقِصَاتٍ
مُتَرَنِّحَاتٍ
بِغُنْجِ الْخَلْخَالِ فِي رُسْغِ الهَاوِيَةِ…


الكاتب : صلاح الدين بشر

  

بتاريخ : 24/11/2023