«حاجتي في كَريني»، إبداع جديد لمسرح وامراس : أو حينما تحاكم الأحداث والأزمنة والانفعالات نفسها بالمكاشفة

 

عن اللقاء الثلاثي بين المؤلف والمخرج والممثل، يصرح مؤلف مسرحية «حاجتي في كريني» الكاتب والصحفي والباحث في التراث الشعبي الدكتور حسن نجمي: «فَاتَحْتُ الفنانة الكبيرة نُجُومْ الزُّهْرَة في أن تَحْمِلَ عِبْءَ هذه الفكرة، ورحَّبَتْ بعد أن فاتَحَتْ الفنان الكبير العزيز الأستاذ عبد الإله عاجل وقَبِلَ أن يَخُوضَ هذه المغامرة الإِبداعية بجرأته المعتادة وبِحِسِّهِ الفني والجمالي والثقافي. والواقع أنني كنتُ مشدودًا إلى شخصية نُجُومْ ونَبْرَتِها مثلما إلى تجربتها فوق الخَشَبَات حيث يتداخل المُشْتَرَك في رصيدها ورصيد عاجل».
ويزيد د.حسن نجمي، توصيف تلك العلاقة الفنية المتميزة: «إِذْ أنخرط مع الأَصدقاء في (مسرح وامراس) في هذه التجربة، أُدْركُ إِلى أَيِّ حدّ سيكون عَلَيَّ أن أحمِلَ اليومَ في داخلي – كما قال الشاعر البرتغالي فرناندو بّْسُوَّا – جميع المعارك التي تَفَادَيْتُها، وربما جميع المعارك التي خضتُها وخاضَهَا جيلي والجيل الذي سَبَقَني بروح وثَّابَة من الأمل والثقة في المستقبل، وأيضًا بغَيْرِ قليلٍ من الأَلم والإحساس بالإِخفاق والتَّعَثُّر والارتياب».
وعن مختبر مسرحية حاجتي في كريني بين الفكرة والتقطيع ووضع الرؤى والتصورات، على المستوى الأدبي والجمالي والفني والتقني، يصرح المؤلف: «والحق أنني تعلَّمتُ من هذه الورشة، كيف يمكن أن يقتسمَ أكثرُ من ممثلٍ حصَّةَ الكلام التي تَصَوَّرتُها في البداية مُونُودْراما تَنْهَضُ بالدَّوْر الأَساس فيها سيدةٌ مُتَعلِّمَة تستعيد مسار حياتها المشتركة مع زوجٍ ملتزم سياسيًّا ونضاليًّا آلت حياتُه واختياراته إلى نوع من الإِخفاق والخيبة…لقد كان حواري مع المخرج فرصة لأفهم كيف نستحضر العلاقة بين الزوجة وزوجها، وذلك من خلال مشاهد التعارف والزواج والحُبّ والإِثارة الجسدية والرُّوحية، ثم مَشَاهِد الفظاظة القاسية التي عاشها الزوج أثناء محن الاعتقال وفقدان الحرية. وكيف يرى عاجل متطلبات توجيه الممثلين صَوْبَ بناءِ رؤيةٍ للواقع، وكيف يحملون النص بكل حيثياته ومكوناته المتعددة (اللهجة القَرَوية، الشُّحنة الاجتماعية، الخلفية الثقافية، روح الدُّعابَة، المُفَارَقَة الساخرة، تعرية الحميمية، إفشاء الأسرار العائلية بغَضَب فاضح، الحديث بما يشبه جَرْدَ الحساب الأَخير، الكشف عن الخلافات العميقة أمام شُهُودٍ، بين الزوج وزوجها الذي لم يكن يُنْصِتُ إِليها في حياته، وتقريبًا لم يُنْصِت إِليها في آخر لحظة وهو يموت كما لو كان مَوْتُهُ قرارًا شخصيَّا)»
يرد المخرج عاجل عبد الإله على المؤلف: «في هذا النص المسرحي الجديد ـ حاجتي فكريني ـ لمست بأن المؤلف يتعامل مع دراماتورجيا جد مركبة ومعقدة وكأنه يركب بحرا هائجا متخطيا أمواجه العالية بمدها وجزرها دون أي مجداف معتمدا على سواعده الفكرية والأدبية التي يعي جيدا أنها ستفضي به/بنا، بعمل جدي وجيد إلى بر الأمان. إن سبل وطرق الكتابة في مسرحية ـ حاجتي فكريني ـ تكاد تخترق المشاعر والصور وأحيانا حتى الخيال وكل التوقعات كما أن التركيب اللغوي ـ للدارجة المغربية ـ الممثلة لجغرافيات متعددة تبرز في النص المسرحي بحدة وقوة، لتخاطب متلقيها ومسرحنا اليوم وللأسف الشديد بدأ يفتقد لهذا النوع من الكتابة والتأليف المسرحي.


الكاتب : أحمد طنيش

  

بتاريخ : 25/09/2023