مباشرة بعد نهاية المباراة، التي احتضنها ملعب «بوبكر اعمار، مساء الأحد، والتي جمعت جمعية سلا بيوسفية برشيد، وانتهت بفوز الفريق السلاوي، عاشت بعض أحياء مدينة سلا انفلاتا أمنيا خطيرا، تسبب في نشر الرعب والهلع بين كل من صادفتهم أمواج بشرية هائجة، هدفها ممارسة عدوانيتها وسلوكاتها الإجرامية على أناس قادتهم الظروف إلى التواجد في الوقت الخطأ والتوقيت الخطأ.
ما عاشته مدينة سلا لا يمكن نعته بشغب الملاعب، أو بـ»الهوليغانيزم» لأنه تحول إلى إجرام منظم بشكل خطير، يعتمد على المفاجأة والترويع، خاصة وأن من قاموا بالفعل كانوا داخل مجموعات كبيرة مدججين بأسلحة بيضاء، وحجارة كبيرة، هددت السلامة الجسدية للأبرياء.
مجرمو الملاعب قطع بعضهم المسافة الطويلة الممتدة من حي بطانة، الذي يتواجد فيه الملعب وأحياء بعيدة (حي السلام، وحي كريمة، والرحمة، حي اشماعو، الأمل وسعيد حجي) مخلفين، إضافة إلى الهلع، العديد من الخسائر في ممتلكات المواطنين (تكسير زجاج السيارات، وتخريب بعضها، إرغام بعض الباعة على إغلاق محلاتهم التجارية، في يوم عطلة يكثر فيه الرواج التجاري بشكل كبير).
وتعذب رجال الأمن والقوات المساعدة كثيرا، وهم يحاولون تفريق المشاغبين، لأنهم كانوا في مجموعات وكانت وجهاتهم متعددة.
ويأتي هذا التخريب الإجرامي، بعد العديد من الاعتقالات التي كانت طالت مجموعة من المجرمين ومروجي المخدرات في عمل استباقي شنته العناصر الأمنية بمحيط مركب الأمير مولاي الحسن بالرباط قبل مباراة الفتح والوداد، وفي المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، خلال مباراة الرجاء، وكانت العمليتان أسفرتا عن حجز الأجهزة الأمنية لمجموعة من السيوف والقضبان الحديدية والمخدرات، وحبوب الهلوسة، كما تم توقيف أكثر من 150مشتبه فيه في العمليتين وكان من بينهم قاصرون .
وتؤكد عمليات حجز السيوف والمخدرات بمختلف أنواعها، داخل الملاعب وفي محيطها، بأن مدرجات الملاعب أصبحت سوقا رائجة للمخدرات، وأن بعض المرافقين للفرق هم مروجو مخدرات ومجرمون، يتخفون وراء ألوان الفرق، ما أصبح يفرض على الألتراس تنقية محيطها من هذا النوع من المجرمين.
وكانت مجموعة «الكورفاتشي»، المساندة لفريق الجيش الملكي، قد أصدرت بلاغا أكدت من خلاله بأنها لن تسمح بأي خروج وأي انحراف عن التشجيع الرياضي بين المنتسبين لها.
وأصبح الإجرام القادم من المدرجات يفرض على الأجهزة الأمنية التصدي لكل مظاهره، وذلك بالتفتيش الدقيق للمشجعين قبل دخول الملاعب، ومنع دخول القاصرين غير المرافقين، كما أصبح لزاما على الأندية تشغيل البوابات الإلكترونية التي صرفت عليها الملايير، وتحولت إلى مجرد ديكورا لاغير.
وتأتي أهمية البوابات الإلكترونية من كونها تبعد الدخول الجماعي إلى الملاعب، وهو ما يعرقل عملية التفتيش الأمني، خاصة وأن أصحاب النيات الإجرامية يتعمدون التجمهر أمام البوابات، وبالتالي الهجوم بقوة على عناصر الأمن الخاص، وهو ما يبعدهم عن التفتيش.
وبعيدا عن العمليات الإجرامية، أصبح لزاما أيضا تطبيق عقوبة حرمان المشاغبين من ولوج الملاعب، خاصة وأن كل الملاعب مجهزة بكاميرات المراقبة، والتي يفترض تشغيلها أثناء المباريات، خاصة وأن الأندية هي من تؤدي العقوبات المالية وعواقب اللعب من دون جمهور، التي تفرض عليها من طرف لجنة التأديب والأخلاقيات، وليس المشجع الذي رمى بالشهب الاصطناعية داخل الملاعب، وليس أحد أعضائها من اقتحم الملعب.
وبعيدا عما يجري داخل الملاعب ومحيطها، أصبح لزاما كذلك فرض مراقبة صارمة على كل من ينقل الجماهير إلى الملاعب، سواء كانوا ناقلين مهنيين أو خواص، لأن يوم المباراة أصبح يوما لتجاوز كل قوانين السير وكل شروط السلامة الطرقية، ذلك أن هناك حافلات وسيارات النقل المزدوج، وسيارات خواص أصبحت تقل الجماهير داخل صناديق الأمتعة وفوق أسقف الحافلات، وكان الذاكرة قصيرة ولا تستحضر مآسي الطرقات التي حصدت الكثير من أرواح المشجعين.