حذروا من تكريسه للتمييز ومن غياب رؤية عقلانية وشمولية لمعالجة الإشكالات المرتبطة به
نزلت السلطات المحلية يوم الأربعاء الأخير إلى شارع محمد السادس، على مستوى النفوذ الترابي للملحقة الإدارية 17، بتراب عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدارالبيضاء، وشرعت في حجز حمولات «الفرّاشات»، ومصادرة الملابس البسيطة وغيرها من المعروضات، التي يتاجر فيها عدد من البسطاء الذين يواجهون كل أشكال الهشاشة بهذا النوع من البيع المناسباتي، الذين لم تحل لا توسلاتهم ولا دموع النسوة منهم دون ثني «القوات العمومية» عن وضع اليد على مصادر قوتهم.
حملة، طالت البعض واستثنت البعض الآخر، ولم يقم المشرفون عليها بالوصول إلى الذين جعلوا من الأرصفة مصدرا للدخل القار، من خلال وضع اليد عليها، وتقسيمها إلى أقسام «معنوية»، ثم تأجيرها للباعة «الجائلين»، والذين يعملون على طرد كل من لم يمتثل لـ «نظام» معيّن جرى «ترسيمه» في هذه المنطقة، لتجد الفئة «المطرودة» نفسها في شارع محمد السادس، بين مطرقة «الرضوخ» وسندان «الحجز»؟
الحملة التي تعتبر واحدة من بين حملات شهدتها عدد من عمالات مقاطعات الدارالبيضاء خلال الأيام الأخيرة، في إطار «موجة» جديدة، والتي قيل بأنها تهدف إلى تحرير الملك العمومي، صفّق لها البعض نظرا للمعاناة الكثيرة التي يعيشونها كل يوم، واعتبروها خطوة من أجل استرداد «الملك الجماعي» الذي تطاول عليه الكلّ، لكن البعض الآخر اعتبرها مجرد لحظة عابرة لن تفضي إلى أي نتيجة ممتدة في الزمن، في استحضار لحملات عديدة سابقة، غلب عليها الطابع المناسباتي، وردود الفعل السريعة، تفاعلا مع تعليمات «استثنائية» أو حين تعيين مسؤولين ترابيين على رأس منطقة من مناطق، لتكون عبارة عن «رسائل إخبارية» فقط، تفيد بانتهاء عهد «سلطوي» وبداية عهد آخر!
حملات، يرى العديد من المتتبعين على أنها يجب أن تكون عقلانية وتتسم بالانتظامية، وألا تكرّس التمييز، فتطال البسطاء وتستثني «الوجهاء». ويؤكد عدد من المهتمين بالشأن الترابي على أنها يجب أن تحافظ من جهة على حقوق المواطنين، من راجلين ومختلف مستعملي الطريق، وتضمن انسيابية المرور، وتعيد الرصيف لأصحابه، وتضمن من جهة أخرى استمرار السلم الاجتماعي، من خلال إيجاد بدائل وحلول لمعضلات عديدة، تعيشها الكثير من الأسر والأفراد في زمن الغلاء المتوحش والارتفاع التصاعدي للأسعار مقابل تدني القدرة الشرائية وضعف ميكانزيمات الحماية الاجتماعية؟
ويرى عدد من المواطنين أن القرارات الإدارية، كما هو الحال بالنسبة للقرار المتعلق بمنع العربات المجرورة بالدواب في الدارالبيضاء، والتعليمات الشفوية، كتلك التي تتعلق اليوم بتحرير الملك العام، بالرغم من أهمية بعضها وضرورة جدواها، فإنها يجب أن تنطلق من تشخيص متكامل لكل وضعية وأن ترافقها تدابير مواكبة، نظرا لحجم الهوّة الاجتماعية التي باتت تعيشها العديد من الفئات في عاصمة المال والأعمال والفقر كذلك، التي لا تزال تحتضن دواوير صفيحية، وأحياء شعبية تفتقد لمواصفات العيش الكريم والمهددة بالسقوط، التي تساهم في اتساع رقعة الأمراض وعلى رأسها السلّ، وغيرها من المعضلات الأخرى، التي تتطلب سياسات عمومية واضحة، تحافظ على السلم الاجتماعي وتضمن تحقيق الحماية الاجتماعية لمن هم في حاجة إليها.