حسن بحراوي يعود بعد «أسبوع في جناح الأوبئة»

بعد آخر أعماله الروائية «عودة المرحوم»، يطل علينا الروائي والناقد حسن بحراوي من نافذة الجناح المغلق للأمراض الوبائية، بعد أن قضى «أسبوعا في جناح الأوبئة».
«أسبوع في جناح الأوبئة» هي الرواية الجديدة التي تأتي وقد خبرنا جميعا وقع كلمة «الوباء» الذي خلخل يقينياتنا وزعرع قناعاتنا بقدرة التطور العلمي والتكنولوجي على كبح الأسوأ والمخيف.
تصور هذه الرواية الساخرة تجربة الألم والمعاناة التي عاشها السارد في الجناح المغلق للأمراض الوبائية، والوقائع المدلهمة ذات الارتباط بهذا المناخ السيزيفي الذي حرص الكاتب أن يعالجه بأسلوب مرح يبدد بواسطته لحظات المكابدة والألم، ويفتح الباب أمام نفحات الأمل والثقة في المستقبل..
نقرأ في مستهل الرواية:
«في هذا الجناح الوبائي لم يكن هناك مرضى بالمعنى المألوف للكلمة..فقلة منهم ينطبق عليهم هذا الاسم..أما الغالبية العظمى..والتي لم تكن عظيمة في أي شيء على الإطلاق اللهم في الألم والمعاناة القاهرة..فقد كانوا يبدون مثل كائنات محتضرة تعيش على شفا الموت..معظمهم لا يقوى على الكلام..وإذا ما تكلم كان كلامه أقرب إلى الهذيان والاختلاط..وجوههم مكفهرة وشاحبة لا يرتسم عليها أي تعبير باستثناء تعبير الموت المنتظر في نهاية المنعطف..يستلقون على أسرّتهم في هيئة كالحة واسترخاء مريع بانتظار الأيام والليالي القلائل التي تفصلهم عن لحظة الانطفاء النهائي حيث يسمع ذات ليلة صرير عربة مجرورة في الممر المعتم تنقل ما تبقّى من جثامينهم في المصعد إلى قبو المستشفى حيث مستودع الأموات..وطوال الفترة التي قضيتها إلى جوارهم الكئيب لم يأتِ أبدا أحدٌ لعيادتهم..وأنا واثق من هذا الأمر وثوقا تاما..اللَّهُم الأعوان موزعو الطعام والممرضون حاملو الدواء والعلاجات..إضافة إلى الطبيب الذي كان يُلقي عليهم نظرة سريعة خلال دورته اليومية عند نهاية كل صباح.. وطبعا لم يكن هؤلاء يتحدثون إليهم أو يستفسرونهم عن أحوالهم..وحتى لو فعلوا ذلك فما كان بوسعهم أن يتلقوا جوابا قطعا لأن أصحابنا كانوا يظلون ملازمين الصمت..وفي الحقيقة لأنهم كانوا يحتضرون في صمت أقوى من الصمت نفسه..بحيث لا يتوقع لهم أحد شيئا آخر غير ما ينتظرونه هم أنفسهم..أي كل شيء قاس ومضن وسيء وبلا رحمة..
تمثل هذه الرواية آخر إصدار للكاتب بعد « النمر الفيتنامي» و»بنات ونعناع» و»عودة المرحوم».


الكاتب : حسن بحراوي

  

بتاريخ : 08/01/2021