ضعف الموسم الفلاحي يبخر وعود الحكومة بتحقيق 4 % كمعدل نمو اقتصادي
منذ مجيء الحكومة الحالية، أصبحت عجلة الاقتصاد الوطني تدور ببطء شديد، حيث يتأكد للعام الثالث على التوالي أن الحكومة عاجزة حتى الآن عن الوفاء بواحد من أهم الالتزامات العشر التي قطعتها على نفسها منذ بداية ولايتها، لاسيما تعهدها بالرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4 % خلال الولاية الحكومية، حيث لم يتعد معدل النمو 1.2% خلال العام 2022 (عوض 7.9% في 2021) ، ولم يجاوز عتبة 2.9 % سنة 2023، وتشير جل التوقعات إلى أن الجفاف الذي ضرب البلاد هذا العام لن يسمح بأكثر من 3.2 % (حسب توقعات المندوبية السامية للتخطيط).
ولم يعد للفرضيات التي وضعتها الحكومة عند إعداد قانونها المالي 2024 أي معنى بعدما تبخر حلمها بحصاد 75 مليون قنطار من الحبوب هذا الموسم، حيث تبين أن حصاد الحبوب هذا العام لن يتعدى 31 مليون قنطار بدل 55 مليون قنطار في2022/23، أي بانخفاض قدره %43 مقارنة بالموسم السابق. ما يعنيه ذلك من أثر على ضعف مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الخام.
وتفيد آخر احصائيات وزارة الفلاحة أن هذا الموسم يندرج في سياق مناخي جد صعب استمر لخمس سنوات واتسم التوزيع الزمني للتساقطات بتأخر تساقط الأمطار مما أدى إلى جفاف طويل في بداية الموسم، مما أثر سلبا على وضع الزراعات الخريفية. وفي المناطق المزروعة، اتسمت مرحلة بزوغ الحبوب من شهر نونبر بتباين وندرة التساقطات المطرية، مما أثر على نمو وتطور الزراعات التي تم وضعها. فيما ساهمت الأمطار المسجلة منذ شهر فبراير في مراحل نمو وصعود الحبوب لا سيما في المناطق الشمالية لجبال الأطلس وواد أم الربيع.
بالإضافة إلى ذلك، أدى التباين الكبير في درجات الحرارة الدنيا والقصوى التي عرفها الموسم إلى اضطرابات في دورات إنتاج المحاصيل. وهكذا، أدى ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر نونبر، المقترن بقلة التساقطات، إلى تفاقم الإجهاد المائي في العديد من مناطق زراعة الحبوب بالمملكة وتسبب في خسائر كبيرة في زراعة الحبوب، لا سيما في جهة الدار البيضاء – سطات.
وبلغ متوسط التساقطات المطرية الوطني في 22ماي 2024 حوالي 237ملم، بانخفاض قدره 31% مقارنة بموسم عادي (349 ملم) وبزيادة قدرها 9% مقارنة بالموسم السابق (217 ملم) في نفس التاريخ. وتبلغ نسبة ملء السدود للاستخدام الفلاحي على المستوى الوطني حوالي 31% مقابل 30% في الموسم السابق في نفس التاريخ.
وباستثناء منطقتي الغرب واللوكوس حيث استمرت عمليات الري عند مستوى مناسب، شهدت الدوائر الكبرى الأخرى قيودا شديدة أو حتى توقفا تاما للري.
وحسب وزارة الفلاحة فإن الإنتاج المتوقع للحبوب الرئيسية يقدر بـ 31,2 مليون قنطار حيث تبلغ المساحة المزروعة بالحبوب الرئيسية برسم هذا الموسم 2.47 مليون هكتار مقابل 3.67 مليون هكتار في 2022/23، بانخفاض قدره 33٪. وتقدر المساحة القابلة للحصاد ب 1.85 مليون هكتار، أي حوالي 75 ٪ من المساحة المزروعة. وبمعدل مردودية متوقع على المستوى الوطني قدره 16,9 قنطار للهكتار، يقدر الإنتاج المتوقع للحبوب الرئيسية الثلاثة برسم هذا الموسم حسب النوع ب 17,5 مليون قنطار للقمح اللين، 7,1 مليون قنطار للقمح الصلب، 6,6 مليون قنطار للشعير. ومن حيث التوزيع الجهوي، تساهم ثلاث جهات في 83٪ من الإنتاج الوطني: فاس-مكناس بنسبة 37.1٪ ، الرباط -سلا -القنيطرة بنسبة 28.9٪ وطنجة –تطوان- الحسيمة بنسبة 18.2٪.
كل هذا سيؤثر لا محالة على وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد، حيث غالبا ما ينعكس ضعف القيمة المضافة الفلاحية على باقي المؤشرات الاقتصادية، وعلى رأسها سوق الشغل الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة، ناهيك عن تأثر الميزان التجاري بالارتفاع المتوقع لواردات الحبوب.