شهد المركب السينمائي «ميغاراما» بالدار البيضاء ليلة الإثنين 11 ماي 2022، حفل تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم «الإخوان»، الذي غامرت بإنتاجه شركة SW MEDIA، التي يرأسها الصديق والزميل الإعلامي المغربي إدريس شحتان، المدير العام للمجموعة الإعلامية التي تتبع لها القناة الإلكترونية «شوف تيفي». وهو الفيلم الذي نجحت أطراف عدة، على مستوى مواقع التواصل الإجتماعي، في جعله مادة إعلامية تواصلية جعلت منه موضوع اهتمام خاص لدى الرأي العام، حتى قبل نزوله إلى القاعات السينمائية بالمغرب (المفروض أن ينزل ابتداء من اليوم الأربعاء 13 ماي)، خاصة بعد صدور مواقف مثيرة ضد الفيلم، حتى قبل عرضه على العموم، تطالب بمنعه من شاشات السينما.
كان التجاوب مع دعوة الحضور مهما وكبيرا، تمثل في حضور وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد وكذا العديد من الفعاليات الفنية والسينمائية والإعلامية ورجال المال والأعمال، الذين غصت بهم ردهات مركب ميغاراما، مما شكل مقدمة إيجابية ليكون حفل العرض الأول لفيلم «الإخوان» ناجحا بكل المقاييس التواصلية المندرجة ضمن التقاليد الإحترافية للعروض السينمائية. لكن للأسف مع توالي الدقائق ما بعد الموعد المحدد للدخول إلى القاعة الكبرى للعرض المحدد في الثامنة مساء، سجلت فوضى تنظيمية في عملية الدخول، أساءت للسلاسة المعتادة في مناسبات فنية مماثلة، لها طقوسها الخاصة وآلياتها التنظيمية المحترفة، خاصة مع اشتداد الإكتظاظ ببهو الإنتظار، وعدم تسهيل الكم الكبير لحاملي الميكروفونات وآلات التصوير للجهة المنظمة عملها (وهذه ظاهرة جديدة بالمغرب تتطلب التحليل والدراسة والنقد والتوجيه وإعادة التنظيم لما فيه احترام أصول مهنة الصحافة).
بعد مشقة الدخول إلى قاعة العرض الكبرى، سينطلق مسلسل آخر من التمطيط من الجهة المكلفة بالتنظيم، أساء في العمق للفريق المنتج والمبدع للفيلم الذي سبقته كل تلك الضجة الإعلامية الكبيرة، ما جعل متعة اكتشاف «الصنعة السينمائية» في فيلم «الإخوان» تصاب في مقتل جديا. ذلك أن التقاليد المتبعة في مناسبات عرض مماثلة، يكون فيها العمل الإبداعي، أي الفيلم المنجز، هو البطل الأول في الحفل وليس شيئا آخر، ومن المعيب التشويش على شغف انتظار الجمهور الحاضر المتعطش لمشاهدته. ذلك أن العريس هو الفيلم في المقام الأول، وأن الإحتفال بالفريق الذي يكون وراء تلك الإبداعية يكون بعد نهاية العرض. والحال أن الجهة المكلفة بالتنظيم قد قلبت المعادلة الطبيعية المعمول بها في كل سينمات العالم (المحترفة)، وحولت حفل العرض الأول لفيلم «الإخوان» إلى ما يشبه للأسف «فيشطة» تقليدية، بلغت حد أن احتكرت شابة من فريق العمل، الميكرفون لنصف ساعة لتقدم على الخشبة ما يقارب الخمسين فردا من فريق العمل التقني، في ما يشبه احتفالية من الدرجة الصفر في التواصل، ولم تخجل أن تردد أكثر من مرة بشكل مزعج عبارة «إيوا صفقو»، في حركة معيبة في مناسبات مماثلة. مثلما أن توثب الفنان الشاب «طاليس» كاتب سيناريو الفيلم ومؤطر الفريق الفني المشارك في إنجازه، قد جعله يقع في مزالق تواصلية من قبيل قوله في مناسبة عمومية وفوق خشبة قاعة سينمائية مغربية إن فنانة مشاركة غير حاضرة في الحفل «لأن الله مسك عليها وهاجرت إلى أمريكا» (واللسان ما فيه عظم نعم، لكن للأمور رمزياتها، فما نقوله في مقهى ليس مثل ما نقوله في حفل عمومي، وأمام وزير في الحكومة).
كان من نتائج عدم الإحترافية التنظيمية تلك، التي قلبت المعادلات الطبيعية المعمول بها في مناسبات فنية مماثلة، أن طال زمن التقديم لأكثر من ساعتين كاملتين، متعبتين للحضور الذي بدأ يتساءل : «أين هو الفيلم»؟. فبدأ عدد من المخرجين السينمائيين المغاربة المجربين والوازنين والجمهور والضيوف في مغادرة القاعة، دون مشاهدة الفيلم، ابتداء من الساعة العاشرة والنصف ليلا، بعد أن ظل الجميع جالسا ينتظر بطل الحفل الذي هو الشريط السينمائي لأكثر من ساعتين. مما أساء في النهاية، للأسف، إلى الجهة المنتجة وللفريق المبدع في إخراج الفيلم وإنجازه والمشاركة فيه. لقد ضاع فيلم «الإخوان» في حفل تقديمه الأول ذاك، أمام فيلم هاو لشكل التقديم، الذي لم يدرك مهندسوه أن المسافة كبيرة بين تقاليد «العرض السينمائي» الإحترافية وبين مفهوم وأساليب «الفيشطة». فالسينما شئ آخر، وضوابط أخرى، يكون فيها البطل هو الفيلم وليس شيئا آخر، بدليل أنه كثيرا ما يتحرج المخرجون والفنانون، عالميا، في أخد الكلمة قبل العرض، لأنهم يحرصون على عدم التشويش على أفق انتظار المتفرج وعلى المساحة الواجبة أن تعطى للفيلم على مستوى العرض.