في ندوة حول «إعلام جهة الشرق بين التحديث وتحديات التكنولوجيا والحكامة الذاتية»
ذكرت حنان رحاب نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية بأن الحديث عن إعلام جهوي يقدم خدمة جادة للمغاربة “لا يمكن في ظل الأوضاع التي تعرفها المقاولات الإعلامية الجهوية وفي ظل تمركز الدعم على مستوى محوري الرباط والدار البيضاء”.
وأكدت في ندوة بوجدة تحت عنوان “إعلام جهة الشرق بين التحديث وتحديات التكنولوجيا والحكامة الذاتية” نظمتها مؤخرا صحيفة إكسبريس بتعاون مع مبادرة الإعلام الذكي بإفريقيا، (أكدت) على ضرورة إحاطة المؤسسات الإعلامية الجهوية بعناية خاصة ومميزة في إطار تنظيم المهنة “لكي تتمكن من تنظيم وتطوير نفسها والدفاع عن استمراريتها وعن فرص الشغل التي تخلقها وبالتالي ضمان الديمومة”.
وتطرقت في هذا الصدد إلى مسألة الدعم التي اعتبرتها “طابو” يجب تكسيره، حيث “نجد أنه اليوم ببلادنا ليست هناك آليات لمراقبة الدعم المقدم للإعلام بشكل عام، وأنه ليست هناك المردودية المناسبة والمواكبة لهذا الدعم وهناك تفاوت كبير بين المؤسسات الوطنية والمؤسسات الجهوية” تقول حنان رحاب، مشددة على وضع لجان للدعم على المستوى الجهوي، وتخصيص مجالس الجهات دعم خاص للجرائد الجهوية، وتمتيعها بإعفاءات ضريبية وكذا أداء الحكومة أجور وواجبات الانخراط في الضمان الاجتماعي بالنسبة للمؤسسات الصحفية الصغرى أسوة بالمؤسسات الكبرى…
وأضافت المتدخلة بأن إصلاح قطاع الصحافة لا يمكن دون تكافؤ بين المؤسسات الكبرى والمؤسسات الصغرى، ودون رؤية واضحة حول حماية الحق في الشغل سواء في المركز أو الجهات وذلك “من أجل إعلام وطني قوي مساهم في التنمية، مساهم في سلامة الرأي العام الوطني ومساهم في تقديم أخبار وطنية بكل تجرد في إطار المهنية وفي إطار الرأي والرأي الأخر، دون تشهير أو ابتزاز أو محاباة مدمرة”.
ونوهت حنان رحاب بالندوة المنظمة بوجدة، مشيرة إلى أنه من الضروري نقل النقاش حول مهنة الصحافة، أدوارها، آلياتها والتحديات الملقاة علينا اليوم “سواء كمغاربة أو كصحفيين”، من المحور إلى المدن البعيدة عن المحور…
وتطرقت إلى الشوائب والاختلالات التي تحيط بمهنة الصحافة، مبرزة بأن هذه المهنة المنظمة بالقانون “أصبح الكثيرون يمارسونها خارج القانون”، وأشارت إلى مجموعة من الظواهر “الغير قانونية” التي قالت بأنها “باتت اليوم تستأسد داخل هذا المجال المنظم، وتعتبر نفسها هي الأصل وأن المهنة والقانون مجرد أمور غير ضرورية تحد من حرية التعبير ومن حريتهم…” وذكرت بأن الطفرة الرقمية لم يتم استغلالها فيما يفيد القارئ أو المستمع، أو يفيد الوطن ويفيد المغاربة، حيث يتم استغلالها إما في نشر الأخبار الكاذبة، أو ممارسة التشهير والابتزاز أو محاولة تضليل الرأي العام بفبركة فيديوهات وإما في انتحال صفة صحفي من داخل مواقع التواصل الاجتماعي…
ولتنظيم المهنة، أكدت حنان رحاب على إعادة مراجعة القوانين المنظمة للمهنة مراجعة شاملة بما يستجيب للتطور الرقمي الذي تعرفه هاته المهنة بشكل تام دون تغييب الذكاء الاصطناعي، والحديث عن الصحافة الإلكترونية بشكل واضح وصريح، مع وضع قانون ينظم الممارسة المهنية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي… وخلصت إلى ضرورة تنظيم المهنة بأخلاق عالية “بعيدا عن التدافع الذي لن يخدم الديموقراطية وبعيدا عن الممارسات المهنية التي لن تخدم تطور المهنة، وبعيدا عن محاولة تقليص عدد الوالجين لهذه المهنة بمبررات لا يمكن أن تتركنا ننتقل إلى قطاع مشغل مازال يعتبر من القطاعات الغير محمية اقتصاديا منذ كورونا إلى الآن”.
حسين ساف: “مبادرة الإعلام الذكي لإفريقيا تعتمد على توجيه الصحافيين إلى صحافة الحلول بدل صحافة الأزمات والمشاكل”
وفي مداخلة تحت عنوان “التحول الرقمي في الإعلام المغربي ومدى استفادته من تطبيقات الذكاء الاصطناعي”، تحدث الخبير في الإعلام الرقمي والشريك المؤسس لمبادرة الإعلام الذكي لإفريقيا حسين ساف، عن أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى الإعلامي والحلول الرقمية الممكنة لمواكبة التحولات التقنية، واعتبر الندوة فرصة لتقديم المبادرة التي تعتمد على “توجيه الصحفيين إلى صحافة الحلول بدل صحافة الأزمات والمشاكل والكوارث الطبيعية، والمساهمة بتعريف الخدمات والمنتجات والحلول والابتكارات التي يقودها الشباب في كل القطاعات والميادين”.
وقدم نبذة عن مبادرة الإعلام الذكي لإفريقيا، مشيرا إلى أنها حظيت شهر ماي 2024، بجائزة القمة العالمية لمجتمع المعلومات “فئة الإعلام الرقمي” كأول مشروع مغربي يفوز بهذه الجائزة منذ إنشائها سنة 2012 من قبل الأمم المتحدة بجنيف، مبرزا بأن هذه المبادرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وحكامة “البلوكشين” لكونه يسمح ببروز سوق جديد يقوم على مبدأ “الصحافة كخدمة”، وأيضا على منصة ذات ولوج مجاني لفائدة المنابر الإعلامية الجهوية المنخرطة لاستغلال مصادر الإعلام المتخصص في تكنولوجيا المعلومات.
وذكر حسين ساف، بأن هذه المنصة ستقوم بنشر التغطيات الإعلامية للمعارض التجارية وإطلاق المنتجات والخدمات وإعلانات الشركات الرقمية، وستعتمد التسويق الإعلامي بفضل شبكة واسعة من الصحفيين السفراء والمنابر الصحفية الشريكة المعتمدة من طرف المشروع في الجهات الاثني عشر بالمغرب ولاحقا في دول إفريقية…
يحيى بالي: “السعي لجعل الإعلام أداة بناء وتوعية في المجتمع، والاستفادة من التكنولوجيا لمواجهة التحديات بدلا من أن تكون عبئا علينا”
أما يحيى بالي مدير صحيفة إكسبريس، فتحدث في مداخلة حول “المؤسسة الإعلامية الجهوية بين التحديثات والتحديات التكنولوجية، آفاق المشاركة في آليات التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة بالمغرب”، عن أهمية إدماج التكنولوجيا في العمل الإعلامي “ليس فقط لتحسين الأداء ولكن أيضا للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية”، كما تطرق إلى تعزيز الحكامة الذاتية لتلعب دورا محوريا في ضمان شفافية ومصداقية العمل الإعلامي “هذه الحوكمة ليست فقط واجبا، بل حاجة أساسية للحفاظ على استقلالية الإعلام وتعزيز ثقافة المحاسبة والنزاهة المهنية والمنافسة الشريفة” يقول المتحدث.
وتطرق إلى تأثير الثورة الرقمية على مستقبل الإعلام، مبرزا بأن التحول الرقمي يغير بشكل جذري طريقة استهلاك المحتوى الإعلامي “ما يدفعنا للتساؤل عن تأثيره على الإعلاميين وطرق تدريبهم وتطوير مهاراتهم”، مؤكدا على ضرورة السعي لجعل الإعلام أداة بناء وتوعية في المجتمع، والاستفادة من التكنولوجيا لمواجهة التحديات “بدلا من أن تكون عبئا علينا”.
وعن مبادرة الإعلام الذكي بإفريقيا، ذكر يحي بالي بأنها مبادرة رائدة ومشروع إعلامي سيسهم في بناء إعلام يليق بتطلعات مجتمعنا ويواكب التحولات التكنولوجية العالمية…
وخلصت الندوة التي نظمتها صحيفة إكسبريس بتعاون مع مبادرة الإعلام الذكي بإفريقيا بهدف تعزيز الحوار وتبادل الرؤى بين مختلف الفاعلين في قطاع الإعلام من صحفيين، مهنيين وأكاديميين، حول كيفية مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة والاستفادة منها لرفع مستوى وجودة الإعلام المحلي وتعزيز دوره في التنمية الشاملة للمنطقة، (خلصت) إلى ضرورة ترسيخ مبدأ الشمولية والمشاركة الجماعية بين الإعلاميين، بناء قنوات فعالة للتنظيم الذاتي وتحفيز الحوار والتواصل، توفير فضاء للنقاش حول التحديات المشتركة وطرح الحلول، مع تعزيز دور الفروع الجهوية للنقابة الوطنية للصحافة المغربية في النهوض بالمهنة خصوصا فرع جهة الشرق، وتنظيم دورات تكوينية لتعزيز مهارات الصحفيين ومواكبة المستجدات…
هذا، واختتمت الندوة التي عرفت حضور عدد من الإعلاميين، الطلبة، فاعلين في المجتمع المدني ومهتمين، بتوقيع كتاب “أسرار النجاح” للدكتور سمير بنعيادة، المنسق الجهوي لمؤسسة محمد الخامس للتضامن بجهة الشرق، وهو عمل قدم من خلاله رؤى عملية تساعد الأفراد على تحقيق التفوق في حياتهم المهنية والشخصية…