مشروع الوثيقة السياسية
اعتبارا للسياق التاريخي الذي نشأ فيه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي كان تعبيرا واضحا وصريحا عن حاجة مجتمعية من أجل حزب سياسي تقدمي حداثي، يناضل من أجل بناء دولة القانون، ويسعى لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والمجالية، ويعمل من أجل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، ويجعل المصلحة العامة ومصلحة الوطن في مقدمة أولوياته وفوق كل الاعتبارات الأخرى؛
واعتبارا لكون المحطة الحزبية الحالية تتزامن مع الذكرى السادسة والستين لتأسيس الحزب، ومع مرور نصف قرن على التقرير الإيديولوجي الذي اعتمده المؤتمر الاستثنائي للحزب لإعلان نضاله المؤسساتي من أجل تحقيق الديمقراطية والتنمية، ومع انصرام أكثر من ربع قرن على تجربة حكومة التناوب التوافقي التي قادها الحزب، وهو ما يتطلب تعزيز التراكمات التاريخية للمسار الحزبي وتطوير التصورات السياسية بما يستجيب للتحولات التي شهدها المجتمع المغربي؛
واستحضارا للأدوار التاريخية التي لعبها حزبنا، والتي تميزت بقيادته لمسيرة النضال الديمقراطي، ولمطالب الإصلاح الدستوري، ولتحقيق العدالة الانتقالية، ولإرساء التناوب الديمقراطي، ولتكريس الدولة الاجتماعية؛
وتقديرا لأهمية ودقة المرحلة الراهنة التي يعيشها بلدنا والعالم والتي تتميز باللايقين، وبعدد من التفاعلات الجيو-استراتيجية، وبالكثير من التحديات والرهانات؛
وتأكيدا من اللجنة السياسية بأن المحطات التنظيمية عبر تاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليست فقط مناسبة لتجديد الهياكل والأجهزة القيادية، وإنما هي أيضا فرصة لتحيين وتطوير الوثائق والأدبيات الحزبية والتي تشكل أساس المرجعية السياسية للحزب والمنطلق في بلورة خطابه السياسي وصياغة برامجه الانتخابية؛
وإذ يستحضر التراكمات الإيجابية التي حققها حزبنا عبر مختلف مؤتمراته الحزبية، ويستحضر المساهمات القيمة للقادة التاريخيين للحزب ولجميع مناضلاته ومناضليه، فإن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يظل انطلاقا من هذه المحطة التاريخية المهمة منفتحا بشكل كبير على كل التطورات الفكرية والسياسية والحقوقية والدستورية التي تعرفها بلادنا، بنفس المسؤولية والجدية التي طبعت مساهماته المعتبرة إلى جانب القوى الوطنية الحية في العديد من المحطات. كما سيظل يقظا في تعاطيه مع التطورات المتسارعة للعالم ومع التغيرات السياسية الإقليمية.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو يواصل مساره الحزبي النضالي للمزيد من الحرية والعدالة والتضامن، يضع هذه الوثيقة السياسية التي تؤطرها فكرة مركزية تتمثل في تجديد الفعل السياسي وجعله فعلا مواطنا مبنيا يستهدف أساسا خدمة المصلحة العامة تماشيا مع مرجعية الاتحاد الاشتراكي التي تؤمن بأن الوطن أولا ودائما. وهو ما يتطلب طرح القضايا الأساسية في المشهد السياسي والمجتمعي الراهن، سواء تعلق الأمر بترصيد المكتسبات الديمقراطية وتعزيز الإصلاحات الدستورية وتطوير البناء المؤسساتي والمنظومة التمثيلية، أو تعلق الأمر بتقوية مرتكزات الدولة الاجتماعية ودعم الحقوق والحريات والتفعيل الأنجع للجهوية المتقدمة.