تشير الأرقام إلى أن هناك أكثر من مليونين و 200 ألف مغربي ومغربية، من مختلف الأعمار ومن الجنسين، يعيشون في ظل إعاقة ما، إما ذهنية أو عقلية أو حركية أو حسية، ترفع من منسوب أعباء وضغط الحياة اليومية عليهم وعلى أسرهم، ويتكبدون المشاق المتعددة من أجل الولوج إلى الفحص والعلاج والتعليم، والبحث عن سبل لإدماجهم في المجتمع. وضعية تعيشها أسر كبيرة، تصطدم بعراقيل مختلفة وذات وقع مفتوح على كل مناحي الحياة وذلك خلال كل مراحل العمر، ولا يتم تسليط الضوء على القليل منها إلا في مناسبات بعينها، كما هو الحال بالنسبة لليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي يتم تخليده يومه الجمعة 3 دجنبر من كل سنة، أو خلال الحديث عن حالات بعينها.
وتختلف زوايا النظر للسياسات العمومية الموجهة لهؤلاء المواطنين باختلاف الفاعلين ومجالات اهتمامهم بنوع من أنواع الإعاقات، إذ أكد كمال مجول، الفاعل المدني في مجال إعاقة الصم والبكم، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن الحديث عن وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب من حيث الإدماج والاندماج في المجتمع رهين بالتقييم الحقيقي والشفاف لمختلف السياسات العمومية، التي تم إعدادها في هذا المجال. وانتقد المتحدث مختلف السياسات العمومية التي تم تسطيرها في هذا الصدد على مستوى تحقيق الأهداف المنشودة للنهوض بوضعية هذه الفئة، التي وصفها بالمحدودة، مرجعا السبب في ذلك إلى غياب تشخيص ميداني للوضعية بشكل عقلاني من مختلف الزوايا وفي إطار تشاركي بعيدا عن المصالح الذاتية والحسابات السياسية، حسب تعليقه.
وشدّد الخبير في لغة الإشارة، في تصريحه للجريدة على أنه، بالرغم من إعداد عدة تقارير من طرف بعض المجالس الاستشارية، كما هو الشأن بالنسبة لتقرير الخمسينية، وتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي وكذا تقرير المجلس الأعلى للتربية والتعليم، والتي خلصت جميعها إلى الاتفاق على مجموعة من التوصيات الرامية إلى بلورة سياسات عمومية ناجعة قصد النهوض الحقيقي بوضعية المعاقين وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، إلا أن مختلف البرامج الحكومية التي انبثقت عن هذه التوصيات كانت مرتجلة ومحتشمة ولم تصل إلى الأهداف المرجوة منها. وأكد مجول على أنه، باعتبار حق التربية والتعليم والتكوين والتأهيل لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة يعتبر المدخل الأساسي في تحقيق مبدأي الإدماج والاندماج داخل المجتمع، فإن هذا المحور لم توفر له كل سبل النجاح بسبب عوامل متعددة، من بينها ضعف سياسة تكوين الموارد البشرية المتخصصة والمختصة في مجال التكفل بهذه الفئة في إطار أكاديمي، مشيرا إلى أن محدودية المسار التعليمي للأشخاص في وضعية إعاقة تعتبر عميقة خاصة بالنسبة للصم والبكم والتوحديين، مما يعيق إمكانية إدماجهم سوسيو مهنيا ويقلص نسبة اختياراتهم المهنية العملية، فضلا عن صعوبة استفادتهم من نسبة التشغيل المخصصة لهم قانونا المتمثلة في 7% في القطاع العام
و5% في القطاع الخاص.
وبخصوص معاناة فئات بعينها داخل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، أوضح مجول أن المصابين بالصمم العميق تحديدا، لا يزالون يعانون من عدم تنزيل ورش النهوض بلغة الإشارة ومعيرتها وتوحيدها وتوثيقها بالمغرب، باعتبارها الوسيلة الأنجع لتمكين الصم من الولوج إلى المعلومة، وبالتالي تطوير معارفهم في شتى المجالات، مشيرا إلى أن العائق الكبير يكمن في ابتعاد الجامعة المغربية عن الانخراط في تنزيل هذا الورش الذي يعتبر المطلب الرئيسي للصم بالمغرب، عبر إعداد دراسات علمية وميدانية للغة الإشارة المغربية، وكذا تكوين الأطر في مجال الترجمة بلغة الإشارة مع مراعاة تنوع المجالات الأدبية والعلمية والقانونية والدينية والسياسية والرياضية وغيرها. وأبرز المتحدث أن هناك صعوبات متعددة تعيشها هذه الفئة من أجل الولوج إلى الإدارات المغربية لقضاء أغراضهم كمواطنين حيث يجدون صعوبة في التواصل مع المشرفين على التدبير الإداري، وهو ما يشعرهم بالإقصاء الاجتماعي، وهنا يمكن استحضار معاناتهم من خلال توفير مرافق متخصص في الترجمة بلغة الإشارة في المحاكم المغربية ولدى الضابطة القضائية وعند المحامين والموثقين والأطباء والعدول، إذ ولتجاوز هذه الصعوبات يتعين على الشخص الأصم أن يحضر بنفسه مترجما محلفا في لغة الإشارة على نفقته، وهو ما يعتبر مجحفا في حقهم ويضرب في الصميم تفعيل قانون الولوجيات 10.03.