دخل المكتب الوطني للسكك الحديدية مرحلة العد العكسي لأشغاله الكبرى على مستوى جهة الدار البيضاء، المرتبطة بمشروع القطار فائق السرعة القنيطرة – مراكش، بهدف توفير بنية تحتية تستجيب للحاجيات الحالية والمستقبلية، لكن الشروع في هذه الأشغال لم يمر دون أن يلقي بظلاله على يوميات المسافرين، خصوصا مستعملي الخط الرابط بين الدار البيضاء وسطات أو الدار البيضاء والجديدة، بسبب التغييرات في المواعيد التي أعلن عنها المكتب الوطني للسكك الحديدية.
ويعاني خط الدار البيضاء -الجديدة، منذ سنوات، من اختلالات متكررة أبرزها التأخرات والأعطاب التقنية، التي تداهم القطارات في كل وقت وحين لأسباب أبرزها حالتها الميكانيكية المزرية حيث يعود أغلبها إلى ثمانينيات القرن الماضي، آخر هذه الحوادث وقع يوم السبت الماضي، حين توقف القطار المكوكي رقم 817 الرابط بين الدار البيضاء والجديدة، والذي انطلق من محطة القطار الميناء في الساعة الثامنة تقريبا ولكنه وصل الجديدة في الثالثة صباحا، فما إن غادر محطة بوسكورة حتى توقف في الخلاء قرب النواصر وسط ظلام دامس، وظل رابضا في مكانه حتى الثانية صباحا لتعم حالة من الخوف والهلع نفوس الركاب الذين وجدوا أنفسهم وحدهم في عز الظلام، قبل أن يستأنف القطار رحلته ليصل إلى الجديدة في حدود الثالثة صباحا، حاملا ما يناهز160 راكبا قضوا أطول رحلة بين الدار البيضاء والجديدة تجاوزت الخمس ساعات دون ماء ولا طعام ولاحليب أطفال، ركاب بينهم مرضى وأطفال ومسنون سجلت بينهم حالات إغماءات واختناقات وهلع دون رد فعل مناسب من قبل مسؤولي المكتب يخفف عن المسافرين وينسيهم ساعات الجحيم التي مروا منها مكرهين.
المكتب الوطني للسكك الحديدية أرجع سبب الحادث إلى عمل تخريبي استهدف جزءا من الخط الهوائي المزوّد للقطارات بالكهرباء على مقطع النواصر–العسيلات، غير أن مستعملي خط الدار البيضاء–الجديدة يؤكدون أنهم اعتادوا مثل هذه التوقفات والتأخيرات، التي تعطل أشغالهم وتعرّضهم للمساءلة من طرف أرباب عملهم أو تضيع عليهم مواعيد مهمة، خاصة المواعيد الطبية والجامعية، مشددين على أن هذا الخط لا يحظى بالاهتمام الكافي مقارنة بباقي الخطوط.
ويطالب هؤلاء المسافرون المكتب الوطني للسكك الحديدية باتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة، أبرزها:
* زيادة عدد الرحلات في أوقات الذروة لتقليص فترات الانتظار الطويلة.
* تحسين جودة التواصل مع المسافرين عند وقوع أعطاب أو تأخرات، عبر إعلانات فورية وواضحة بمكبرات الصوت أو من خلال التطبيقات الرقمية.
* توفير وسائل نقل بديلة في حال توقف القطارات لفترات طويلة لتفادي تعطيل مصالح الركاب.
* تسريع وتيرة أشغال الصيانة والتجديد حتى يصبح الخط في مستوى باقي الخطوط الوطنية.
كما شدد المسافرون على ضرورة إشراك ممثليهم في اللقاءات التواصلية لضمان أخذ ملاحظاتهم بعين الاعتبار عند إعداد جداول المواعيد أو التخطيط للأشغال المستقبلية. وهي المطالب التي تمت مناقشتها خلال اللقاء التواصلي الذي عُقد بالدار البيضاء يوم الجمعة 12 شتنبر 2025 في الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، بحضور عدد من مسؤولي المكتب الوطني للسكك الحديدية ومجموعة من ممثلي المسافرين، خاصة من مدينتي سطات والجديدة.
خلال اللقاء، تم التأكيد على أن الفارق الزمني الذي يصل إلى ثلاث ساعات بعد قطار الساعة 13:10 غير منطقي في ظل الضغط الكبير الذي يعرفه الخط والاكتظاظ الدائم على القطارات، كما أن تقديم وقت القطار بعشرين دقيقة قد يشكل عائقا أمام العديد من المسافرين، خصوصا الموظفين الذين يعتمدون على هذا القطار للعودة إلى مقرات عملهم أو منازلهم. مسؤولو المكتب أوضحوا أن التعديلات المقترحة حاليا على جدول المواعيد تعتبر نهائية في المرحلة الراهنة بحكم الإكراهات المرتبطة بالأشغال، لكنهم وعدوا بدراسة إمكانية إضافة قطار خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين الرحلات، مع الإشارة إلى أن هذا المقترح غير مؤكد. كما تمت الإشارة إلى أن إضافة قطار في الساعة 19:10 انطلاقا من محطة الميناء ليس لها جدوى كبيرة، خاصة مع وجود قطار في الساعة 19:52 انطلاقا من محطة الدار البيضاء المسافرين، وهو ما اعتبره الحاضرون إضعافا لجدوى الخدمة في فترة حساسة من اليوم.
كما تمت مناقشة عدة نقاط أخرى إلى جانب مسألة الارتباك في المواعيد، أهمها:
* تدهور حالة القطارات التي لم تعد تليق بمستعمليها.
الضجيج والانزعاج الناتج عن اهتزاز العربات وصوتها المزعج.
* الروائح الكريهة داخل بعض العربات.
* التأخيرات المتكررة وغياب التواصل الفوري مع المسافرين عند وقوع أعطاب.
وأكد المتدخلون أن هذه النقاط سبق أن أثيرت في اجتماعات سابقة، وأن الحلول الترقيعية لم تعد كافية، بل أصبح ضروريا تجديد الأسطول أو استبداله بالكامل، لأن العديد من العربات الحالية لم تعد قابلة للإصلاح ويجب إخراجها نهائيا من الخدمة.
يذكر أن الأشغال الكبرى التي يباشرها المكتب الوطني للسكك الحديدية تشمل اعتماد نظام إشارات من الجيل الجديد، بناء محطات جديدة خاصة بالقطار الفائق السرعة وقطارات القرب، تشييد 600 كيلومتر من السكك المكهربة، وبناء 9 مراكز للصيانة وتقنيات صيانة المعدات. ستمتد هذه الأشغال من شتنبر 2025 إلى أواخر 2027، وستُنجز على مراحل أولاها كانت أول أمس الاثنين 15 شتنبر2025، حيث تم تغيير مواعيد انطلاق القطارات الشيء الذي سيؤثر على الركاب وسيرغمهم على تغيير برامجهم اليومية والتأقلم مع جداول زمنية جديدة قد لا تناسب أوقات عملهم أو التزاماتهم الشخصية، مما قد يسبب ازدحاما في بعض الرحلات وتأخرا عن المواعيد في فترات الذروة، خاصة بالنسبة للطلبة والموظفين الذين يعتمدون على القطارات بشكل أساسي في تنقلاتهم.