باتت «مدينة الرحمة» انطلاقا من ظهيرة أمس الاثنين 16 ابريل 2018، تابعة للنفوذ الترابي بولاية أمن الدارالبيضاء، وذلك بعد الافتتاح الرسمي لمنطقة أمنية بهذه الرقعة الجغرافية، المتواجد مقرّها بعد المقبرة بإقامة التوحيد، والتي ضمّت دائرتين أمنيتين، ومصلحة لحوادث السير، فضلا عن مقر منفصل عن المنطقة الأمنية، خاص بفرقة الشرطة القضائية، لتكون هذه الخطوة التي أقدمت عليها الإدارة العامة للأمن الوطني، مستجيبة لانتظارات وتطلعات عدد كبير من ساكنة المنطقة، التي وعلى امتداد سنوات عديدة، طالبت بتحقيق هذا الأمر، الذي تأتى على عهد المدير العام عبد اللطيف الحموشي.
وجدير بالذكر أنه خلال سنة 2007، أشرف جلالة الملك محمد السادس على توزيع المفاتيح على المستفيدين من الشطر الأول من مشروع «مدينة الرحمة»، الذي استهدف حوالي 6332 أسرة من 19 دوارا صفيحيا، وامتد هذا الشطر على مساحة 70 هكتارا، وبلغت كلفة إنجازه 300 مليون درهم، ساهمت فيها الفئة المستفيدة بمعدل 15 ألف درهم للأسرة الواحدة. وفي أكتوبر من سنة 2008، أعطى جلالته انطلاقة إنجاز الشطر الثاني من العملية السكنية «مدينة الرحمة»، الذي رصد له غلاف مالي يبلغ 280 مليون درهم، الذي جرى تنفيذه على وعاء عقاري يبلغ 65 هكتارا، وذلك لأجل إعادة إسكان 2200 أسرة من قاطني دور الصفيح، وتمت الإشارة إلى أنه سيتم توزيع بقع على الأسر المستفيدة من المشروع، بمعدل 80 مترا مربعا للبقعة الواحدة، لإنجاز 1100 بناية من ثلاثة طوابق.
المعطيات التقنية المرتبطة بهذا القطب العمراني، أبرزت أن مشروع «مدينة الرحمة» بشطريه الأول والثاني، سيتعزز بحوالي 43 مرفقا عموميا، بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 130 مليون درهم. وتتمثل هذه المرافق بالأساس، في بناء سبع مؤسسات تعليمية، وثلاثة مراكز صحية، وأربعة مساجد، إلى جانب عدد من الملاعب والفضاءات الرياضية، وحديقة عمومية، ومكتبة، ودار للشباب، وخدمات البريد، وفضاءات للأنشطة النسوية، ومرافق القرب، ومراكز للشرطة، هذه الأخيرة التي بقي أمرها مؤجل التفعيل، خاصة وأن المنطقة شهدت العديد من الأحداث الإجرامية المختلفة، التي أرخت بظلالها على نهارات الساكنة ولياليها، فقد احتضنت مدينة الرحمة العديد من المتناقضات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من خلال استقطاب شرائح مختلفة من مناطق متعددة من المدينة في إطار إعادة إيواء قاطني جملة من الأحياء السكنية، المتداعية والصفيحية، فضلا عن آخرين أرادوا الاستقرار في هذه المنطقة، وآمنوا بأن تشكّل مستقبلا آمنا لهم، وهو ما انتفى على أرض الواقع بالنظر إلى جملة الحوادث المتعددة التي ظلت منطقة الرحمة مسرحا لها، على امتداد كل هذه السنوات منذ 2007 إلى غاية اليوم، حيث كانت أزقتها مسرحا لمواجهات ذات بعد جغرافي، قوامه العصبية لهذه المنطقة أو تلك، فضلا عن حوادث قتل، خطف، اغتصاب وسرقات، ومواجهات دامية، لم تستطع مصالح الدرك بالرغم من كل المجهودات التي بذلت في التقليص من حدّتها، وتم الالتجاء إلى دوريات القوات المساعدة في محاولة لتكريس جو الأمن والطمأنينة في المنطقة، الأمر الذي كان صعب التحقيق، بالنظر إلى ارتفاع عدد الكثافة السكانية، فالمدينة التي قيل إنها ستحتضن 80 ألف نسمة، سجّلت استقبالها لـ 118 ألفا و 508 نسمة وفقا لإحصاء 2014، مما يعني أن العدد قد ارتفع إلى ما هو أكثر من هذا الرقم، وخلال كل هذه المراحل كانت الأصوات تطالب بأن تمنح مدينة الرحمة للتدبير الأمني، سيّما وأن المقر كان جاهزا منذ مدة، وظل الترقب سائدا إلى غاية أمس الاثنين، حيث باتت هذه الرقعة الجغرافية تابعة للنفوذ الترابي لولاية أمن الدارالبيضاء.