خلافات بين المشاركين العرب والأوروبيين في «قمة القاهرة» تحول دون إصدار بيان ختامي

المغرب بقيادة جلالة الملك متشبث بخيار السلام ومستعد للانخراط في تعبئة دولية لوضع حد للوضع المأساوي بغزة

5 رسائل مغربية: خفض التصعيد ووقف الاعتداءات العسكرية، حماية المدنيين وعدم استهدافهم، السماح بإيصال المساعدات الانسانية، رفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، إطلاق عملية سلام حقيقية تفضي الى حل الدولتين

مصر: «لن نقبل أبدا بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة

محمود عباس: «لن نرحل.. لن نرحل وسنبقى صامدين في أرضنا»

 

اختتمت «قمة القاهرة للسلام» الدولية، أول أمس السبت على وقع مطالبات من المشاركين فيها بـ»وقف فوري» للحرب بين حركة حماس وإسرائيل والتي دخلت أسبوعها الثالث.
وعرفت القمة مشاركة 30 دولة، وهيئة الأمم المتحدة، وثلاث منظمات إقليمية، في مسعى مشترك لتخفيف حدة التصعيد في غزة وحماية المدنيين وفتح ممرات آمنة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.
وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في كلمة أمام «قمة السلام»، أن المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، متشبثة بخيار السلام وأهمية تحقيق الاستقرار والرخاء والازدهار لجميع الشعوب، مبرزا استعداد المملكة بتنسيق مع جميع الشركاء، للانخراط في تعبئة دولية لوضع حد للوضع المأساوي والخطير في غزة.
وقال بوريطة إن المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك رئيس لجنة القدس، تتمنى أن تبعث هذه القمة بخمس رسائل رئيسية للمجتمع الدولي، أولها الدعوة إلى خفض التصعيد وإلى حقن الدماء ووقف الاعتداءات العسكرية وتجنيب المنطقة ويلات الصراع الذي قد يقضي على ما تبقى من فرص وآمال السلام والاستقرار.
وتابع أن الرسالة الثانية هي الحاجة الملحة لحماية المدنيين وعدم استهدافهم وذلك وفق مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقيم الانسانية المشتركة، بينما تتمثل الرسالة الثالثة في ضرورة السماح لإيصال المساعدات الانسانية بسرعة وانسيابية وبكمية كافية لساكنة قطاع غزة.
أما الرسالة الرابعة، يضيف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فهي رفض كل الحلول والافكار الهادفة الى تهجير او ترحيل الفلسطينيين من أرضهم وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة.
وخلص الى أن الرسالة الخامسة هي الحاجة إلى إطلاق عملية سلام حقيقية تفضي الى حل الدولتين، دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيش جنبا الى جنب مع دولة اسرائيل. وانعقدت اليوم بالعاصمة الإدارية الجديدة بضواحي القاهرة، أعمال «قمة السلام».
من جانبه أكد الأمين العام للامم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن الأساس الواقعي الوحيد للسلام والاستقرار الحقيقيين في منطقة الشرق الأوسط هو حل الدولتين.
وقال الأمين العام للامم المتحدة، في كلمته أمام القمة، إن هناك حاجة اليوم أكثر من اي وقت مضى لبذل جهود كبيرة لتحقيق السلام في المنطقة ووقف إراقة الدماء وهو ما يتحقق من خلال حل الدولتين.
وتابع أنه من «حق الإسرائيليين أن يروا احتياجاتهم المشروعة للأمن تتحقق، كما يحق للفلسطينيين رؤية تطلعاتهم المشروعة إلى دولة مستقلة تتحقق، وذلك بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات ذات الصلة».
ودعا الأمين العام للمنظمة الأممية إلى احترام القانون الإنساني الدولي بما في ذلك اتفاقيات جنيف وبما يشمله ذلك من حماية المدنيين وعدم مهاجمة المستشفيات والمدارس ومباني الأمم المتحدة التي تؤوي حاليا نصف مليون شخص في غزة، لافتا إلى أنه يجب أن تكون الأهداف على المدى القريب واضحة وأن يتم تقديم مساعدات إنسانية فورية وغير مقيدة ومستمرة للمدنيين المحاصرين في غزة والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وبذل جهود فورية ومخلصة لمنع انتشار العنف الذي يزيد من خطر انتشاره».
من جهته، قال الملك الأردني عبد الله الثاني في كلمته: إن «على القيادة الإسرائيلية أن تدرك بشكل نهائي أنه لا يمكن لدولة أن تزدهر أبدا إذا بنيت على أساس من الظلم».
وتابع: «على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، رأينا كيف تحولت أحلام حل الدولتين وآمال جيل كامل إلى يأس. هذه هي سياسة القيادة الإسرائيلية المتشددة، التي بنيت على الأمن بدل السلام، وفرض حقائق جديدة غير شرعية على الأرض تجعل هدف الدولة الفلسطينية المستقلة غير قابل للتطبيق، وفي هذه الأثناء، تسببت بتمكين المتطرفين من الجانبين».
وأضاف: «إن رسالتنا الموحدة للشعب الإسرائيلي يجب أن تكون أننا نريد مستقبلا من السلام والأمن لكم وللفلسطينيين، حيث يعيش أبناؤكم وأبناء الفلسطينيين دون خوف. ومن واجبنا كمجتمع دولي أن نفعل كل ما هو مطلوب لإعادة إطلاق عملية سياسية هادفة يمكنها أن تأخذنا إلى سلام عادل ومستدام على أساس حل الدولتين. إن السبيل الوحيد لمستقبل آمن لشعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع، للمسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء، يبدأ بالإيمان بأن حياة كل إنسان متساوية في القيمة، وينتهي بدولتين، فلسطين وإسرائيل، تتشاركان في الأرض والسلام من النهر إلى البحر».
أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فقد أكد على رفض تهجير الفلسطينيين وشدد «لن نرحل.. لن نرحل وسنبقى صامدين في أرضنا».
إلى ذلك طالب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان المجتمع الدولي بـ»الضغط على إسرائيل لوقف الحصار والعمليات العسكرية»، وقال «نعبر عن خيبة أملنا من عجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ موقف حيال الأزمة الحالية حتى الآن».
وفي السياق نفسه طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ب «التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار ووضع حد للقصف الوحشي الاسرائيلي ضد أهالي قطاع غزة من المدنيين».
وأكد رفض الجامعة لـ»كافة أنواع الاستهداف والعنف ضد المدنيين بدون تمييز .. فكل المدنيين متساوون، والنفس البشرية لها قدسيتها».

بيان الرئاسة المصرية

ولم يصدر بيان ختامي عن المشاركين بل نشرت الرئاسة المصرية بيانا قالت فيها إن بلادها لن تقبل أبدا بـ «دعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات، مستعينة في ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته».
وأضاف البيان: «بدعوة من جمهورية مصر، اجتمع في القاهرة، السبت، قادة ورؤساء حكومات ومبعوثو عدد من الدول الإقليمية والدولية، للتشاور والنظر في سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الذي راح ضحيته آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء منذ اندلاع المواجهات المسلحة في 7 أكتوبر الجاري».
وتابع: «سعت مصر من خلال دعوتها إلى هذه القمة، إلى بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية. توافق محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعي، ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق، ويدعو إلى وقف الحرب الدائرة التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي»، بحسب البيان.
وأكد البيان على «الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات، وإعطاء أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة»، مُحذرا من «مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالي إلى مناطق أخرى في الإقليم».
وأكمل: «تطلعت مصر أيضا إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالميا للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة تُفضي خلال أمد قريب ومنظور إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وأردف: «إن المشهد الدولي عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهاءه بشكل دائم، حيث اكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من ثمانين عاما من الاحتلال الأجنبي، ومحاولات طمس الهوية، وفقدان الأمل».
وزاد البيان: «كما كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات؛ فبينما نرى هرولة وتنافسا على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد ترددا غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر».
وقال إن «الأرواح التي تُزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعبا تحت نيران القصف الجوي على مدار الساعة تقتضي أن تكون استجابة المجتمع الدولي على قدر فداحة الحدث؛ فحق الإنسان الفلسطيني ليس مستثناً ممن شملتهم قواعد القانون الدولي الإنساني أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان».
واستطرد بيان الرئاسة المصرية، قائلا: «الشعب الفلسطيني لا بد أن يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها باقي الشعوب، بدءا بالحق الأسمى، وهو الحق في الحياة، وحقه في أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه، وأن تكون له قبل كل شيء دولة تُجسد هويته ويفخر بالانتماء لها».
وأضاف أن «جمهورية مصر العربية، صاحبة المبادرة بالدعوة إلى قمة السلام، تعرب عن تقديرها العميق للدول والمنظمات التي استجابت لتلبية الدعوة رغم اعتبارات ضيق الوقت».
ووافقت البلدان العربية الممثلة في القمة على البيان المصري، بحسب ما أفاد دبلوماسيون عرب وكالة فرانس برس، فيما «أراد الغرب إدانة واضحة لحماس وتحميلها مسؤولية التصعيد، وإطلاق سراح المختطفين من قبل الحركة»، وفق المصادر نفسها، الامر الذي حال دون صدور بيان ختامي.
إلى ذلك، طالبت رئيس الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بـ»تجنب تصعيد هذه الأزمة، لتجنب فقدان السيطرة على العواقب». مشيرةإلى ضرورة «استئناف المبادرة السياسية لحل بنيوي للأزمة على أساس إقامة دولتين».
وفي السياق نفسه، أكدت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي في قمة السبت «حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم والذي يشمل حل إقامة دولتين».

السعي الغربي إلى إدانة حماس

المسؤولون الأوروبيون سعوا لإدانة «حماس» في البيان الختامي للقمة وهو ما رفضته المجموعة العربية- مواقع التواصل
قالت وسائل إعلام، مساء السبت، إن خلافات بين القادة والأطراف العربية والغربية التي شاركت في «قمة القاهرة للسلام»، حالت دون إصدار بيان ختامي عقب انتهاء أعمال القمة، التي عُقدت في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر من أجل بحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة.
ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر دبلوماسية قولها إن «الخلافات دبت بين المجموعة العربية المشاركة في قمة القاهرة، مع المسؤولين الأوروبيين الحاضرين، وذلك على خلفية «وضع جملة (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها)، وإدانة صريحة لحماس في البيان الختامي».
وظهرت تلك الخلافات داخل الجلسة المُغلقة الخاصة بإصدار البيان الختامي للقمة، طبقا لما أوردته المصادر ذاتها.
ولفتت المصادر إلى أن «هناك اختلافات بين المشاركين في القمة حول المفاهيم والموقف السياسي من أطراف النزاع، مثل الموقف من حركة حماس. لذا، قام ممثلو الغرب المشاركون في القمة بعرقلة صدور البيان الختامي».
وبحسب المصادر، سعى ممثلو الغرب إلى النص صراحة على «إدانة لحركة حماس في البيان الختامي، ورفض إدانة إسرائيل بقتل آلاف المدنيين في غزة، أو المطالبة بوقف عاجل لإطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المُحاصر».


بتاريخ : 23/10/2023